بين الفعل الإعلامي المفيد للسيد حمزة البلومي والتصريح الإساءة إلى الدولة والشعب الذي تلفظه السيد سيف الدين مخلوف مسافة آلاف قمرية هي نفس المسافة بين الشعور بالمسؤولية المهنية والأخلاقية وحب الوطن والإستعداد لتحمل كل المخاطر وبين الشوفينية والتعصب الفئوي والإصرار على هدم أسس الدولة و خدمة مشاريع التكفير والتعصب الديني الأعمى.
بقلم أحمد الحباسي *
ربما وضع الصحفي حمزة البلومي صاحب برنامج “الحقائق الأربعة” يده في عش الدبابير وأصبح للأسف محل “بطاقة تفتيش” إرهابية حتمت على وزارة الداخلية تمكينه من حراسة أمنية لصيقة حتى لا يلتحق بركب شهداء الوطن خاصة في مثل هذا الشهر الذي تم فيه اغتيال المرحوم شكري بلعيد ربما لنفس الأسباب بعد أن عرى أيضا الحقائق الأربعة بل قل كل حقائق الجهاز العسكري السري لحركة النهضة وكشف أن الإسلام السياسي لا يمكن أن يعيش إلا في الظلام و بين الجحور المخيفة.
سيف الدين مخلوف رجل فوق القانون
بطبيعة الحال لا يتنقل الأستاذ سيف الدين مخلوف بمرافقة أمنية ولا يحتاج مثل هذه المرافقة لأن “الإخوان”جاهزون للمهمة وتحت الطلب وهو لم يكن ليتجرأ على التهجم بتلك الطريقة المخالفة للنواميس والأعراف بين أهل القضاء لولا أنه كان يحس أن “أكتافه” ساخنة وأن كل ما يقوله ضد رجال القضاء لن يكون مكلفا حتى لو فتحت عمادة المحامين ذات الشأن “تحقيقا” يعلم الجميع خلاصته قبل أن يبدأ.
بالفعل لم يجد وكيل الجمهورية المستهدف بهجوم “الأستاذ” من يدافع عنه وما سمعناه لم يرتق إطلاقا لأهمية ما حدث من هجوم ناري على مرأى ومسمع من الحكومة ومن مجلس الشعب وبقية الهيئات ذات العلاقة بحقوق الإنسان.
لقد استغل صاحب البرنامج حمزة البلومى المنبر الإعلامي و ما يسمى بالسلطة الرابعة لفضح المستور والمسكوت عنه والمستخبى منذ سنة 2012 التاريخ الشؤم لصعود حركة النهضة للحكم وبداية تنفيذها لمشروع إسقاط مؤسسات الدولة وتعميم مثل هذه الدكاكين المعدة لتفريخ قطع الغيار البشرية المستعدة لتفجير كل الساحات العربية و الغربية تحت يافطة قذرة إسمها الجهاد في إستنساخ مرعب للحروب الدينية التي عاشتها الدول الأوروبية في القرن الخامس عشر.
مشعوذو الإنتصاب الإسلامي الفوضوي يشعلون نيران الفتن
بالمقابل استغل الأستاذ مخلوف ساحة “دار الحزب” القديمة والتجمع الموتور لكثير من الدخلاء والمشبوهين والصائدين في الماء العكر ليطلق النار علنا على أهم مؤسسات ومكتسبات الدولة وهو القضاء برمته كل ذلك تحت تكبير وتهليل وإيماءات الموافقة ممن حضروا لغايات في نفس مشعوذي الإنتصاب الإسلامي الفوضوي المشبوه في بلاد جامع الزيتونة ومسقط رأس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور، بطبيعة الحال كان المشهد مقرفا و لئيما ومبتذلا لأنه مثل منتهى الإسفاف والإستخفاف بهيبة دولة أريد لها أن تهان على يد شخص من المفترض أن يكون أول المدافعين عنها.
لقد استغل السيد مخلوف مهنته و صفته كمحام ليعبث بكل القيم و يتجاهل حرمة الفضاء العام إضافة إلى تجاهله لهيبة الدولة معتبرا أن صفته تجعله لا يرى في الساحات والمؤسسات إلا تواصلا لمساحة المحاكم وأنه متى عن له أن يترافع أناء النهار أو أطراف الليل فكل الساحات والمساحات تحت إمرته و طوع بنانه خاصة وأن هناك من “يجهز” الجمهور المستعد لإطلاق كل الشعارات والتهليل والتكبير والقيام بكل البهلوانيات والحركات أمام عدسات و مصدع السيد رشيد الخيارى ـ و من غيره ـ المتعود طبعا على إشعال نار الفتنة و إطلاق شياطين القيل والقال وبث الإشاعات المغرضة.
لكن بالمقابل كان تحقيق برنامج “الحقائق الأربعة” صادما مرعبا مثيرا للفزع في قلوب المتابعين وحين يكتشف المتابعون هول ما حدث في تلك المدرسة القرآنية بل ذلك المحتشد الأسود بالرقاب (سيدي بوزيد) وحالات إغتصاب الأطفال الأبرياء باسم الدين على يد مشعوذين فقدوا الإحساس بالإنتماء للدين والوطن تعود الذاكرة بالمتابع إلى تلك التصريحات التي أطلقتها قيادات حركة النهضة في الأيام الأولى لصعودها للحكم سنة 2011 حين وعد القيادي حمادي الجبالى بقرب إنشاء دولة الخلافة السادسة وحين نطق القيادي عبد الفتاح مورو بعبارته الشهيرة التي عبر فيها أن مهمة الحركة التي ينتمي إليها هي تصيد الشباب وإدخاله إلى معسكرات التدريب و تعلم فنون “الجهاد” تماما كما حدث في معسكر مدينة الرقاب.
بين الشعور بالمسؤولية المهنية والأخلاقية وبين الشوفينية والتعصب الديني والفئوي
بين الفعل الإعلامي المفيد للسيد حمزة البلومي والتصريح الإساءة إلى الدولة والشعب الذي تلفظه السيد سيف الدين مخلوف مسافة آلاف قمرية وبين الشعور بالمسؤولية المهنية والأخلاقية وحب الوطن و الإستعداد لتحمل كل المخاطر بما فيها القتل على يد العصابات الإرهابية التابعة للجهاز العسكري لحركة الإسلام السياسى المتهمة باغتيال الشهداء لطفى نقض و شكري بلعيد ومحمد البراهمي و بين الشوفينية والتعصب الفئوي والإصرار على هدم أسس الدولة و خدمة مشاريع التكفير والتعصب الديني الأعمى التي تخدم أجندات الدول المتآمرة على تونس هناك فارق كالفارق بين السماء و الأرض.
اليوم نشهد حالة من كشف مستور هؤلاء الذين نذروا حياتهم و مستقبلهم لضرب وحدة هذا الشعب بكل الطرق وبين فئة من الأبرار والأخيار اختاروا مواجهة مشروع الفوضى التكفيرية القذرة بكل الأسلحة الشرعية المتاحة وفي ذلك درس و موعظة لقوم يتذكرون.
* كاتب ومحلل سياسي.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
“الجزيرة”، قناة العهر الإعلامي والسياسي، خنجر في جسد الأمة العربية الدامي
هل جاءكم خبر الأستاذ سيف الدين مخلوف، “جبل شامخ من جبال الثورة”؟
شارك رأيك