احتلّت تونس في مؤشر الحرية الإقتصادية لعام 2019 المرتبة 125 عالميًا من أصل 186 دولة، وجاءت في المركز الثالث مغاربيًا والعاشر بين 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في هذا التقرير الذي تصدره سنويا مؤسسة “هيرتيج” الأمريكية، وهو ما يشير أن تونس في تحليل هذه المؤسسة تفتقد بشكل كبير للحرية الإقتصادية.
بقلم عمّــار قـردود
وتبلغ درجة الحرية الاقتصادية في تونس 55.4 من أصل مائة نقطة، وقد انخفض مجموع نقاطها بمقدار 3.5 نقطة بسبب الهبوط في الصحة المالية وانخفاض درجات الحرية التجارية، وحرية العمل، والحرية النقدية. وتأتي النتيجة الإجمالية أقل من المعدلات الإقليمية والعالمية.
نقاط الضعف المؤسسية تُركت دون علاج بسبب عدم الاستقرار السياسي
لزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي وخفض معدلات البطالة المزمنة، قامت الحكومة التونسية بإدخال سياسات اقتصادية لتخفيف أنظمة أسعار الصرف، وتعزيز احتياطيات العملات الأجنبية، والحد من العجز المالي عن طريق خفض فاتورة الأجور في القطاع العام، وخفض الدعم للمواد الأساسية، وإصلاح نظام المعاشات، وإعادة هيكلة الخسائر و إصلاح الشركات المملوكة للدولة، والحفاظ على دين القطاع العام أقل من 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشمل نقاط الضعف المؤسسية الأخرى، والتي تُركت دون علاج بسبب عدم الاستقرار السياسي، النظام التنظيمي الثقيل وأسواق العمل الجامدة. في حين تعارض الأحزاب السياسية والنقابات العمالية العديد من الإصلاحات التي تتبناها الدولة والموجهة نحو السوق.
لهذه الأسباب وضع المؤشر تونس ضمن القسم الرابع الذي يتضمن الدول “غير الحرة إقتصاديًا غالبًا”، علمًا أن التقرير قسم الدول إلى خمسة فئات، هي الحرة، والحرة غالبًا، والحرة باعتدال، وغالبًا غير حرة، وغير حرة.
ويعتمد المؤشر في تصنيفه للدول على عدة مؤشرات فرعية، حيث حصلت تونس في حقوق الملكية، على 49.2 نقطة، فيما حصلت في النزاهة الحكومية على 36.6، وعلى 42.7 في الفعالية القضائية، وعلى 76.7 فيما يخص حرية التجارة، وعلى 50.3 نقطة في حرية الإستثمار، وعلى 76.0 نقطة في الحرية المالية و على 74.4 نقطة في الإنفاق الحكومي، و 74.4 نقطة في عبء الضرائب، وتحصلت على 37.9 نقطة في الصحة المالية.
وأشار التقرير إلى أن تونس “هي مسقط رأس احتجاجات الربيع العربي، التي أطاحت بالرئيس زين الدين العابدين بن علي منذ عام 2011. وحصل حزب النهضة الإسلامي في وقت لاحق على أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية التأسيسية. بعد التصديق على دستور جديد في عام 2014 ، قضت حكومة تكنوقراطية مؤقتة حتى أول انتخابات برلمانية ورئاسية كاملة في تونس. انتخب زعيم حزب نداء تونس ورئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي رئيساً في عام 2015. على الرغم من التقدم الملحوظ في الدمقرطة وجهود الإصلاح الجارية، كان تحول تونس إلى اقتصاد أكثر توجهاً نحو السوق بطيئاً. وتشمل الصادرات الرئيسية المنسوجات والملابس والمنتجات الغذائية والمنتجات النفطية والكيماويات والفوسفات، مع نحو 80 في المائة من الصادرات المتجهة إلى الشريك التجاري الرئيسي لتونس ، وهو الاتحاد الأوروبي”.
