قدّرت إحصائيات الصندوق الفرنسي للتأمين على الشيخوخة، أمس الأحد 10 فيفري 2019، أن عدد التونسيين المتقاعدين الذين يحصلون على منح من صندوق التقاعد الفرنسي بــ37 ألف تونسي شهريًا، وفقًا لجريدة “لوموند” الفرنسية.
بقلم عمّـار قـردود
وبحسب تقرير “لوموند”فإن هؤلاء المتقاعدون هم عمال مهاجرون تونسيون ذهبوا للعمل في فرنسا في النصف الثاني من القرن الماضي، وعادوا إلى تونس، وليسوا بالضرورة يحملون الجنسية الفرنسية.
ويحصي صندوق التقاعد الفرنسي نحو ما يزيد عن 360 ألف معاش تدفع حالياً مباشرة للمتقاعدين الجزائريين أو أراملهم المقيمين في الجزائر، وتشير الأرقام إلى أن عدد أرامل العمال الجزائريين المهاجرين بلغ 179 ألف، أي ما يقرب من نصف المتقاعدين.
وتأتي الجزائر في المرتبة الأولى بفارق كبير عن المغرب (62 ألف متقاعد)، وتونس (37 ألف متقاعد) و أن الجزائر هي الدولة التي لديها أكثر نسبة من المتقاعدين الذين يتقاضون منح من صندوق التقاعد الفرنسي. وعلى المستوى الإفريقي يوجد أكثر من 480 ألف متقاعد يتحصلون على منح من صندوق التقاعد الفرنسي.
المتقاعدون المغاربيون يتعرضون للتمييز بفرنسا
و كان تقرير برلماني فرنسي قد كشف في سنة 2014 بأن المتقاعدون المغاربيون يتعرضون للتمييز، وأن فئة المهاجرين المغاربيين التي قضت على الأقل 30 سنة من العمل في خدمة الإقتصاد الفرنسي، والتي أحيلت على التقاعد توجد في وضعية إجتماعية هشة.
وتتجلى هذه الوضعية حسب التقرير في إدماج ضعيف وغير كامل داخل المجتمع، ومعاشات للتقاعد تقل عن المتوسط، وفقر صارخ على مستوى السكن، وعدم الإستفادة من الحقوق الإجتماعية، ووضع صحي هش، وولوج متعثر وغير منتج للعلاجات الطبية، وظروف معيشية صعبة بالنسبة للذين يقضون شيخوختهم داخل ملاجئ المسنين المخصصة للمهاجرين، وتجاهل مفرط لحاجيات المتقاعدين المسنين.
ويشير التقرير إلى الضرورة الملحة لتسوية مشكل إقامة جزء من هؤلاء المتقاعدين المهاجرين المسنين منذ إحالتهم على التقاعد، في مساكن غير مريحة، تتواجد في غالب الأحيان في ضواحي المدن وعلى هامش المجتمع، فيما يقضي البعض منهم اليوم شيخوخته في ظروف غير ملائمة بحياة البشر، وبما يتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسية.
وتم إحداث هذه اللجنة البرلمانية في نهاية 2012 من طرف رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية آنذاك، كلود بارتواون، واستمع أعضاؤها إلى جميع المتدخلين في مجال الهجرة والشؤون الاجتماعية في فرنسا، أهمهم وزير الداخلية يومذاك مانويل فالس، وماريسون توريل، وزيرة الشؤون الاجتماعية والصحة حينها، وسيسيل ديفلو، وزيرة المساواة والسكن سابقًا، وأوريلي فيليبيتي، وزيرة الثقافة والاتصال سابقًا، وميشيل دولوناي، وزيرة منتدبة مكلفة بالمسنين آنذاك، وفرنسوا لامي، وزير منتدب مكلف بالمدينة سابقًا.
وحسب التقرير، فقد بلغ عدد المهاجرين المتقاعدين الذين تفوق أعمارهم 55 سنة في نهاية 2013 أكثر من 800 ألف شخص، ويبلغ عدد الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، قرابة 350 ألفًا، من بينهم 204 ألف امرأة و145 ألف رجل. وكشف التقرير أن 140 ألف شخص من الذين تفوق أعمارهم 65 سنة حصلوا على الجنسية الفرنسية، وأن ثلثي هذه الفئة العمرية ينحدرون من إحدى دول المغرب العربي، ويتوزعون بين 125 ألف مهاجر متقاعد جزائري و65 ألف مغربي و37 ألف تونسي.
