كشفت دراسة أعدتها إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي بصندوق النقد الدولي أنّ إجمالي الناتج المحلي المشترك للبلدان المغاربية كان من الممكن أن يبلغ، في حال اندماج اقتصادات هذه الدول، 360 مليار دولار سنة 2017، وأنّ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإقليمي كان يمكن أن يصل إلى 4 آلاف دولار أميركي.
من الجزائر: عمّـار قردود
أشارت الدراسة التي جاءت بعنوان “الإندماج الاقتصادي في المغرب العربي : مصدر للنمو لم يستغل بعد”، إلى أن تحقيق الإندماج المغاربي (إتحاد المغرب العربي المحدث سنة 1989)، يتطلب تخفيض حواجز التجارة والاستثمار وربط الشبكات وتحرير أسواق السلع وتحسين مناخ الأعمال الى جانب تكامل الاندماج الاقليمي مع اندماج المنطقة عالميًا.
واعتبرت أنه ينبغي على الحكومات المغاربية، اذا ما أرادت المرور إلى مرحلة الإندماج، رسم حزمة أهداف مشتركة من بينها التفاوض بشأن إتفاقية جديدة للإندماج ووضع آليات لخلق الوظائف من خلال زيادة النمو وانفتاح النموذج الإقتصادي لكل بلد وتحقيق التنمية الشاملة للجميع وتوسيع دائرة التجارة الاقليمية.
التجارة البينية أقل من 5 بالمائة من التجارة الكلية في بلدان المغرب العربي
وحققت البلدان المغاربية (ليبيا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا) بشكل فردي تقدمًا كبيرًا على المستوى التجاري لكنها لا تزال تشكل المنطقة الأقل إندماجًا على مستوى العالم (التجارة البينية أقل من 5 بالمائة من التجارة الكلية في بلدان المغرب العربي)، وهو رقم أقل بكثير من كل الأرقام المسجلة في كل التكتلات الأخرى في العالم.
ووفقًا لذات الدراسة “تسببت الإعتبــارات الجغرافية-السياسية والسياسات الإقتصادية التقييدية في تضييق الخنـاق على فرص الإندماج الإقليمي. ذلــك أن السياسات الإقتصادية ظلت تسترشـد بالإعتبــارات القُطْريــة، مع قليل من الإهتمام بالمنطقة، وبغير تنسيق. ولا تــزال القيـود على التجارة والتدفقات الرأسمالية كبيرة، كما تشكل عائقا أمام الإندماج الإقليمي على مستوى القطاع الخاص. وتعتبر زيادة الإندماج بين بلدان المغرب العربي أمـرًا منطقيا لدواع اقتصادية.
الإندماج المغاربي سيخلق سوقًا إقليمية تشمل قرابة 100 مليون نسمة
فمــن شأن هذا الإندماج أن يخلق سوقا إقليميـة تشــمل قرابة 100 مليون نسمة يبلغ متوسط دخلهم حوالي 4 آلاف دولار أمريكي للفرد بالقيمة الإسمية وحوالي 12 ألـف دولار على أساس تعـادل القوى الشرائية. ومن شأن هذا أن يزيـد جاذبية المنطقة كوُجهة للإستثمار الأجنبي المباشر؛ ويخفـض تكاليف حركة التجارة ورأس المال والعمالة عبــر بلدانها؛ ويعــزز كفاءة تخصيـص المـوارد. ومن شأنه أيضا أن يُكسِب المغرب العربي مزيدًا من الصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية وتقلب الســوق”.
وأفادت الدراسة: “يمكن أن يساهم إندماج المغـرب العربي بدور مهم في إستراتيجية تشجع زيادة النمو في المنطقة. وهناك تقديرات مختلفة تشير إلى أن الإندماج الإقليمي يمكن أن يساهم في زيادة النمو في كل بلد مغاربي بنحو نقطة مئوية على المدى الطويل. وبينما تظل السياسات المحلية القوية هي القاطرة الإقتصادية الأساسية، فإن التجارة الإقليمية البينية يمكن أن تتضاعف نتيجة للإندماج ومن ثم تدعم النـو، مما يرفــع مستويات التوظيف. وقد تؤدي زيادة الإندماج إلى وجود أطراف فائزة وأخرى خاسرة داخل كل بلد، مما يوجب على السياسة العامة أن تعالج الإختلالات المحتملة”.
