يبدو أن هناك نوايا حسنة و فعلية مدفوعة بإرادة سياسية بخصوص تجسيد مشروع القطار المغاربي على أرض الواقع قريبًا، وأن الأمور ليست مجرد أمنيات أو شعارات وأقوال بل هي أفعال والدليل في ذلك بداية التحركات الجدية والعملية والحثيثة نحو إنجاز المشروع الحلم للشعوب المغاربية قاطبة.
بقلم عمّــار قـردود
لأن بداية الميل تبدأ بخطوة، فقد أعلنت الأمانة العامة لإتحاد المغرب العربي عن إطلاقها حلملة ترويجية وإعلامية لاستقطاب مستثمرين لتمويل هذا المشروع الكبير، كما أعلنت عن إنطلاق العرض الخاص بتعيين مستشار (أو ممثل شركة) مكلف بإنجاز الدعاية والترويج للدراسة الخاصة بتأهيل وتحديث بعض مقاطع الخط السككي المغاربي.
وأشارت – عبر موقعها الإلكتروني – إلى أنه يمكن سحب طلب العروض من مقرها (الكائن بـ 73 زنقة تانسيفت أكدال الرباط) المغرب أو تحميله من بوابتها الرسمية من العنوان التالي على أن تودع ملفات المرشحين بمقر الأمانة في ظرف مغلق قبل الساعة 12 ظهرًا من يوم الجمعة 15 فيفري 2019 أو يتم إرسالها عن طريق البريد السريع ويأخذ بعين الإعتبار تاريخ الختم من قبل مصلحة البريد.
وبناءًا على ذلك ستحتضن تونس نهاية مارس المقبل جلسة حوارية تجمع أمانة الاتحاد والمستثمرين من أجل تعريفهم بالمشروع، وحشد الموارد المالية اللازمة لتحديث وتأهيل خطوط السكك الحديدية لربط ثلاث دول في مرحلة أولى هي تونس، الجزائر والمغرب بقطار مغاربي.
تحديث نحو 2350 كيلومترا من السكة الحديدية
الأمانة العامة للاتحاد المغاربي سبق لها أن أبرمت عقدًا سنة 2017 مع مجمع شركات (Italyerr-Comete-Medevco) بغرض إعداد دراسة خاصة بجدوى تحديث وتأهيل بعض مقاطع السكك الحديدية بمبلغ مليون و707 آلاف دولار أمريكي.
وشملت الدراسة نحو 2350 كيلومترا، وتهم تحديث المقطع السككي من الدار البيضاء إلى تونس مرورًا بالجزائر. ويتعلق الأمر بتحديث خط السكك الحديدية بين مدينتي فاس ووجدة المغربيتين على طول 354 كيلومترًا، وتحديث الخط السككي بين وجدة (المغرب) والعقيد عباس (الجزائر) وجندوبة (تونس)، وتحديث وتأهيل المقطع السككي بين جندوبة والجديدة (تونس) على طول 150 كيلومترًا، إضافة إلى إحداث خط جديد للسكك الحديدية بين عنابة (الجزائر) وجندوبة على طول 110 كيلومترات.
التكلفة المالية الإجمالية تقدّر بحوالي 4 مليارات دولار
ومن المتوقع أن تبلغ التكلفة المالية الإجمالية لمشروع القطار المغاربي ثلاثة مليارات و875 مليون دولار أميركي، وسيمكن -بعد تجسيده ميدانيًا – من تشجيع التبادل التجاري بين بلدان المغرب العربي وتحقيق حرية تنقل الأشخاص والخدمات والسلع.
كما سيشجع ذات المشروع السياحة بين بلدان المنطقة المغاربية، وسيمكن من تقليص مدة السفر بين البلدان المغاربية، وتخفيف نسبة حوادث الطرق، وتقليص نسبة الغازات المنبعثة من وسائل النقل العمومية.
وكان المجلس الوزاري المغاربي للنقل قد أبرم في دورته الـ 15، المنعقدة بتونس في 2014، إتفاقية تعاون في مجال النقل السككي بين دول إتحاد المغرب العربي، بهدف تعزيز وتسهيل نقل الأشخاص والبضائع وتنشيط التبادل التجاري بين البلدان المغاربية.
القطار سينقل 4689 شخصًا يوميًا و 4236 طنًا من البضائع في 2025
أما عن الجدوى الإقتصادية والمنافع الجانبية المرتبطة بمشروع القطار المغاربي وبالإستناد إلى تقارير إعلامية مغربية فقد توقعت دراسة مخصصة لهذا الأمر حركة نشيطة بين بلدان المنطقة في حال تم إنجاز المشروع، حيث تشير التوقعات إلى تنقل 4689 شخصًا يوميًا على متن القطار المغاربي ونقل 4236 طنًا من البضائع عبر الخط السككي الجزائر-تونس (عنابة-جندوبة) في 2025. وفي 2040، تشير ذات التوقعات إلى أن المسافة نفسها ستشهد تنقل 6738 مسافرًا ونقل 8388 طنًا من البضائع في اليوم الواحد، مقابل 12 ألفًا و431 مسافرًا و22 ألفًا و436 طنًا من البضائع في 2065.
وبالنسبة للجزء السككي الرابط بين الجزائر و المغرب، تتوقع الدراسة أن يتنقل في 2025 عبر هذه المسافة 36 ألفًا و237 مسافرًا يوميًا، ونقل 22 ألفًا و654 طنًا من البضائع،وفي 2040 سيتنقل 529 ألفًا و941 مسافرًا، وستنقل 42 ألفًا و945 طنًا من البضائع، في حين تتحدث التوقعات في 2065 عن تنقل 93 ألفًا ومئة مسافر يوميًا ونقل 109 آلاف و97 طنًا من البضائع.و نشير إلى أن دراسة جدوى مشروع القطار المغاربي ستعرض قريبًا على المجلس الوزاري المغاربي للنقل ومجلس وزراء الخارجية، كما تم الإتفاق داخل لجنة الإشراف على تمديد الدراسة لتشمل ليبيا وموريتانيا مستقبلاً.
التبادل التجاري البيني في المغرب العربي لا يتجاوز نسبة 3,6%
كشف الوزير الأول الموريتاني محمد سالم ولد البشير، منذ أسبوع فقط، إن حجم التبادل التجاري بين دول المغرب العربي لا يتجاوز نسبة 3,6% من حجم التبادلات التجارية لهذه الدول مع باقي دول العالم. وأضاف ولد البشير في كلمته بمناسبة افتتاح المنتدى الاقتصادي المغاربي أن هذه النسبة تسجل رغم وجود العديد من الإتفاقيات الإقتصادية الموقعة بين دول المغربي العربي.
ولفت الوزير الأول الموريتاني إلى أن دول المغرب المغربي تخسر ما بين 2 و3% من نسبة نموها السنوي بفعل غياب الإندماج الإقتصادي المغاربي. كما أشار إلى أن الإندماج سيتيح مضاعفة التبادل البيني وتعزيز المنافسة بفتح سوق تتجاوز 100 مليون نسمة، بحسب تعبيره.
وقال ولد البشير إن موريتانيا تعلق آمالها على المنتدى الإقتصادي المغاربي الإقتصادي “الذي نريد له أن يشكل بداية فارقة في مسارنا الإندماجي الواعد الذي به يتعزز النمو، وتتقلص البطالة ويتحقق المزيد من التنمية لمنطقتنا”.
شارك رأيك