شهدت معتمدية ماجل بلعباس طوال هذا الأسبوع المنقضي حالة إحتقان وإحتجاج من قبل مربي الماشية لعدم توفر مادة السداري (“النخالة”) التي يعتمدون عليها في تربية مشايتهم خاصة أنها المورد الوحيد لعائلاتهم ونظرا لأن المعتمدية تعتبر من أكبر المنتجين على مستوى الجمهورية بالنسبة للماشية.
بقلم فيروز الشاذلي
هذا الإحتجاج سبقه إحتجاج آخر الشهر المنقضي بولاية تطاوين وهذه التحركات للفلاحين أصبحت معتادة سنويا في جميع أنحاء البلاد خاصة عند إشتداد التقلبات المناخية الضارة بالمساحات المخصصة للرعي وغمر المياه لبعض الأراضي الفلاحية كالتي شهدتها مناطق الشمال والوسط الغربي خلال هذه الفترة الأخيرة فبالرغم أن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عملت بصفة استثنائية على الترفيع في حصة شهر فيفري 2019 من مادة السداري لولايات الكاف وباجة وجندوبة وسليانة والقصرين بـ 600 قنطار لكل ولاية وإعطاء الأولوية لتزويد هذه الولايات وذلك بتمكينها من 50% من حصتها الشهرية قبل يوم 10 فيفري 2019 لكن هذا لم يتم على أرض الواقع بطريقة مرضية لنقص في التزويد بهذه المادة.
المشاكل المزمنة في الإنتاج وتزويد السوق
هذه المشكلة المزمنة منذ سنوات في التزويد أدت إلى إنتشار السوق السوداء في القطاع و إرتفاع أسعار مادة السداري من 12,500 د السعر الرسمي للكيس الواحد إلى أن يصل في بعض الأحيان إلى قرابة 22 دينار مما ساهم في الترفيع في تكلفة الإنتاج وهذا بدوره ساهم في الترفيع في أسعار اللحوم الحمراء بصفة كبيرة للتجاوز عتبة 26 دينار للكلغ الواحد كما أدى إلى تفريط عديد الفلاحين في قطعانهم وبروز ظاهرة تهريب المواشي و الأبقار إلى الأقطار المجاورة مما يضطر مئات المزارعين والمربين إلى التخلص من قطعانهم بأسعار دون سعر التكلفة في غالبية الأحيان لعدم القدرة على توفير الأعلاف بالأسعار المرتفعة .
على المستوى الجهوي هناك لجنة جهوية برئاسة والي الجهة أو من ينوبه وتتركب من المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية، المدير الجهوي للتجارة، الممثل الجهوي لوزارة الصناعة، الإتحاد الجهوي للفلاحين، الإتحاد الجهوي للصناعة و التجارة، الممثل الجهوي لديوان الحبوب والممثل الجهوي لديوان تربية الماشية وتوفير المرعى تتولى متابعة التزويد بمادة السداري على مستوى الجهة وضبط قائمة مزودي السداري في الولاية وتوزيع الحصة الجهوية من المادة المذكورة على المزودين ومصانع إنتاج الأغذية الحيوانية المصنعة والعمل على إحكام التوزيع من خلال فرق مراقبة مشتركة تضم ممثلين عن اللجنة تقوم بمعاينة محلات بيع الأعلاف ومدى إحترامها لكراس الشروط المتعلق بتنظيم ممارسة تجارة توزيع أعلاف الحيوانات المصادق عليه بالقرار المؤرخ في 21 جانفي 2009 كذلك السهر على تطبيق الأسعار القانونية وإقتراح كل إجراء من شأنه إحكام التزويد بهذه المادة وتوزيعها وعند وجود مقترحات تتولى اللجان الجهوية رفعها إلى اللجنة الوطنية لمادة السداري.
بالرغم من أعمال المراقبة الدائمة لمسالك توزيع مادة السداري و الحرص على تطبيق الأسعار الرسمية مازالت أزمة الأسعار نظرا لأن المراقبة تشمل الكميات القانونية التي تم تداولها عبر مسالك التوزيع الرسمية طبقا لتوزيع اللجنة الجهوية ويكون مسارها معلوم إنطلاقا من المطحنة نحو المركز الجهوي لديوان الحبوب بالجهة مرفوقا بإذن التزود ثم نحو تاجر الأعلاف الذي يقوم بتوزيعها طبقا لقائمة مسلمة له من قبل الإتحاد الجهوي للفلاحين ويقوم بتسجيل العملية في الدفتر المخصص له.
نصف الكميات الموزعة يقع تداولها في مسالك توزيع ملتوية
هذه الكميات الموزعة بصفة شفافة ومراقبة من قبل الهياكل المعنية لم تتجاوز في معدلها الأقصى نصف الكميات المتداولة والباقي يتم تداوله عبر طرق ومسالك توزيع ملتوية فالمطاحن تحجم عن تزويد المسالك الشرعية بالطريقة المثلى وتستعمل الكميات التي تم إنقاصها في أساليب تجارية لكسب المخابز وغيرها بالرغم من أن الأمر عدد 1293 لسنة 2013 المتعلق بتنظيم توزيع مادة السداري ومراقبتها يمنع ذلك فقد تم حجز العديد من الكميات التي تروجها المطاحن لدى المخابز وتجار الجملة للمواد الغذائية.
الحل لهذا النقص في التزويد و التلاعب بمسالك التوزيع يبقى من أنظار اللجنة الوطنية لمادة السداري وذلك بإلزام المطاحن بتوفير الحصص المتخلدة بذمتها بإعتبارها المستفيدة الأولى من تدعيم الدولة لهذه المادة حيث يتولى وزير الفلاحة أو من ينوبه رئاسة اللجنة وتتركب من ممثلين عن كل من وزارة الداخلية، التجارة، الصناعة، ديوان الحبوب، ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى، الإتحاد الوطني للفلاحين، غرفة مصانع الأعلاف وغرفة المطاحن، وتتولى هذه اللجنة تنظيم توزيع مادة السداري ومتابعة التزويد بهذه المادة سواء المتأتية من الإنتاج المحلي أو من القموح الموردة كما تتولى ضبط الحصص الشهرية للولايات حسب حجم القطيع والظروف المناخية بالجهة وإقتراح كل إجراء من شأنه إحكام تنظيم توزيعه وتزويده.
شارك رأيك