وكشفت الدراسة أنه “حتى يتحقــق إندمــاج البلــدان المغاربية، ينبغــي أن تخفــض حواجــز التجــارة والاســتثمار، وتربــط شــبكات البنيــة التحتيــة فيمــا بينهــا. وينبغــي أن تركــز جهودهــا علــى تحريــر أســواق الســلع والخدمــات ورأس المــال والعمــل. ويمكــن إعطــاء دفعــة للتجــارة داخــل المغــرب العربــي والمســاعدة في زيــادة اندمــاج سلاســل القيمــة العالميــة، مــن خــلال الإزالــة التدريجيــة للحواجــز الإقليميــة البينية أمــام التجــارة وإقامــة بنيــة تحتية إقليمية وتحسين منــاخ الأعمال. وينبغي أن تكون زيــادة الاندمــاج الإقليمي جزءًا مكمــلاً لاندمــاج البلــدان المغاربية عالميا. ولتســريع خطــوات التقــدم مــن مرحلــة التعــاون إلى الاندمــاج، ينبغــي للحكومــات المغاربيــة أن للسياســات:مشــتركةتحــدد أهدافــا من خلال خلق الوظائف لزيادة النمو، إنفتاح النموذج الإقتصادي في كل بلد،شمول الجميع في توزيع ثمار النمو،التفاوض بشأن اتفاقية جديدة للإندماج الإقليمي و تحقيق توسع كبير في التجارة الإقليمية مقارنة بنطاقها الراهن كوسيلة لبلوغ هذه الأهداف”.
العوامل التي قد تفسر ضعف الاندماج داخل منطقة المغرب العربي
و أحصىت الدراسة أهم العوامل التي أدت إلى ضعف الإندماج المغاربي “توجد أسباب عديدة ومعقدة وراء عدم اندماج بلــدان المغــرب العربــي بدرجــة كافيــة. ومــن هــذه الأســباب السياســات التجاريــة والاســتثمارية التقييديــة، والحواجز التجاريــة الجمركيــة وغيــر الجمركيــة، وعدم كفاية البنية التحتية الإقليمية، والإعتبارات الجغرافية السياسية. كذلك أدى التوجه التقليدي للتجارة تجــاه أوروبا، والمحاولات الأخيــرة للتنويع في إتجاه إفريقيـا جنـوب الصحراء، وصعـود الصيــن كســوق لصـادرات المغــرب العربــي، إلى تـحول تركيــز بلــدان المغــرب العربــي عــن الاندمــاج الإقليمــي. وثمــة عوامــل جغرافيــة سياســية أعاقــت الاندمــاج الإقليمي. والأســباب الرئيسية وراء الاضطرابــات معقــدة ومختلفــة عبــر البلــدان. ولا يــزال اتحــاد المغــرب العربــي معطلا منذ ســنوات بســبب الخلافات بيــن البلــدان الأعضــاء، لا ســيما بيــن الجزائــر والمغــرب.
كذلــك أدت التهديــدات الإرهابيــة إلى تشــديد الضوابــط الحدوديــة. ولا تزال الحدود الممتدة على مسافة 1000 ميل بين الجزائر و المغرب مغلقة منذ 1994. وتواجه بلــدان عديــدة أوضاعا اقتصادية سياسية ذات خصوصية قطرية، مما يكون قد أدى في أحيان عديدة إلى مزيد من التأخر في إحراز أي تقدم نحو التكامل الإقليمي. غير أنه في الآونة الأخيرة، دعت مجموعات مختلفة إلى إحياء إتحاد المغرب العربي.
وتواجه التجارة داخل المغرب العربي صعوبات بسبب السياسات التجارية التقييدية. وتخضع البلــدان المغاربيــة لتعريفــة جمركيــة أقــل مــع أوروبــا مقارنــة بالتجــارة مــع بعضهــا البعــض. وبوجــه عــام، فــإن المتوســط البســيط للتعريفــة الجمركيــة المطبقــة في بلــدان المغــرب العربي أعلــى كثيــرا منــه في مجموعــة العشــرين أو مجموعــة اقتصــادات الأســواق الصاعــدة والاقتصــادات الناميــة”.
شارك رأيك