في هذه التدوينة يتعرض الكاتب، وهو محامي، لما صدر من زميله سيف الدين مخلوف من سلوك أخرق وتجاوزات واستهتار وتهديد لوكيل الجمهورية بمحكمة سيدي بوزيد على خلفية ما سمي بقضية المدرسة القرانية بالرقاب. وذلك نصرة لمهنة المحاماة و حماية لها من عبثية سلوك بعض المنتسبين لها.
بقلم صياح الوريمي *
ليس من عادتي التعليق على سلوكيات الزملاء أو لنقل على الأقل ممن أتقاسم معهم زي المحاماة من مثل سيف الدين مخلوف وذلك إحتراما لواجب الزمالة ولمبدأ تضامن الدفاع، وكنت لهذه الأسباب دوما ما أتحاشى التعليق على هرطقات السيد مخلوف إلا أن هذه المرة طفح الكيل وتجدني ملزما، دفاعا عن الدولة ومؤسساتها والمحاماة والمحامين من زملائي والقضاء برمته، لأن اسوق الملاحظات التالية.
٠ كان أساتذتنا في القانون لا يفوتون فرصة للملاحظة بأن دراسة القانون ليست حفظا للفصول والأسفار وإنما استيعابا لمكانيزمات مواده، يكفي أن تفهم ميكانيزما القانون أي منهجية التفكير دون حتى حفظ فصوله لتنجح فيه، وإذا لم يؤثر القانون في تركيبتك الذهنية ويصقلها فإنك لن تكون رجل قانون حتى وإن حصلت على شهادة وامتهنت القانون، بمعنى يستحيل موضوعيا على رجل القانون أن تستوعب بنيته الذهنية “الفكر الداعشي” أو حتى الإخواني، وإن سبق وإن فعلتها، فامتهانه القانون لم يكن سوى خطءا بالصدفة…
٠ يبدو أن البنية الذهنية والنفسية وحتى الفيزيولوجية لسي مخلوف مرتجة وارتجاجها ظاهر للعيان، وإنه لو لم يسعفه النجاح بحفظ فصول القانون بعد أن هزلت منهجية التعليم الأكاديمي المبنية على فهم ميكانيزما القانون دون التركيز كثيرا على الفصول والأسفار، لكان أحد ضحايا التسفير الداعشي…
٠ شاهدت الفيديو وسمعت الصوت دون أن أرى الرجل، لأنه كان يخفي عينيه وراء نظارة داكنة السواد. ولأن نظرة العين تعطي الخطاب مدلوله الصحيح وتعطي فكرة عن شخصية المتحدث، فقد غاب عني مدى إقتناع الشخص بما قاله، وبغياب نظرة المتحدث يبدو حديثه وكأنه هذيان صادر من وراء حجاب أو عن من مسه جن او عن من عنه القلم مرفوع. اخفاء نظرة العين عادة ما تنم عن جبن او خبث او كليهما، ويجعلان صاحبهما فاقدا للثقة في نفسه ونفسيته مضطربة وخاصة فاقدا الصدق مع نفسه وكأنه يؤدي دورا مطلوبا منه … فقد كانت العرب عند طلب صدق المرء تقول “كلمني العين في العين”. وهذا ما لم يقدر عليه صاحبنا عندما صرح بما صرح.
٠ أما ما صرح به من فجور فهو علاوة على مخالفته لنواميس التربية والأخلاق فهو كذلك خرق لما أقسم عليه المحامي من إحترام للنظام العام ومؤسسات الدولة، في تعالي وتحدي لمؤسسات العدالة دون وجه حق وبشكل نال من هيبة المحامي وقدسية رسالته ونبلها من حيث الإستماتة في الدفاع عن الحق بوسائله الراقية ذوقا وصناعة في احترام لنفسه ولمحيطه.
٠ لذا أهيب بهياكل المهنة إتخاذ التدابير اللازمة تجاهه صونا لزملائه لأن ما اقترفه نالنا سوؤه قبل أن يناله هو لأن بنيته الذهنية لا تساعده على إدراك هول ما فعل وذلك ظاهر في تعاليقه اللاحقة لما اقترفه. لن نسكت عن التنديد قبل أن تأخذ الهياكل قراراتها الحازمة في شأنه لأنه يشترك مع زملائه في حمل الروبة التي نرفض ان تداس. ولن نسمح بدوسها من المحامي وغير المحامي.
* محامي.
* * العنوان من إختيار الجريدة.
شارك رأيك