لعل النهضة أخطأت عندما ظنت بعد أن تمددت داخل هيكل القضاء في عهد وزيرها المشبوه نور الدين البحيري أن حقيقة الإغتيالات السياسية قد ماتت وأن هذا “القضاء” المخترق هو بوليصة التأمين ضد كل الأخطار الذى سيؤمن لها البقاء في الحكم دون مساءلة أو حسيب أو رقيب.
بقلم أحمد الحباسي
افتضح المخفي والمستور وتعرت حركة النهضة من ثيابها وتبين للناظرين والمتابعين وحتى المخالفين للمنطق أن الحركة ليست في حقيقة الأمر و الواقع إلا مجرد فرع مشبوه تابع لجماعة الإخوان المسلمين وأنها تملك جهازها العسكري السري الذي ينفذ الإعتداءات ويهدد المعارضين ويتسلل داخل أجهزة ومؤسسات الدولة ويتنصت ويتابع تحركات واجتماعات السياسيين ويدرب ويسلح الكوادر لساعة الصفر للإنقلاب على الدولة وإعلان دولة الخلافة الموهومة.
عندما خرجت منذ فترة قصيرة هيئة الدفاع عن الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى بكل تلك الوثائق والأدلة والتصريحات والحجج القضائية الدامغة خرج علينا السيد علي العريض رئيس الحكومة ووزير الداخلية السابق من بين من خرجوا من قيادات حركة التنظيم السري وهو من تستر علنا وقصدا وربما أيضا عن سوء نية زمن توليه السلطة على وجود و محتويات الغرفة السوداء داخل وزارته المخترقة من جهاز الأمن الموازي الذي زرعته الحركة داخل أكبر مؤسسة أمنية في البلاد، خرج علينا ليطالب الهيئة بالإتجاه مباشرة للقضاء.
النهضة تضحي بكل الذين ارتبطت معهم بمصالح ظرفية
من المثير للإنتباه أن يخرج الرجل بهذا التصريح وهو أحد قيادات الحركة الذين لا يؤمنون بعلوية القضاء ولا بمؤسسات الدولة وهيبتها ولعله وما بالعهد من قدم قد صرح و بعد توليه رئاسة الحكومة وبتاريخ 12 أكتوبر 2013 عدم التزام حكومته بالتنفيذ الآلي لجملة أحكام الإلغاء التي أصدرتها المحكمة الإدارية في قرارات الإحالة على التقاعد الوجوبي التي شملت قيادات أمنية وذكر “ان وزارة الداخلية ستقيّم الأحكام بحسب الحالات لتنتهي إلى عدم تطبيق القرارات القضائية القاضية بإرجاع إطارات أمنية للعمل متى كان لديها معطيات تفيد بتعارض هذا الإرجاع مع المصلحة العامة.
يعنى بالعربى الفصيح أنه السلطة الوحيدة التي تتهم وتقيل الإطارات الأمنية والسلطة الوحيدة التي ترفض أحكام القضاء ولا تنصف المتضرر من تسلطها إلا حسب مزاجها أو بعد أن يقدم ولاء الطاعة للحركة ويتعهد بالصمت المطبق على كل جرائمها وخرقها للقوانين وضربها لمؤسسات الدولة واختراقها.
إن إصرار حركة النهضة على الخطأ و الخطيئة وراء مؤامراتها التي لا تنتهى ووراء مضرتها للمواطنين بل أن قيادتها تمارس مغالطة غريبة وعجيبة مع الذات ومع الاخرين بشكل لا يصدقه عقل وازن رصين وفي تحليل مهم للصحفى سفيان بن فرحات قول بأن النهضة ستضحي برئيس الحكومة بعد أن ضحـت سابقا وعلنا بالمنصف المرزوقي وبمصطفى بن جعفر وبحمادى الجبالى وبكثير من الذين ارتبطت معهم بمصالح ظرفية.
