يبدو أن أزمة الزيادة في أجور أجراء الوظيفة العمومية المندلعة بين حكومة يوسف الشاهد والإتحاد العام التونسي للشغل- أكبر نقابة عمالية في البلاد – تتجه نحو الإنفراج بعد تقارب رغبة الطرفين في الخروج من الأزمة بأخف الأضرار.
بقلم عمّـار قـردود
هذا الإنفراج المأمول يأتي بعد تصعيد غير مسبوق بين الطرفين خلال الأيام الماضية أدت إلى تنظيم أكبر إضراب عن العمل في تونس منذ الإستقلال يوم 17 جانفي الجاري، شل حركة النقل البري والبحري والجوي وشمل كافة القطاعات الحكومية الحيوية.
فقد أعلن وزير الشؤون الاجتماعية التونسي، محمد الطرابلسي، أمس الاثنين 21 جانفي، إن الحكومة “أقرب اليوم من أي وقت مضى لإبرام الإتفاق بخصوص الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية”، معلنًا أن اجتماعًا سيعقد خلال الأسبوع الجاري بين الحكومة واتحاد الشغل.
الخلاف بين النقابة والحكومة في طريقه إلى الحل
وأكد الطرابلسي، في تصريح إعلامي، على هامش انعقاد جلسة عامة بمجلس نواب الشعب، حصول اتفاق على مبلغ الزيادة التي طالب بها الإتحاد، لافتًا إلى أن الإشكال الذي ما يزال قائمًا يتعلق بموعد صرف هذه الزيادة واحتساب المفعول الرجعي.
وذكر بأن رئيس الحكومة أعطى الضوء الأخضر لدعوة اللجان المكلفة بالتفاوض للاجتماع هذا الأسبوع، في إطار جلسة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص الزيادة في أجور الوظيفة العمومية وقد بدأ هذا الإجتماع فعلا اليوم بين ممثلين عن الطرفيين.
الإعلان عن التوصل إلى تسوية أو إتفاق بين الحكومة والنقابات جاء في أعقاب لقاء دار بين الرئيس الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، أمس الإثنين بقصر قرطاج.
و بالرغم من أن بيان الرئاسة التونسية إقتصر على الإشارة إلى أن لقاء السبسي والشاهد “تناول الوضع العام بالبلاد”، دون ذكر تفاصيل أخرى. إلا أن الرئيس السبسي قد يكون إتفق مع الشاهد على ضرورة الإستجابة لمطالب الإتحاد العام التونسي للشغل والرفع من الأجور دون الإخلال بالتوازنات المالية للبلاد، وإن كانت بعض المصادر المقربة تِؤكد أن المسألة لم تطرح خلال اللقاء بين الرجلين الذي لم يدم سوى دقائق قليلة أعلم خلالها رئيس الحكومة رئيس الدولة بسفره اليوم إلى القمة الإقتصادية بدافوس في سويسرا.
إتحاد الشغل قد يُعلن عن إلغاء إضراب يومي 20 و21 فيفري المقبل
و بناءًا على الإتفاق المنتظر بين الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل، فإنه من المتوقع أن يُعلن هذا الأخير إلغاء الإضراب العام عن العمل في الوظيفة العمومية والقطاع العام لمدة يومين الذي كان مقررًا في فيفري القادم بعد إستجابة الحكومة لمطالب الزيادة في الأجور وبعد ارتفاع الإنتقادات للنقابة من طرف عدد كبير من التونسيين الذين يرون أنها ذهبت بعيدا في سياستها المطلبية المجحفة بينما ميزانية الدولة لم تعد تتحمل أعباءا إضافية.
و كانت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل قد قررت إضرابًا عامًا في الوظيفة العمومية والقطاع العام يومي 20 و21 فيفري المقبل.
وهو الإضراب الثالث من نوعه منذ شهر نوفمبر الماضي. واستنكرت هيئة نور الدين الطبوبي، السبت المنصرم، في بيان لها، ما اعتبرته “إصرار الحكومة على عدم الاستجابة لمطلب الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية، واستمرار التملص من التزاماتها بعدم تطبيق أغلب بنود الاتفاق في القطاع العام”.
رئيس الحكومة الذي يتهمه الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ قرارات وتوصيات صندوق النقد الدولي القاسية و غير الشعبية بحذافرها، ضاربًا عرض الحائط تدهور القدرة الشرائية للتونسيين، قال بعد الفشل في التوصل إلى إتفاق مع الإتحاد يتعلق بالزيادة في أجور عمال الوظيفة العمومية: “إن الحكومة قدمت مقترحات جدية لتجنب الإضراب، مقترحات تحسن القدرة الشرائية للمواطنين وتراعي في الوقت نفسه وضعية ميزانية الدولة وإمكانيات البلاد”. وهو ماأكده وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، وهو أمين عام مساعد لإتحاد الشغل، الذي أكد في تصريحات صحفية أن “الاتحاد والحكومة حاليًا أقرب من أي وقت مضى لتوقيع اتفاقية الزيادة في الأجور”.
شارك رأيك