لقد بليت تونس في تاريخها بعديد القادة الحاقدين من أمثال صاحب الحمار أبي يزيد مخلد الخارجي مراد الثالث وأبي الحسن الحفصي وغيرهم والخوف اليوم هو تنامي ذاك الكم الهائل من الحقد والكراهية الذي تختزله بعض النفوس المريضة في مجتمعنا، والتي تدعي “الثورجية” و”الحقوقجية” وتتظاهر بتبني قيم الحرية والديمقراطية، وهي لاهم لها سوى الإنتقام.
بقلم مصطفى عطية *
كشف الجدال الهستيري، سواء في مجلس نواب الشعب أو المنابر الإعلامية، عن ظاهرة خطيرة وتتمثل في ذاك الكم الهائل من الحقد والكراهية الذي تختزله بعض النفوس المريضة في مجتمعنا، والتي تدعي “الثورجية” و”الحقوقجية” وتتظاهر بتبني قيم الحرية والديمقراطية، في حين أنها تعمل جاهدة على إضرام نيران الإحتقان والتحريض على بث الفتن، وإن كنا على يقين من وجود هذه الظاهرة في كل مناطق العالم وعلى مر الأزمنة ولو بأشكال متفاوتة، فإن تضخمها في بلادنا بذاك الشكل المرعب أصبح مصدر قلق حقيقي.
ٱنتشار الفوضى والإنفلات والمزايدات الشعبوية الرخيصة
صحيح إننا لسنا “أمة وسط وٱعتدال وتسامح” كما دأبوا على تلقيننا منذ عشرات السنين، وقد أثبتت السنوات الثماني الماضية هذه الحقيقة بعد إنفجار ما كان مكبوتا وممنوعا ومعتما عليه لغياب الردع وٱنتشار الفوضى والإنفلات والمزايدات الشعبوية الرخيصة…
صحيح ، أيضا، إنه لو عدنا إلى تاربخنا وتمعنا في الفترات الحالكة منه، وهي عديدة ومرعبة، وكم حاولنا إخفاءها وطمسها والتعتيم عليها، فسوف نصاب بالصدمة، فقبل الفتح الإسلامي إرتمى الشعب التونسي بين أحضان المسيحية الدوناتية والأريوسية وتدثر بتطرفهما، وفي العصر الإسلامي إنساق وراء مشعوذ من الخوارج يدعى أبا يزيد مخلد الخارجي ويلقب “تحقيرا وٱستخفافا” ب”صاحب الحمار”. يقول إبن حماد عن هذا الثائر المشعوذ : “كان يرى الجمع بين الأختين بملك اليمين”، وأورد عماد الدين إدريس في عيون الأخبار وفنون الآثار إن صبية قالت لأبيها: “يا أبتاه أقتلني وٱستر علي وعلى نفسك وهذا أبو يزيد قد إفتضني وأختي على فراش واحدة.” وأجاب صاحب الحمار على هذه التهمة بالقول: “إن في مذهبي أن أجمع الأخوات المملوكات، وهاتان مملوكتان من سبايا وذراري المشركين”، ويضيف إبن حماد أن أبا عمار الأعمى عاتبه : “إفتضضت الأبكار حتى أحبلت ثماني عشرة إمرأة هن الآن مقيمات في معسكرك” !!! وقد دفع الحقد الأعمى بمراد الثالث إلى دك العديد من المدن إنتقاما وثأرا كذلك فعل علي باشا والصادق باي وغيرهم…
لقد عانت بلادنا طويلا من الأحقاد حتى جاء الإستقلال وٱنبعثت الدولة الحديثة بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة الذي كرس جهده للقضاء هلى هذه الظاهرة الدنيئة وحقق في ذلك نجاحات كبيرة يشهد بها القاصي والداني.
قوى الحقد والكراهية التي شوهت صورة البلاد ولطختها بأوحال العار
إن مأساة بعض “الحقوقجيين” و”الثورجيين” و”الشعبويين” و “الإنتهازيين” المتعودين على الإنتفاعية الرخيصة والمتدثرين بجمعيات مشبوهة الأهداف والمقاصد، هي أنهم يعتبرون تصرفاتهم المسترابة على حساب أمن البلاد ومصالح الشعب معبرا آمنا للتموقع على الساحتين الإعلامية والسياسية كدعاة حريات وقيم في حين أن الحقيقة خلاف ذلك تماما لأن الشعب تفطن لمثل هذه الممارسات وفضح أهدافها ومقاصدها وأعلن جاهزيته الكاملة للتصدي وهو موقف دفاعي من شأنه أن يدحر قوى الحقد والكراهية التي تنامت بشكل مفزع وشوهت صورة البلاد ولطختها بأوحال العار.
الآن وفد سقط أحفاد صاحب الحمار ومراد الثالث وأبي الحسن الحفصي وكل الحاقدين المسكونين بنزعة الشر فإن المعركة مازالت متواصلة لٱجتثاث هذه الظاهرة من مجتمعنا. لن يكون الأمر يسيرا لأسباب عديدة منها بالخصوص قدرة هذه المجموعات الحاقدة على التموقع من جديد بالرغم من قلة عددها وٱفتضاح أمرها وسقوط آخر أقنعتها، وذلك لٱرتباطها بلوبيات الفوضى والإنفلات وبأجندات خارجية لم تعد خافية على أحد، بالإضافة إلى إنتفاعها بحيز كبير من إهتمام إعلام الإثارة الرخيصة، ها هم يرتعون في بلاتوهات الإذاعات والتلفزيونات بالطريقة الفلكلورية ذاتها التي رتعوا بها في رحاب مجلس نواب الشعب !
لذلك لا بد من وضع كل هذه العناصر والمعطيات في الإعتبار تأمينا لكسب بقية المعارك وهي عديدة وعسيرة .
* صحفي وكاتب.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس:
للتأمل فقط : هوس الكراسي في مزالق المنصف المرزوقي والعهر السياسي
للتأمل فقط : “حجيج مونبليزير”، أو عندما يهرع التجمعيون إلى إنقاذ حركة النهضة !
للتأمل فقط : الإضراب العام في تونس بين الإفلاس السياسي و”التوحش” المطلبي
شارك رأيك