وأشار التقرير إلى إن العدد الإجمالي للمهاجرين المتقاعدين، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 55 سنة و65 سنة فأكثر، يبلغ أكثر من 7, 1 مليون شخص. من بين هؤلاء يبلغ عدد المغاربيين أكثر من 500 ألف شخص؛ يتصدرهم الجزائريون بــ245 ألف متقاعد مسن، والمغاربة ب 175ألف متقاعد مسن، والتونسيون بـ 80 ألف متقاعد مسن. يمثل المغاربة نسبة 10 في المائة من العدد الإجمالي لهذه الفئة من المتقاعدين المسنين، ويمثلون ثلث نظرائهم المغاربيين.
معظم المتقاعدين المغاربيين أوضاعهم هشة
في نهاية 2012، ارتفعت معاشات هذه الفئة من المهاجرين المتقاعدين المسنين إلى 700 أورو شهريًا، بالنسبة للمقيمين في فرنسا، أما المعاش المتوسط المستحق لنظرائهم المغاربيين، والذين يقضون تقاعدهم ببلدهم الأصلي، فإنه يبلغ 300 أورو شهريًا.
ويشير التقرير إلى أن أصحاب المعاشات الضعيفة يمكنهم الإستفادة من تعويضات التضامن الممنوحة للمتقاعدين المسنين عندما لا تتجاوز قيمة المعاش حسب دورية 18 أبريل 2013 حوالي 787 أورو شهريًا، وذلك بالنسبة للمتقاعد المسن الذي يعيش بمفرده، و1220 أورو شهريًا، بالنسبة للمتقاعد الذي يعيش مع زوجته أو رفيقته بمقتضى عقد شرعي أو مدني.
ويمثل المتقاعدون المغاربيون نسبة 60 في المائة من أصحاب المعاشات الضعيفة، والذين يستفيدون من الحد الأدنى للشيخوخة شريطة توفرهم على الشروط المطلوبة من طرف صناديق الحماية الاجتماعية الفرنسية. ويؤكد التقرير أن عددًا كبيرًا من هذه الفئة من المتقاعدين تعيش وضعية اجتماعية هشة. وأن نسبة 17 في المائة منهم، وأغلبهم من دول المغرب العربي والكونغو، يعيشون على الإعانات الغذائية التي تقدمها منظمة الصليب الأحمر الفرنسي، كذلك تلجأ أغلب فئات المتقاعدين المسنين للحصول على مساعدات إضافية للتقاعد، بالرغم من أن الفرنسيين يعتقدون أن المهاجرين يشكلون عبءا مفرطا على الميزانيات الاجتماعية.
والحال أن التقرير يكشف أن المهاجرين، وبخاصة المتقاعدين المسنين مقصيين من الإستفادة من حقوقهم الإجتماعية المستحقة بحكم القانون. ويحدد التقرير نسبة المقصيين من حقوقهم الاجتماعية من المغاربيين في نسبة 24 في المائة من المجموع، خاصة أطفالهم.
ويشير تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الفرنسية حول وضعية المهاجرين المتقاعدين المسنين إلى تقرير مجلس الحسابات الفرنسي لسنة 2012 حول تطبيق قوانين تمويل الأمن الإجتماعي، الذي كشف أن الحد الأدنى للتعويض عن الشيخوخة المخصص للمهاجرين المتقاعدين لا يغطي إلا حوالي ثلاثة أرباع الأشخاص المهاجرين المسنين المحالين على التقاعد، الذين يعيشون تحت عتبة الفقر. وأن عدد المهاجرين المتقاعدين المسنين المقصيين من حقوقهم الاجتماعية يفوق عدد المستفيدين من التعويضات الاجتماعية المستحقة قانونيًا. من قبيل الولوج للعلاجات الطبية بالنسبة للمهاجرين المتقاعدين المسنين الذين يعانون من مرض الزهايمر، ومن اضطرابات نفسية واجتماعية.
وأن الكثير من الخدمات الاجتماعية تتوقف عند إحالة المهاجر على التقاعد. ويعتبر المتقاعدون التونسيون المسنون من بين الجاليات الأجنبية الخمس المعنية بهاته الوضعية الهشة على مستوى المعاشات المستحقة والحقوق الإجتماعية إلى جانب الجزائريين والمغاربة والسينغاليين والماليين.
أيضا، يؤكد التقرير على ضرورة وإلزامية منح هذه الفئة من المهاجرين الذين يتوفرون على بطاقة الإقامة الخاصة بالمتقاعد، الحق في الاستفادة من العلاجات المستعجلة التي تفرض تنقلهم من بلدهم الأصلي إلى فرنسا، بالنسبة لغير المقيمين في بلد الهجرة.
شارك رأيك