الحركة الإسلامية تسعى دائما للتهرب من مسؤوليتها الجنائية والأخلاقية والإنسانية
يحسب البعض ان حركة النهضة تؤمن بالقضاء و القانون وأن قادتها يسلكون سبيلا واحدا نحن نسلكه للوصول إلى الحقيقة ولكن مجرد الإيعاز لزبانيتها بفرم الوثائق التي صودرت بمنزل عضوها مصطفى خضر المحكوم ب 8 سنوات سجن في قضية غامضة و محاطة بالسرية أو بإتلافها أو بالتستر عليها وعدم تقديمها للقضاء أو الإيعاز للقضاء بفرزها وعدم الأخذ بالمهم فيها والقضاء حسب الهوى والتعليمات هو دليل لتضافر قوى أكدته هيئة الدفاع على أن هذه الحركة لا تؤمن بالقضاء وتسعى دائما للتهرب من مسؤوليتها الجنائية والأخلاقية والإنسانية بدليل ما حدث وما نسمعه من تصريحات قبيحة لكبار مسؤوليها في منابر الإعلام دون حمرة خجل أو مجرد اعتذار.
من المهم اليوم أن نواجه هؤلاء القوم بأن عملية الفرز الذهنية والشعبية قد بدأت لفك طلاسم وألغاز هذا الجهاز العسكري السري وهي لحظة تاريخية فارقة في المسار السياسي للوطن ولا شك أنها من أصعب اللحظات في تاريخ الإنتقال السياسي الذي فرضته الثورة وما هي إلا لحظات قبل الإعلان النهائي عن نتائج التحقيق وهي أسابيع تعد بالدقائق بل دقائق تعد بالساعات ولقد بدأت خيوط اللعبة القذرة التي مارستها الحركة طيلة سنوات تنكشف شيئا فشيئا و بدأ الجميع يتخلصون من الخوف و من “بوتليس” اسمه حركة النهضة ليقدموا لهيئة الدفاع وللوطن شهادات وأدلة مرعبة عن هذا الأخطبوط و الورم الخبيث الذى أصاب الدولة و أنهك مؤسساتها واغتال ابناءها.
حقيقة الإغتيالات لم تمت و ساعة الحقيقة قد دقت
ربما تظن حركة النهضة انها ستخرج من مباراة الحقيقة بدون قبول أهداف وربما تظن الحركة أن الحكم سينحاز إليها هذه المرة بعد تلقي الرشاوي وربما تظن الحركة اننا سنلتجئ لتقنية “الفار VAR” لمعرفة الحقيقة كما فعل الحكم الجزائرى السيء الصيت مهدى عبيد شارف في ذات مباراة كروية مشبوهة بين فريق الأهلي المصري وفريق الترجي الرياضي التونسي.
اليوم وقفت الزنقة للهارب حتما وبالضرورة ولم يعد هناك مجال لمزيد إضاعة الوقت بعد أن انتهى الوقت المبدد لمباراة تمت فيها جريمة دولة باغتيال الشهيدين ولعل النهضة قد ظنت بعد أن تمددت داخل هيكل القضاء في عهد وزيرها المشبوه نور الدين البحيري أن حقيقة الإغتيال قد ماتت وأن هذا “القضاء” المخترق هو بوليصة التأمين ضد كل الأخطار الذى سيؤمن لها البقاء في الحكم دون مساءلة أو حسيب أو رقيب.
لقد باتت معركة الشعب أو معركة الأغلبية “لتقرير المصير” على الأبواب لتهيئة الظروف المناسبة لمحاسبة هذه الحركة عن كل أدران و خطايا سنوات حكمها بعد الثورة بل لنقل أن الحركة باتت تشهد حالة من القلق والإرتباك بادية للعيان لدى قيادتها و لعل تصريح عبد الحميد الجلاصي الأخير وتصريح راشد الغنوشي الذي سبقه يمثلان عينة من حالة الإحتضار التي تعيشها الحركة.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس:
لأن كل شيء “موازى” عند حركة النهضة فهي كاذبة دوما فلا تصدقوها
قضية الجهاز العسكري السري تربك حركة النهضة : الغنوشي على صفيح ساخن
شارك رأيك