المطلوب اليوم من يوسف الشاهد ليثبت أنه رجل دولة فعلا يستحق الجلوس في المقاعد الأمامية أن يصل لسدة الحكم بالأغلبية المطلوبة ويخلص الشعب من الفيروس النهضاوي بالطريقة الديمقراطية تجنبا للدم… وذلك حتى لا يترك الفرصة للجهاز العسكري السري للحركة الإسلامية لكي يلتف حول عنقه.
بقلم أحمد الحباسي
حين تخرج هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمى بكل تلك الوثائق المرعبة التي تكشف عن وجود جهاز عسكري سرى تابع لحركة النهضة مهمته اغتيال المعارضين والتغلغل في المؤسستين الأمنية والعسكرية والتخابر مع أجهزة مخابرات أجنبية وتدريب وتجهيز عناصر إرهابية للتصنت ومتابعة المعارضين للحركة تخرج أسئلة على لسان قيادة الحركة وإعلامها المشبوه.
من باب التعجيز وإتلاف الحقائق والإلتفاف عليها
بطبيعة الحال ليست أسئلة للبحث عن الحقيقة ولا حبا في انتصارها ولا تنويرا للمتابع الذي لا يزال يتساءل عن هوية القتلة ومن يقف وراءهم بل من حرضهم على هذه الجرائم النكراء، أسئلة من نوع : من أين تحصلت اللجنة على كل هذه الوثائق ولماذا الآن ومن يقف وراء الهيئة؟ في الحقيقة هي أسئلة تشبه تماما ذلك السؤال الأبله الغبي الذي يسأل في مسابقات المدارس الإبتدائية من باب التعجيز وإتلاف الحقائق والإلتفاف عليها : ما اسم الذئب الذي أكل سيدنا يوسف عليه السلام؟
حين يوجه قادة حركة النهضة مثل هذه الأسئلة السخيفة المنافقة وسط مجموعة من الإفتراءات والترهات الأخرى فهم مقتنعون داخل عقلهم الباطن بأن محاورهم المقابل الذي طرحوا عليه مثل تلك الأسئلة قد بدأ في البحث و التفكير في الإجابة ومحاولة تذكر إسم الذئب وهو على قناعة واهمة أن ذلك الإسم قد مر عليه من قبل في إحدى الكتب أو المجلات ولكنه نسيه، هو تكتيك استقر عليه العقل النهضاوي المدبر منذ نشأة تنظيم الإخوان المسلمين زمن المرشد حسن البنا إلى يوم الناس هذا وهو تكتيك يسعى إلى ترسيخ معلومات خاطئة و طرح أسئلة مستفزة والبحث عن مناورات جدلية من خلال طرق غير مباشرة باستخدام طريقة “إسم الذئب” التي تكون أكثر نجاعة حين يتم استخدامها بالتوازي مع تكتيك مبتدع أسموه “بكاء إخوة يوسف”، حينها يصبح المتابع مأخوذا بالصدمة الفكرية فيسعى جاهدا لمعرفة اسم الذئب دون الإنتباه إلى أنه لا يوجد ذئب من الأساس بل هي حركة بهلوانية فكرية أنتجها عقل باطن تم تنويمه مغناطيسيا على طريقة عملية غسيل مخ مبتكرة يبرع فيها فكر الإخوان.
هذه المرة لم يستطع قادة النهضة تعويم الإتهام أو التعتيم عليه أو إخافة مطلقيه وهذه المرة وجدت الحركة نفسها في مواجهة رأي عام كاره و معاد إليها بشكل فاضح واضح خاصة وقد اتهمها الجميع بكونها سبب عرقلة الثورة وضرب مطالبها وإتاحة الفرصة لإرهاب الإخوان لضرب مؤسسات الدولة وتخريب الإقتصاد عمدا و بلا رأفة.
لذلك بهت قادة الحركة من حالة النفور الجمعية التي واجهتهم في مساحات الإعلام وربما انتبهوا على تلك الشعارات التي رفعتها الآلاف في ساحة باردو في اعتصام الإتحاد التونسي للشغل : “غنوشى يا سفاح يا قاتل الأرواح “، لعل مرشد الإخوان راشد الغنوشى لم ينم تلك الليلة بسبب كل الكوابيس المرعبة التي حاصرته وجعلته يشعر بما شعر به زمن اعتصام باردو و ما تلاه من سقوط حكومة على العريض ذلك السقوط الذي جعل الإخوان في تونس ينتفضون خوفا من مصير حالك ينتظرهم ربما يردهم إلى سجون ألفوها سنوات و سنوات.
لا يمكن لرئيس الحكومة أن يتجاهل طويلا قضية الجهاز السري لحركة النهضة
لعل مشكلة الإخوان في تونس أنهم ينتقلون من البارد إلى الساخن بسرعة كما يقال ولذلك لا يستقر لهم خطاب ولا تتضح إليهم رؤية فقد خرجوا علينا زهوا وخيلاء بعد الإنتخابات البلدية ولكنهم صدموا بما نشرته هيئة الدفاع فرجعوا قليلا إلى خطاب العقل والتمسك بحكم القضاء بعد أن كانوا على وشك إعلان الإنقلاب على الدولة بعد إن انقلبوا على رئيسها في تلك الزيارة المشؤومة لمرشدهم إلى قصر قرطاج وإعلان طلاق بائن بينه وبين حليفهم رئيس الدولة.
في خطابه الأخير للشعب على قناة التاسعة رد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بانتسابه إلى فكر المرحوم حسيب بن عمار، كانت الإشارة واضحة إلى أن الإختلاف الفكري بينه وبين فكر الإخوان مسافته آلاف سنوات ضوئية.
هذه أول مرة يكون التصريح بمثل تلك الصراحة و لكن يبقى الشعب في انتظار وضع ذلك الشعار على أرض الواقع وذلك بالبحث عن الطريقة الديمقراطية الشعبية التي تتيح التخلص من هذا الورم الخبيث كما سماه النائب محمود البارودى.
بطبيعة الحال لا يمكن لرئيس الحكومة أن لا ينشغل من حزب تتحدث كل الأدلة والتصريحات من داخله أو من خارجه على كونه يمتلك جهازا عسكريا سريا يسعى لضرب مؤسسات الدولة واغتيال المعارضين واستلام السلطة بالقوة ولا يمكنه أن يتجاهل كل التصريحات المتشنجة الصادرة عن هذا الحزب والتي تعد الشعب بالويل والثبور و عظائم الأمور لو سقط حكم النهضة.
هذه المرة يحتاج رئيس الحكومة للشعب للوصول لسدة الحكم بالأغلبية المطلوبة والشعب يحتاج إلى من يخلصه من الفيروس بالطريقة الديمقراطية تجنبا للدم.
لذلك فان المطلوب اليوم ليس سهلا ولا مستحيلا في نفس الوقت والفرصة مواتية للسيد يوسف الشاهد ليثبت أنه رجل دولة فعلا يستحق الجلوس في المقاعد الأمامية أم سيبقى رهينة لدى حزب الموت ليلقى مصيرا غامضا بعد أن يلتف الجهاز العسكري السري للحركة الإرهابية حول عنقه ليلقى نهايات مرعبة.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
إلى متى سيظل سر الإغتيالات السياسية في تونس مكتوما والنهضة متربعة في السلطة؟
لأن كل شيء “موازى” عند حركة النهضة فهي كاذبة دوما فلا تصدقوها
شارك رأيك