أثار الترفيع في النسبة المديرية للبنك المركزي التونسي، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والنقابية، وتداولته جميع الوسائل والمنابر الإعلامية، إلى أن إنتهى المطاف بهذا الجدل السطحي بمحافظ البنك المركزي السيد مروان العباسي الى جلسة مساءلة تحت قبة البرلمان في 25 فيفري 2019.
بقلم : وليد البلطي *
خلال هذه الجلسة العاصفة والمتشنجة تلقى المحافظ نقدا لاذعا من قبل النواب، في حقه وفي حق حكومة الشاهد، إلى أن جاء دور المحافظ في الرد على تساؤلات النواب ، فكان الرد في مستوى الحدث وبأرقام مفزعة، تشد الإنتباه.
أرقام مفزعة وتصرف سيء
عجز الميزان التجاري تجاوز 19 مليار دينار بنسبة 11،2% حاليا مقابل 8 مليارات خلال سنة 2010.
إنخرام الميزان الطاقي كان في حدود 2،2 مليار دينار خلال سنة 2010 وبلغ 6،2 مليار دينار سنة 2018.
نسبة المديونية 72،3% وخدمة الدين ستبلغ 9 مليار دينار خلال سنة 2019 بعد أن كانت 6،7 مليار دينار سنة 2018 و ارتفعت من 1 مليار دينار سنة 2010 إلى 6 مليار دينار سنة 2017.
تراجع مداخيل السياحة من 7270 مليون دينار سنة 2010 الى 3490 مليون دينار سنة 2017.
تدهور مداخيل الفسفاط من 4455 مليون دينار الى 965 مليون دينار حاليا.
كل هاته المؤشرات كانت نتيجة لاستعمال أحد أدوات السياسة النقدية الإنكماشية وهي الترفيع في النسبة المديرية والذي يهدف إلى التخفيض من معدل النمو في العرض النقدي، من أجل السيطرة على التضخم والسيطرة على الإقتراض والإنفاق من قبل المستهلكين والشركات.
عجز الحكومة عن التقليص من الإنفاق العمومي
وإزاء وضعية شبيهة، عجزت الحكومة التونسية فيها على التقليص من الإنفاق الحكومي وذلك من خلال الترفيع الامنتهي في الأجور، في وسط اجتماعي مضطرب، تتعطل فيه الآلة الإنتاجية بين الفينة والأخرى، وتعجز فيه الحكومة من خلال السياسة المالية على دفع القطاعات وجلب الإستثمارات، فلا حل مطروح امام البنك المركزي سوى الترفيع في النسبة المديرية، ولاتزال بحوزة المحافظ في آطار السياسة النقدية الإنكماشية عديد الآليات والوسائل التي سنعكس سلبا على مردود الحكومة في الأشهر القادمة، نظرا لعدم إحكامها تطبيق سياسات مالية واضحة، ارتكزت فقط على الجباية.
فما قاله محافظ البنك المركزي بين السطور في جلسة المساءلة يمكن ترجمته كالتالي: “ماذا تريدونني أن أفعل في بلد عجزت في الحكومات على جلب الإستثمارات وتقليص الإنفاق الحكومي ومنع تعطيل الإنتاج من قبل النقابات، والسيطرة على المناخ الإجتماعي المشحون بالإضرابات في جميع القطاعات، سوى الترفيع في النسبة المديرية لضمان قدر من الإستقرار السياسي والسيادي للبلاد إلى أن نتعدى عقبة الإستحقاقات الإنتخابية في سنة 2019، فأخر الطب الكي، كما يقول المثل التونسي”.
* خبير قانوني.
شارك رأيك