حتى نضمن النجاح لإنتخابات 2019 يجدر بكل الفاعلين في تونس حث المواطنين على الدفاع عن حقهم في تسجيل أنفسهم وإقناعهم بضرورة المشاركة بكثافة كبيرة جدا في الإنتخابات المقبلة لكسر الحلقة الجهنمية التي أدخلوا تونس فيها ولقلب المعادلة وتحقيق حلم تونس الديمقراطية التي تريدها أغلبيتنا.
بقلم سامي بن سلامة
لما أسسنا الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات سنة 2011 في ظروف لا يمكنكم أن تتخيلوا دقتها ومدى خطورتها، كانت لنا في الهيئة المركزية وبعد مرور فترة قصيرة تصورات واضحة لطريقة النجاح في المهام الموكولة لنا وكانت لنا برامج واضحة كان يتحتم علينا تحقيقها مهما كانت التضحيات.
لم تكن عملية تسجيل الناخبين وإنشاء سجل ناخبين جديد من أصعب المهام ولكنها كانت أخطرها. ولم ننجح في عملية تسجيل الناخبين فقط لأن المواطنين في تونس والخارج كانوا فرحين بالثورة ومعلقين آمالا كبيرة على إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 لكي تحسن من وضع البلد وتضعه في الطريق الصحيح.
طمأنة المواطنين وأعطائهم ثقة في المستقبل
نجحنا لأنه كان لدينا شعور قوي بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا ولأنه كانت لنا إرادة النجاح ولأننا فعلنا كل ما يلزم وعملنا جهدنا ليلا نهارا بروح أسطورية لتحقيق جميع الأهداف التي حددناها.
من بين الأشياء المهمة التي ساهمت في جلب إنتباه التونسيين للإنتخابات وللتسجيل قبل ذلك، تدخلات رئيس وبعض أعضاء الهيئة على المستوى الإعلامي والتي طمأنت المواطنين وأعطتهم ثقة في المستقبل.
كان لاحترامنا الروزنامة التي أعلناها بأدق جزئياتها ومنعنا للإشهار السياسي وتطبيقنا القانون بكل صرامة على جميع المخالفين أثناء الحملة الإنتخابية وقع عظيم على مصداقية الهيئة وعلى ثقة الناخبين فيها.
كما كان لعملنا الكبير على مستوى الهيئات الفرعية التي شكلناها في أغلبها من عناصر ذات وجاهة وثقل كبير على المستوى الجهوي تتمتع بالمصداقية والنضالية زمن الإستبداد تأثير مهول على التفاف المواطنين في مختلف مناطق الجمهورية حول هدف إنجاح الإنتخابات. وقد انسحبت للأسف جلها من العمل في ميدان الإنتخابات بعد فضيحة إقرار قانون جديد للهيئة في 20 ديسمبر 2012 ينزع عنها إستقلاليتها ويخضعها للمحاصصة الحزبية.
مبادرات بسيطة ولكن كان لها وقع كبير
كان لبعض المبادرات البسيطة من بعض الفنانين تأثير مهم جدا مثل أغنية “انتي الصوت” التي طبعت تلك المرحلة والتي دعمتها الهيئة حينها إعلاميا وساهمت كجزء من إستراتيجيتها في نشرها وانتشارها في كل مكان.
“انتي الصوت” وإن كانت لا تتحدث مباشرة عن الإنتخابات إلا أنها شكلت حدثا في حينها، كما شكلت أغنية وضعها الفنان حسين الجسمي ”بشرة خير“ واستغلت بمناسبة الإنتخابات في مصر حدثا كبيرا شجعت المواطنين على الاهتمام بشؤون وطنهم والمشاركة بكثافة في الانتخابات.
لم تقتصر الأمور على الفن والأغاني بل على عديد المبادرات الأخرى ربما من أهمها مبادرات الأستاذ زكي الرحموني في توزيع كراريس تنشر الثقافة الإنتخابية بين تلامذة المدارس الابتدائية وخاصة إنشاءه صحيفة ورقية للهيئة طبعت منها عديد الأعداد وساهم فيها العديد من الصحفيين وهي “تونس تنتخب”.
تلك الجريدة التي اضطر زكي في بعض الحالات لخلاص مصاريفها وخاصة مستحقات من ساهموا فيها من خارج الهيئة من جيبه الخاص لتأخر التمويل. وهي أموال دفعها ولم يسترجعها إلى اليوم ولم يطلب استرجاعها أصلا ولن يتحدث عنها أبدا وأنا متأكد أنه سيلومني على فعل ذلك ولكنه التاريخ ولا يمكنني نسيانه.
كل شيء ممكن متى توفرت الإرادة والنوايا الصافية والحب الخالص للوطن.
لن أتوجه لأحد بعينه لكي يُفهم مغزى ما أرمي له وإن كان أغلبكم ربما فهم أنني أتوجه إلى رئيس هيئة الانتخابات الجديد لكي يعود إلى رؤى وأساليب وأفكار ومبادرات نجحت وأثبتت فعاليتها ولكنني لا أعتقد أن هنالك فائدة من ذلك اليوم.
سأتوجه إلى آلاف الفنانين التونسيين من الشباب في تونس وبالخارج، المشهورون منهم وكذلك المغمورين ليعدوا منذ اليوم أشياء جميلة يقدموها لشعبهم تخص الانتخابات المقبلة بقطع النظر عن موقف الهيئة منها وتفاعلها من عدمه.
لنفعل شيئا بسيطا كل من موقعه لفائدة الانتخابات المقبلة ففي ذلك مصلحة لتونس.
حملات مواطنية للضغط من أجل فتح باب تسجيل الناخبين
أتوجه كذلك إلى المواطنين العاديين وإلى السياسيين الصادقين وإلى نشطاء المجتمع المدني وأدعوهم إلى الإستعداد لافتكاك المبادرة والإنخراط منذ اليوم في حملات مواطنية للضغط من أجل فتح باب تسجيل الناخبين بصفة عاجة ولأطول فترة ممكنة قبل الانتخابات. يجب عليهم المشاركة في حث المواطنين على الدفاع عن حقهم في تسجيل أنفسهم ولإقناعهم بضرورة المشاركة بكثافة كبيرة جدا في الإنتخابات المقبلة لكسر الحلقة الجهنمية التي أدخلوا تونس فيها ولقلب المعادلة وتحقيق حلم تونس الديمقراطية التي تريدها أغلبيتنا.
لمصلحة الوطن العليا، علينا فعل المستحيل لتسجيل أكبر عدد ممكن من الناخبين الجدد، كما علينا حث الناخبين المرسمين فعلا على التوجه بكثافة لمكاتب الإقتراع في الانتخابات المقبلة. لا حلول أخرى لقلب المعادلة…
وطالما لم نقم بدورنا وطالما لم تقم الهيئة بدورها خلافا لما حدث سنة 2011 وتخلت عنه كما حدث في سنتي 2014 و2018 فلن تنفع الانتخابات المقبلة تونس ولن تكون سوى مسرحية هزلية جديدة يقاطعها أو يُحرم من المشاركة فيها ملايين المواطنين التونسيين.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
تونس : الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات… بين الإختراق ومحاولات الإقتسام
تحيا تونس : الحزب الجديد ليوسف الشاهد من الإنسلاخ إلى الإستنساخ…
في ضرورة تحييد هيئة الإنتخابات : كي لا تحاصر المشاركة الشعبية بحكم الأقلية
شارك رأيك