حركة النهضة هي من أرادت إبعاد برهان بسيس من واجهة الأحداث باعتباره المتحدث بلسان ابن الرئيس حافظ قايد السبسي الذي يراد له أن يبقى بلا لسان في فترة حساسة يحتاج فيها إلى كل حواسه مجتمعة حتى يواجه مصيره المحتوم بالخروج من السياسة جارا أذيال الخيبة.
بقلم أحمد الحباسي
هل سيخرج برهان بسيس من السجن فعلا؟ هل صحيح أنه سيتمتع بعفو خاص من رئيس الجمهورية؟ هذه لأسئلة تطرح منذ ساعات في كل مساحات التواصل الاجتماعي وفي المقاهي وحتى في مكاتب الإدارة، حيث تحول ملف الرجل إلى قضية رأي عام ودائرة نقاش موسعة ولعله قد أصبح من قدر هذه البلاد وهذا الشعب المنهك أن يعيش يوميا على الإشاعات وعلى “تشقشيق الحنك” لهؤلاء السياسيين المفلسين الذين يعيشون على فتات أموال اللوبيات الداخلية والسفارات الأجنبية وما تجود به بعض دكاكين المخابرات الأمريكية المفتوحة تحت يافطة الدفاع عن حقوق الانسان ونشر الديمقراطية.
طبعا أنا لا يهمني خروج الرجل أو بقاءه بالسجن ولست مندفعا للتعاطف معه لأن القناعة عندى راسخة بأن ممارسة السياسة فيها الغنم وفيها الغرم ويوم لك ويوم عليك كما تقول أغنية الفنانة التونسية الراحلة ذكرى محمد، لكن من الواجب أن نتساءل لماذا تم التعامل مع هذا القيادي في نداء تونس بتلك الطريقة المشبوهة سواء عند انطلاق التتبع الجزائي أو عند المحاكمة أو عند تنفيذ الحكم الاستئنافي ومن هي الأطراف التي دفعت بالرجل إلى السجن بعد لحظات قليلة من صدور حكم تم إكساؤه على عجل بالنفاذ العاجل في مخالفة صريحة للمبدأ القانوني المستقر، لا يضار طاعن بطعنه.
النية المبيتة لقضاء نورالدين البحيري
نحن نعلم أن التتبع الجزائي في القضية قد انطلق بطلب من بعض الأشخاص المحسوبين على حركة النهضة وهذا التتبع قد تم بالإيعاز من أطراف قياديين في حركة النهضة أرادت لبرهان شرا بعد أن كان الخادم الأمين للرئيس المعزول زين العابدين بن علي وكان لسانه الفتاك في مواجهة مشروع الحركة وما يسمى بمشروع الإسلام السياسي في تونس الذي تديره جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبعض أجهزة المخابرات في الخليج.
لعل من تابع بدقة أطوار هذا الملف قد انتبه أن النية القضائية أو نية قضاء نورالدين البحيري قد كانت مبيتة من البداية لتحويل الرجل إلى سجن المرناقية مهما قدم من وسائل دفاع أو قام بخلاص ما أنتجه الإختبار المجرى في القضية ولعل قضاء المحكمة بسجن الرجل مدة عامين كاملين رغم خلاصه للأموال المطلوبة وثبوت أن توليه المنصب في تلك الشركة قد كان بسعي من سلطة نظام بن علي التي كانت لها كلمة لا تصد و لا ترد.
المثير في الحكاية أن الرجل قد استأنف هذا الحكم لطلب نقضه أو على الأقل الإكتفاء بتأجيل العقاب البدني لكن محكمة الدرجة الثانية لم تشأ إلا أن تفضح تورطها في لعب الكواليس والتعليمات وزاد تعكير حالة المستأنف بإكساء قضائها بالنفاذ العاجل في مخالفة لإجراءات الفصل 216 من مجلة الإجراءات الجزائية.
