هل للحكومة التونسية إستراتيجية لمواجهة محاولات “دعشنة” السجون وتفريغ سموم الخطاب التكفيرى في عقول السجناء من أجل تحويلهم إلى جنود الإسلام السياسي المتشدد أم أنها تصمت عن الخوض في الحرب على الإرهاب تجنبا لمواجهة حركة النهضة؟
بقلم أحمد الحباسي *
السجن تهذيب وإصلاح: شعار بائس آخر لم يعد جائزا اليوم بعد أن تحولت السجون التونسية الى مساحة لتفريخ وتكوين وغسل أدمغة المساجين لأجل تحويلهم إلى إرهابيين، وهي سلعة باتت مطلوبة اليوم بقوة في نطاق تنفيذ مقاولات مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي الصهيوني التركي القطري الجنسية.
ثمة حاجة إلى الإقرار بأن السجون اليوم قد أصبحت منطقة عازلة تتخذها الجماعات الإسلامية المتطرفة لتجهيز قوافل الإرهابيين وهناك يتلو بعض أئمة الشر الذين أشارت اليهم السيدة ألفة العياري، الكاتبة العامة السابقة لنقابة السجون والإصلاح، بالتصريح والتلميح، فصولا مهمة من كتاب “إدارة التوحش” للكاتب المشبوه أبوبكر ناجي.
حول علاقة النهضة بالجماعات المسلحة في تونس و في الخارج
إن الحديث عن ملف السلفية الجهادية التكفيرية في السجون يجب أن يكون حديث الساعة خاصة وقد تجمعت عدة معطيات وأدلة من مصادر مختلفة تؤكد أن حركة النهضة تخطط للإنقضاض على الحكم مستفيدة من كل تجاربها السياسية السابقة الفاشلة، ولعل تحالفها الراهن مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد ليس سوى الدخان الذى يخفي المخطط الجهنمي الرامي إلى إنشاء دولة الخلافة كما تحدث عنها عضوها أحمد قعلول في الفيديو الشهير المتداول هذه الأيام.
ربما هناك سؤال يتداوله الباحثون و المتابعون لشأن الجماعات الإسلامية وشأن علاقة هذه الجماعات التكفيرية بالسجون، وهناك تساؤل متواتر يطل مع كل حديث عن حركة النهضة وبالذات حين الحديث عن ملف تسفير الإرهابيين الى سوريا ومدى علاقة الحركة بالجماعات الإرهابية الليبية المسلحة وبالمخابرات القطرية الإيطالية التركية خاصة بعد أن قامت لجنة الدفاع في ملف الشهيدين بلعيد والبراهمى بكشف ترسانة الوثائق الخطيرة والمهمة المتعلقة بوجود جهاز عسكرى سرى تابع للحركة.
وهذا السؤال ربما أجابت عنه السيدة ألفة العياري في كثير من إطلالاتها التلفزيونية المثيرة يقول هل هناك علاقة لحركة النهضة ب”مدارس تحفيظ الخطاب التكفيرى” المزروعة في السجون بعد الثورة؟ ما علاقة بعض المحامين الذين يتعاطفون ويؤمون السجون لمقابلة الإرهابيين بحركة النهضة؟ من يمول هؤلاء المحامين في علاقة بأتعاب الدفاع عن هؤلاء القتلة؟ هل صحيح ما تقوله السيدة ألفة العيارى من قيام هؤلاء المحامين بتسريب مضمون محاضر التحقيق في القضايا الإرهابية إلى السجناء الإرهابيين؟ هل يحمل المحامون رسائل مشفرة من الإرهابيين الى الخارج؟ هل ينشط هؤلاء المحامون في نطاق الجهاز السرى لحركة النهضة؟ هل هناك علاقة بينهم و بين بعض أجهزة المخابرات المعروفة بمساندتها لحركات الإسلام السياسى في المنطقة العربية؟
“دعشنة” السجون و تفريغ سموم الخطاب التكفيري
في سنوات حياتنا المبكرة تفتح وعينا وكبارنا يرددون المثل الشهير القائل “عند الإفلاس يتذكر التاجر المفلس دفاتر الكريدي القديمة”. يبدو أننا اليوم و بعد أن سقط مفهوم الدولة بل سقطت الدولة نفسها في مجال التجاذب السياسي العقيم في حاجة الى الرجوع الى كل تصريحات الشرفاء التي تناولت التنبيه الى خطورة ما كان ولا يزال يحدث في السجون وإتهام حركة النهضة ومجموعات الإسلام السياسى بمختلف طوائفها بكونها تسعى الى “دعشنة” السجون و تفريغ سموم الخطاب التكفيرى في عقول كل هؤلاء الذى حط بهم الزمن ليصبحوا نزلاء هذه الأماكن المسيجة والتي يؤكد المتابعون أنها أصبحت مخترقة ومنصة من منصات الخطاب التكفيرى الخطير.
بناء على هذا التقدير المؤكد فالرأي أن التصدي لمشروع الإسلام السياسي وبالتخصيص إلى مشروع حركة النهضة لا يمكن أن يتجاهل الخطر القادم من السجون والذي ضرب للأسف على الأقل فردا من كل العائلات التونسية ومجرد مواصلة الصمت يجعل هذا الوباء يتمدد وينمو كالطفيليات المسمومة لذلك نتساءل بخوف كبير : لماذا صمتت الحكومة على مواجهة هذا الخطر و كيف ستكون هناك حرب على الإرهاب دون الخوض الجدي في مسألة الخطاب التكفيرى لحركة النهضة داخل السجون؟
ونحن نعلم ما قام به الوزير التهضاوي السابق للعدل نور الدين البحيري الذي بادر في عام 2012 بإدخال عدد من الدعاة الإسلاميين و بعضهم من السلفيين المتطرفين إلى السجون التونسية لتقديم خطب ودروس دينية ولا نتصور أن هذه البادرة تسعى إلى تحويل المساجين إلى مواطنين صالحين بل إلى حطب لمعارك النهضة. وهنا يكمن الداء وهنا يكمن الخطر الداهم…
* محلل سياسي.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
بعد ست سنوات من إغتيال شكري بلعيد : و لا يزال التحقيق مستمرا…
هل جاءكم خبر الأستاذ سيف الدين مخلوف، “جبل شامخ من جبال الثورة”؟
أكذوبة المراجعات : جسم حركة النهضة لا يزال يرفض التغيير والمصالحة مع الشعب التونسي
شارك رأيك