الجلسة الاولى للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة في بيروت.
تشهد بيروت اليوم 19 جانفي 2019 وصول الوفود العربية للحضور للقمة العربية التنموية الإقتصادية والإجتماعية الرابعة مع وجود شبه مقاطعة من قبل الرؤساء والملوك لهذه الدورة.
بقلم فوزي العبيدي
حتى الباجي قائد السبسي بعد أن كان مقررا حضوره سوف يحضر وزير الخارجية خميس الجهيناوي هذه الدورة الاقتصادية الرابعة بعد كل من دورة الكويت سنة 2009 والثانية في شرم الشيخ في مصر عام 2011، والثالثة في الرياض عام 2013 حيث تم تسجيل مشاركة 850 إعلامياً عربياً وأجنبياً.
لهذا سعت الدولة المستظيفة إلى توفير متطلبات نجاحها بغية إستعادة ثقة المستثمرين العرب خاصة بعد دعوات المقاطعة للبنان على خلفيات سياسية مرتبطة بالحرب في سوريا ووقوف حزب الله إلى جانب النظام السوري ولكن هذا يصطدم بواقع عربي معقد.
وضع لبناني يعكس الوضع العربي المتأزم
لا يختلف إثنان في أن العالم العربي وصل إلى درجة من الإنحطاط لم يشهدها منذ حقبة الإستعمار بل إذا لم يكن دخلها بأشكال أخرى فالأغلبية الساحقة من الدول العربية تعيش تحت نفوذ دول عالمية أو إقليمية مما جعل قرارها الوطني مرهون للخارج إضافة إلى الحروب بكل من سوريا، اليمن وليبيا والأزمات الإقتصادية التي تعيشها بقية الدول إضافة للخلافات الخليجية.
الوضع اللبناني هو وضع جد معقد مع وجود توازنات هشة في بلاد دون حكومة منذ تسعة أشهر فرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فشل في تكوين حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطراف السياسية نتيجة الخلافات حول أحجام التمثيل والمحاصصة الحزبية مما أثقل البلاد في مشاكل إقتصادية مزمنة كانت سببا في عديد الإحتجاجات الشعبية التي تعيشها بيروت هذه الأيام زادتها حرب البيانات الأخيرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ونبيه بري حول المشاركة الليبية.
الملف الليبي يثقل الأجواء
المشكلة الليبية من ناحية واللبنانية المتمثلة أساسا في حركة أمل بقيادة زعيمها نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني التي ترجع إلى قضية إختفاء الإمام موسى الصدر الزعيم الروحي لحركة أمل وذلك إبان سفره إلى ليبيا لمقابلة معمر القذافي سنة 1978 ومنذ ذلك الوقت والحركة تطالب بالكشف عن مصير زعيمها وبعد سقوط نظام القذافي أصبحت الحركة تطالب السلطات الجديدة بطرابلس الغرب بضرورة الكشف عن حقيقة إختفاء موسى الصدر والمسؤولين عن ذلك وقد ألقى هذا الموضوع الشائك بضلاله على القمة حيث عبرت حركة أمل عن رفضها حضور أعضاء الوفد الليبي ولو بالقوة وقد قام مناصروا الحركة بحرق العلم الليبي في تظاهرة وسط بيروت منددة بإستدعاء ليبيا لحضور القمة من طرف رئاسة الجمهورية اللبنانية . هذه الأحداث دفعت وزير خارجية ليبيا محمد سيالة إلى إعلان أن بلاده لن تشارك في القمة الاقتصادية العربية في بيروت.
الملف السوري يفرق الصف العربي
سوريا هي الغائب الحاضر في هذه القمة فبعد أن كانت هناك محاولات وجس نبض لإستدعاء سوريا ممثلة في رئيسها بشار الأسد، تم التراجع عن هذا القرار خشية وجود مقاطعة للقمة لوجود خلافات وإنقسامات عميقة تجاه هذا الأمر بين الدول العربية فبينما هناك دول عربية مؤيدة لعودة سوريا لحاضنتها العربية هناك دول ترى أن الوقت لم يحن وأن هذا الأمر فيه إعطاء شرعية لنظام بشار الأسد وهذا الموضوع أثار إنقسام حاد داخل المجتمع اللبناني وقد عبر العديد أن إعتراض حركة أمل على الحضور الليبي مربوط بعدم توجيه الدعوة للجانب السوري مما دفع التيار الوطني الحر وهو حزب رئيس الجمهورية إلى وصف حركة أمل بالمزايدة تجاه سوريا.
الملفات التي ستبحث
من أهم الملفات الأربع والعشرين التي ستنظر فيها القمة الإقتصادية هي مشروع الإستراتيجية العربية للتمكين الاقتصادي والإجتماعي للمرأة في المناطق الريفية (وهو مقترح تونسي)، الإستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء في المنطقة العربية، والعقد العربي لحقوق الإنسان 2019-2029، والدورة الرياضية العربية الرابعة عشرة للألعاب الرياضية عام 2021، تقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل الإقتصادي والإجتماعي والتنموي العربي المشترك، وتقرير حول متابعة تنفيذ قرارات القمم العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة بالرياض 2013، وملحق خاص بالانعقاد الدوري للقمة العربية التنموية بناء على قرار من المجلس الاقتصادي والاجتماعي و منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واستكمال متطلبات إقامة الاتحاد الجمركي العربي.
دورة ترحل خلافاتها إلى دورة تونس
هذه الدورة المنقوصة والتي كتب لها الفشل قبل البداية تبقى مهمة بالنسبة لنا في تونس بإعتبارها تأتي قبل حوالي شهرين من عقد القمة العربية بتونس في مارس المقبل حيث أن هذه الدورة رحلت الخلافات الكبرى كالملف السوري والملف الخليجي واليمني إلى دورة تونس وهذا ما يفرض على تونس الإعداد الجيد في ظل هذه الظروف لهذه القمة و التشاور وعدم الدخول في منطق المحاور تحقيقا للمصلحة العليا للبلاد التونسية.
شارك رأيك