نأتى الان الى الموضوع الأهم في ملف برهان بسيس وهو الإتهام القبيح الموجه من بعض إعلام الشطح والردح إياهم والذي يتهم رئيس الحكومة بكونه من يقف وراء ما وقع للرجل بعلة أنه يقف موقفا معارضا من سياسة الحكومة وهو من يقف وراء الخلاف بين ابن الرئيس، حافظ قائد السبسى، وابن الرئيس “الثانى”، رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
هذه الترهات التي يلقيها البعض على مسامع العامة هدفها الوحيد ضرب موقع رئاسة الحكومة والإيحاء للمواطن بكون السيد يوسف الشاهد هو رجل الألعاب القذرة ومحاولات ضرب القضاء لاستعماله لخاصة مشروعه السياسى الذى تحدث عنه الجميع في كل المنابر إلا المعنى بالأمر نفسه ولعله من المناسب اليوم أن نلفت نظر رئاسة الحكومة إلى مشكلة سوء التواصل الإعلامى في كثير من الملفات التي تمت معالجتها برعونة زائدة من مستشاري رئاسة الحكومة ومن كلفهم بالإعلام.
هذا الافتقار إلى منظومة اتصالية بارعة في طرح المواضيع و تقديم الإجابات السريعة والدقيقة و المقنعة يجب أن يكون أحد الأولويات في الأسابيع القادمة لأنه و الحق يقال لا أحد يحمل فكرة دقيقة و واضحة عن كامل المجهودات الإيجابية التي تحققت.
المتحدث بلسان ابن الرئيس الذي يراد له أن يبقى بلا لسان
لقد تصاعدت في الأسابيع الأخيرة بعض التصريحات من هنا و هناك والتي مفادها أن رئيس الحكومة يسعى للانقلاب على الحكم وأنه يستغل موقعه لضرب المعارضين وأنه يسعى لتلميع صورته باتخاذ قرارات خادعة للرأي العام وأنه قد أعفى مؤخرا السيد المهدي بن غربية والسيدة ماجدولين الشارني وقرب إليه السيد سليم العزابى في سعى واضح للتخطيط لمستقبله السياسي والنجاح في الإنتخابات الرئاسية لسنة 2019.
كل هذه الحكايات يقابلها الرجل بصمت مثير للإنتباه مما يطرح عديد الأسئلة من بينها بالخصوص هل أن الصمت هو علامة الرضا كما نعرف أم هو صمت الساخر أم صمت الشخص المتحفز الذى ينتظر اللحظة الصفر لإعلان مواقفه مستغلا ارتباك خصومه؟
كل الإحتمالات جائزة لمن يعرف الرجل عن قرب كما يؤكد عديد الملاحظين لكن كل هؤلاء المراقبين يجمعون على أن رئيس الحكومة ليس الرجل الذى يطلق الرصاص على سيارات الإسعاف وليس رجل الدولة الذي يسعى الى ضرب خصومه بأسلحة الغدر والمكر السياسية في غمز واضح لقضية السيد برهان بسيس.
كل الملاحظين بالعكس يؤكدون أن حركة النهضة هي من أرادت إبعاد برهان بسيس من واجهة الأحداث باعتباره المتحدث بلسان ابن الرئيس الذي يراد له أن يبقى بلا لسان في فترة حساسة يحتاج فيه هذا الإبن الذي تحول إلى حمولة زائدة في المشهد السياسي إلى كل حواسه مجتمعة حتى يواجه مصيره المحتوم بالخروج من السياسة جارا أذيال الخيبة.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
شكيب الدرويش دون كيشوت جديد أو قصة أحمق ظن نفسه في مهمة مقدسة
إلى متى سيظل سر الإغتيالات السياسية في تونس مكتوما والنهضة متربعة في السلطة؟
لأن كل شيء “موازى” عند حركة النهضة فهي كاذبة دوما فلا تصدقوها
شارك رأيك