قال اليوم الخميس الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بملف الاصلاحات الكبرى توفيق الراجحي أن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية من طرف البنك المركزي قرار تقني يستند الى مقاربة نقدية لمعالجة التضخم.
واضاف في تدوينة نشرها على صحفته الرسمية بالفايسوك بأن أثره السلبي على المقدرة الشرائية و الاستثمار يجعل منه قرارا لا شعبي.
وقدم الراجحي جملة من التوضحيات بخصوص هذه الزيادة في نسبة الفائدة المديرية جلها في نص هذه التدوينة.
وفي مايلي نص التدوينة :
لا أحد ينكر عدم شعبية قرار الترفيع في الفائدة المديرية من طرف البنك المركزي و الذي هو في أساسه قرار تقني يستند الى مقاربة نقدية approche monétariste لمعالجة التضخم. فأثره السلبي على المقدرة الشرائية و الاستثمار يجعل منه قرارا لا شعبي. لما لا يثير مثل هذا القرار نفس الاشكال في اماكن أخرى. الجواب يكمن في ان البنوك في عديد البلدان تقدم لحرفائها خيارات متعددة بخصوص نسب الفائدة: 1) نسب فائدة ثابتة taux fixe تمكن المقترض مسبقا من معرفة جدول دفوعاته و لا تتغير بسياسة البنك المركزي وهي حماية للمقترض من ارتفاع نسبة الفائدة المديرية 2) نسب فائدة متغيرة taux variable تكون عادة نسبة لمؤشرمرجعي متغير يضاف اليه هامش ربحي للبنك. يتغير في هذه الحالة جدول تسديد الديون حسب تقلبات المؤشر المرجعي و يتحمل المقترض مخاطر ارتفاع سعر الفائدة و يستفيد في حالة التخفيض. 3) نسب فائدة متغيرة و مسقفة taux variable et capé وهي في حقيقة الأمر مثل النسب المتغيرة تماما و لكن يحدد نسبة التغير القصوى فيها منذ البداية كأن يقال نسبة فائدة السوق النقدية+ %3 مع هامش تغيير أقصى ب 2%. أي يسقف منذ البداية مدى تأثير السياسة النقدية على جدول الدفوعات مما يحدد من مخاطر نسب الفائدة على المقترض.
في كل الحالات تقوم البنوك بتقييم مخاطر تقلبات سعر الفائدة المديرية و تضمن ذلك في مستوى اسعار الفائدة المعروضة على العموم.
عندما يختار المقترض بين هذه الخيارات فهو سيد نفسه فان كان مجازفا سيختار النسب المتغيرة و ان كان مترددا يمكنه ان يحمي قدرته الشرائية بنسب متغيرة مسقفة و ان كان يهاب مخاطر تقلبات سعر الفائدة يختار النسب الثابتة التي تحميه نهائيا من المخاطر.
البنوك التونسية لا تقدم أساسا الا النسب المتغيرة (TMM+Marge bancaire) لذلك فهي لاتتحمل مخاطر تقلبات السياسة النقدية و تثقل كل ذلك على المقترض. لا شعبية قرارات البنك المركزي في تونس متأتية من انه أساسا المقترض هو الذي يتحمل مخاطر تقلبات سعر الفائدة التي تتحول مباشرة في اقتطاعات اضافية من الرواتب او ارباح الشركات أو غيرها لتسديد أقساط الديون. بل ان المفارقة الكبرى هو ان الهدف من الترفيع في سعر الفائدة في حالتنا هو أساسا التقليص من الطلب على القروض الجديدة للاستهلاك من خلال الترفيع من تكلفتها لدى المقترضين الجدد و ليس اطلاقا الترفيع من كلفة القروض القديمة التي في حد ذاتها تقليص للقدرة الشرائية للمستهلك أو السيولة لدى الشركات. بل انها ايضا ترفع من تكلفة الاقترض للاستثمارات الجديدة و هو منافي لسياسة دعم النمو.
في ظل اقتصار البنوك على عرض قروض بنسب فائدة متغيرة دون عرض امكانية الاقتراض بنسب فائدة متغيرة و مسقفة أو نسب فائدة تابتة فستبقى سياسة البنك المركزي غير شعبية بل عمياء تضرب الجميع دون تفرقة و تحصد في طريقها من لا ذنب لهم الا شجع البنوك.
شارك رأيك