عندما انكشفت فضيحة ما سمي بالمدرسة القرآنية بالرڨاب قفزت إلى ذهن التونسيين والتونسيات قبلة عبد الفتاح مورو على جبين الإرهابي وجدي غنيم و قولته الشهيرة “نحن لسنا بحاجة لهؤلاء نحن بحاجة لأبنائهم وأحفادهم”، و كذلك صمته المريب إزاء هذه الفضيحة.
بقلم مصطفي عطية *
يتذكر التونسيون، وليس بالعهد من قدم، الحفاوة البالغة التي حظي بها المحكوم عليه بالإعدام في مصر والمطارد دوليا وجدي غنيم عند حلوله ببلادنا من قبل بعض الجهات المعروفة، والتعبئة الشعبية التي شهدتها محاضراته الداعية إلى ختان البنات لحرمانهن من الشعور باللذة الجنسية التي أنعم بها عليهن الله كما سائر مخلوقاته، وتحجيب الرضيعات بٱعتبار المرأة، حسب تفكيره المرضي، “عورة منذ الولادة”، لكن الذي رسخ أكثر في أذهان التونسيين هو تلك القبلة التي طبعها عبد الفتاح مورو على جبينه، والقولة التي أسر له بها ومفادها “نحن لسنا بحاجة لهؤلاء نحن بحاجة لأبنائهم وأحفادهم” وذلك لطمأنة وجدي غنيم الذي وجد رفضا قويا لترهاته من قبل الأغلبية الساحقة من التونسيين.
لجوء عبد الفتاح مورو، وعلى غير عادته، إلى صمت مريب
مازال التونسيون يتداولون على صفحات التواصل الإجتماعي تلك اللقطة التي جمعت عبد الفتاح مورو بوجدي غنيم وكثفوا التساؤلات الحائرة بعد اكتشاف ما سمي بمدرسة قرآنية في الرقاب من ولاية سيدي بوزيد حيث يحتجز عشرات الأطفال في ظروف مأساوية لمصادرة عقولهم وتحويلهم إلى قنابل إرهابية وٱستغلالهم جنسيا.
إن المسألة التي أرقت التونسيين وعمقت حيرتهم هي لجوء عبد الفتاح مورو، وعلى غير عادته، إلى صمت مريب ومستراب، إذ كان بمقدوره، وهو صاحب الصولات والجولات البلاغية، رد الصاع بصاعين كما يقولون، وبالتالي إلغاء مشهد القبلة اللعينة من ذاكرة التونسيين، الذين سيعتبرونها في مثل هذه الحالات مجرد خطإ تقديري عابر وقابل للتدارك والإصلاح، لكن مورو فاجأهم بهذا الصمت الذي إستفزهم وأثار حيرتهم، خاصة وأن نائب رئيس حركة النهضة والنائب الأول لرئيس مجلس نواب الشعب عودهم، خلال السنوات الثماني الأخيرة، بمقارباته الوسطية المعتدلة وترويجه للإسلام العقلاني والمستنير وتنديده بالإرهاب، وتأييده للإصلاحات التحديثية التي يدعو إليها العلمانيون.
أليس عبد الفتاح مورو هو الذي أطل على التونسيين عبر فضائية تونسية منشدا باللغة الألمانية لقصيدة شيللر التي ألهمت بيتهوفن السمفونية التاسعة !؟ وأليس هو الذي صرح بأن الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء لن يعودوا إلى تونس !؟ ودعا حركته، النهضة، بفصل نشاطها الدعوي عن ممارساتها السياسية وتحويل التنظيم إلى حزب مدني ديمقراطي !؟ ثم لم ينس التونسيون أنه تحرك في مجلس نواب الشعب لتطويق تداعيات فضيحة النائبة الندائية التي زل لسانها وأساءت للمواطنين التونسيين اليهود عندما ربطت الإشارة إليهم بمصطلح “حاشاكم” التمييزي، وزيارته الشهيرة والأولى من نوعها كقيادي في حزب إسلامي تونسي إلى معبد الغريبة بجزيرة جربة، خلال الحج اليهودي.
قبلة مورو اللعينة على جبين غنيم وفضيحة بؤرة الرقاب
لقد دأب عبد الفتاح مورو على الظهور بمظهر “الإسلامي المعتدل” والترويج لرسائل تلمع حركة النهضة وقيادييها بالداخل والخارج، فلماذا صمت الآن ولم يندد ببؤرة الرقاب والمدافعين عنها من المنتسبين لحركته ولماذا لم يرد على الذين إعتبروها نتيجة حتمية للإستراتيجية التي لخصتها قبلته الشهيرة على جبين المتخلف وجدي غنيم والكلمة المفخخة التي صاحبتها !!!
لا أحد يعتقد أن عبد الفتاح مورو يقبل بأن ترتبط تلك القبلة اللعينة والكلمة الشيطانية بفضيحة بؤرة الرقاب، ولكن ما هو السر في صمته على تأويل خطير كهذا !؟ هل هو الخوف من أن يستغل رده من قبل المتشددين في الحركة فيقلبون عليه الطاولة قبل الإنتخابات التشريعية بأشهر ؟! أم هو إحترام “للعشرة” التاريخية بينه وبين قيادات الإخوان المسلمين في العالم والذي يعتبر الإرهابي المصري وجدي غنيم من أبرزهم؟ أم أن المسألة لا تعدو أن تكون سوى مناورة أخرى من مناوراته المتتالية!؟ أسئلة عديدة يتطارحها التونسيون، لكن الثابت هو أن هذا الصمت أجج ردود الفعل الأكثر إيغالا في التأويل.
* صحفي و كاتب
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
للتأمل فقط : حمادي الجبالي “يبشركم” بترشحه للإنتخابات الرئاسية وإقامة الخلافة السادسة !
للتأمل فقط : يحدث في حركة النهضة، راشد الغنوشي في مواجهة حادة مع “أبنائه” المتمردين !
للتأمل فقط : قائد السبسي يلتحق بالمرزوقي وبن جعفر في الحرب على النهضة التي غدرت بهم !
شارك رأيك