القضاء التونسي مستقل عمومًا و لكنه يعاني من تراكم القضايا الطويلة
و وفقًا لذات التقرير “لا تزال حماية حقوق الملكية غير متكافئة، كما أن وضوح العناوين ضعيف. السلطة القضائية مستقلة بشكل عام ولكنها تعاني من تراكم القضايا الطويلة. شجع الضعف الحكومي على الكسب غير المشروع على مستويات أدنى من البيروقراطية وإنفاذ القانون. أقر البرلمان قانونًا لحماية المخبرين، لكن الفساد لا يزال يمثل مشكلة. في عام 2017، خسر ما يقدر بمبلغ 816 مليون دولار للفساد”.
و أضاف: “أعلى معدل لضريبة الدخل الشخصي هو 35 في المائة، ومعدل الضريبة على الشركات الأعلى هو 30 في المائة. تشمل الضرائب الأخرى ضرائب القيمة المضافة ونقل الملكية. العبء الضريبي الإجمالي يساوي 20.8 في المائة من إجمالي الدخل المحلي. على مدى السنوات الثلاث الماضية، بلغ الإنفاق الحكومي 29.2 في المائة من ناتج البلاد، وبلغ متوسط عجز الميزانية 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. الدين العام يعادل 71.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي”.
و أشار التقرير كذلك أنه”لا تزال الديناميكية الاقتصادية مقيدة بسبب الضعف المؤسساتي الذي لا يزال دون معالجة، والذي يعوقه الإفتقار إلى عمل حكومي حاسم. لا يزال النظام التنظيمي، رغم بعض التحسينات، مرهقاً ويحرم نمو الأعمال الحرة الديناميكية. ظلت سوق العمل الجامدة راكدة، وفشلت في توليد نمو وظيفي دينامي. لم تقلل الحكومة الإنفاق العام في عام 2018 لكنها أبقت الدعم على حاله. تساوي القيمة الإجمالية للصادرات والواردات 99.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. متوسط معدل التعريفة المطبقة هو 9.3 في المائة. اعتبارًا من 30 جوان 2018، وفقًا لمنظمة التجارة العالمية، تم تسجيل في تونس 13 إجراءًا غير نافذ. يوجد قانون جديد للاستثمار يوفر مرونة أكبر للمستثمرين الأجانب منذ عام 2016. ولا يزال القطاع المالي مجزأ. حوالي 40 بالمائة من التونسيين البالغين يمكنهم الوصول إلى حساب في بنك تجاري”.
تونس الثالثة مغاربيًا و العاشرة عربيا
وبخصوص ترتيب دول المغرب العربي في المؤشر، فقد حلّ المغرب في المرتبة الأولى و المركز 75 عالميًا، متبوعًا بموريتانيا الثانية مغاربيًا التي جاءت في المركز 119 عالميًا، ثم تونس الثالثة مغاربيًا و صاحبة المرتبة 125 عالميًا، فالجزائر الرابعة على المستوى المغاربي والتي حلًت في المركز 171 عالميًا، فيما لم يشمل التصنيف ليبيا.
وعربيًا حلّت تونس في المرتبة العاشرة خلف كل من الإمارات العربية المتحدة صاحبة المرتبة التاسعة عالميًا- 77.6/100 -، وقطر في المركز 28 عالميًا – 72.6/100 -، والأردن في المرتبة 53 عالميًا -66.5/100 -، والبحرين في المركز 54 عالميًا – 66.4/100 -،المغرب في المركز 75 عالميًا – 62.9/100 -،سلطنة عُمان في المركز 88 عالميًا – 61.0/100 -،الكويت في المركز 90 عالميًا – 60.8/100 -،السعودية في المركز 91 عالميًا -60.7/100 -،موريتانيا في المركز 119 عالميًا – 55.7/100 -.
شارك رأيك