عن مؤسسة دار الوطن العربي للنشر والتوزيع، أصدر الكاتب والإعلامي التونسي علي الخميلي كتابا جديدا بعنوان : “المتلوي… شذرات من الذاكرة”. الكتاب جاء في 373 صفحة، وقدمه الاعر المعروف أصيل قفصة محمد عمار شعابنية.
بقلم شكري الباصومي
الكتاب امتداد للجزء الأول منه الصادر سنة 2008. كان علي الخميلي شاهدا خلال النصين على عصر يعج بالأحداث عامر بالفرحة والألم والأحلام. كان يؤرخ حتى وإن تهيب الأمر وتبرأ من التأريخ مؤكدا أنه ليس مؤرخا ولا وصيا على مدينة المتلوي. جامعا بين أسلوبين يصعب التوليف بينهما الا لمن كان بخفة روح على الخميلي وعمقه.
“المتلوي شذرات من الذاكرة” جنس أدبي متميز يجمع بين الحكاية والتوثيق عبر ذاتية تخترقها المعرفة المرحة. انتظر علي الخميلي كل هذه الفترة ليكتب الجزء الثاني رافضا ركوب صهوة البطولات متمنيا إصدارالجزء الثالث نظرا لغزارة الأحداث والتواريخ.
25 فصلا هي مادة الكتاب يتنقل نبراس أو علي الخميلي عبر عشرات المجالس وعشرات الأشخاص الذين تتصارع أفكارهم. ولعل نبراس لا يتفطن انه بصدد التوثيق لمرحلة بابعادها الاجتماعية والاقتصادية.
أكثرمن مائة شخصية كانت حاضرة في الكتاب: معارضون وموالون فاعلون وغير فاعلين منهم امرأتان أمه طبعا ووالدة أبو العلاء غوار التي تسترت عليه وأخفته وهو مفتش عنه ومطارد.
وفي الكتاب فصول وشهادات قد لا تعجب الشق البورقيبي لما فيها من نقد مثل حدييثه عن شخص عين على راس مصلحة المقاومين التابعة للحزب والكائن بنهج قنبطة الذي سلم بطاقات مقاومين لكل من أوصت السلطة الحاكمة بمنحه بطاقة مقاوم في حين لم ينل المقاومون الحقيقيون أي بطاقة وتم تهميشهم بشكل يدعو إلى الريبة. وينقل نبراس عن المناضلين في المتلوي رفض بورقيبة السلاح من عبد الناصر وقبله الأموال.
علي الخميلي يتحدث بحسرة عن المتلوي على لسان شيوخها : كل شئ فيها كان أفضل حتى محطة أرتالها وحتى لا أتهم بالحنين إلى فرنسا أقو ل إن “ليكونوما” مثلا وهي مغازة كبرى لم تعرفها المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة. و”الساندي فات” ويقصد الشيخ قاعة الأفراح والحديقة العمومية التي كانت بمثابة جنة.
الخميلي لم يغفل خلال الفصول الخمسة والعشرين عن كل الأحداث التي كانت لها صدى في المتلوي بدءا بالحركة الوطنية والنقابية وتفاعلات المناجم والغبن الذي نال المدينة التي كانت محركا مهما وقادحا نحو الثورة. ومن بين الفصول النادرة التي انفلت فيها الخميلي ودغدغ فيها بحياء ذلك المسكوت عنه والمتعلق بالجسد وحاجياته .”البون دامور”، أو وصل الحب : فقد كانت الشركة أو “الكبانية” المنجمية تسلم كل عامل مرسم لديها أربعة وصولات بونوات تخول لأصحابها الاختلاء ببائعات هوى يتم استجلابهن من أوروبا واسيا. ولم يكن كثيرون راضين عن هذا السلوك الذي أقدمت عليه الشركة واصفين الوصولات ب “وصولات الرذيلة”. وقد لجأت الشركة لهذه الخدعة قد تثبت العمال حول المناجم فلا يعودون كل أسبوع إلى زوجاتهم تاركبن أماكن عملهم مؤثرين بذلك على نسق الإنتاج.
شارك رأيك