أصدر المجلس المركزي لحزب المسار الديمقراطي الإجتماعي بيانا ينادي فيه أنصار الحرّية والمساواة ورافعي شعار الكرامة الوطنية والتقدم الإجتماعي غلى إلإتحاد لمواجهة ظاهرة الإرهاب الفكري والعنف المادي بدعوى أسلمة المجتمع وإقامة الدولة الدينية الكليانية. وفيما يلي نص البيان…
ما انفكت الأصوات الداعية إلى توحيد القوى الديمقراطية والإجتماعية تتعالى كلما قربت المواعيد الانتخابية، وما إنفك حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي من جهته ينادي ويعمل من أجل تجميع أوسع القوى التقدمية والديمقراطية للخروج بالبلاد من الأزمة العميقة التي تتخبط فيها وللإتجاه نحو تحقيق الأهداف الأساسية التي قامت من أجلها ثورة الحرية والكرامة. هذه الثورة الشعبية التلقائية التي أجهضتها الإنحرافات الخطيرة التي شهدتها الساحة السياسية منذ إنتخابات 2011 والتي أدت إلى الإغتيالات السياسية بعد تفاقم ظاهرة الإرهاب الفكري والعنف المادي بدعوى أسلمة المجتمع وإقامة الدولة الدينية الكليانية.
وقد مرّ سعينا التوحيدي المتواصل بتجارب مختلفة – من “القطب الديمقراطي الحداثي” إلى “الإتحاد من أجل تونس” إلى “جبهة الإنقاذ” إلى “الإتحاد المدني” – غالبا ما خاب فيها الأمل في جمع شتات القوى السياسية والمدنية المتطلعة إلى الإرتقاء بتونس من مرحلة بناء الدولة الوطنية العصرية المتحكمة في مصيرها المعتزة بمكاسبها الحداثية إلى مرحلة البناء الديمقراطي والتقدم الإجتماعي الذي يجعل من التونسيات والتونسيين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات يعيشون أحرارا في مجتمع عادل يضمن الحق في الشغل والصحة والتعليم للجميع دون تمييز بين الفئات والجهات.
إن ما أصاب المشهد السياسي من تعفّن أدّى إلى التطيّر من الأحزاب بسبب الوعود الكاذبة والأموال الفاسدة والتجاذبات العقيمة وتفاقم الفساد المالي والإداري والتحالفات المشبوهة بين قوى تختلف ظاهريا في توجهاتها المجتمعية وتتفق جوهريا في إختياراتها الإقتصادية والإجتماعية اللاّشعبية، تسعى إلى تثبيت أو تعزيز موقعها في السلطة لمواصلة نفس السياسات الفاشلة ونفس التوجهات الخاضعة إلى وصفات الدوائر المالية العالمية والعاجزة عن القيام بالإصلاحات الضرورية للحفاظ على المؤسسات العمومية وتنمية قدراتها وتحسين خدماتها.
وممّا يعقّد الأوضاع اليوم ويثير الريبة والقلق ويدعو إلى مزيد اليقظة وجود شبهات جدية تحوم حول حزب يحتل مواقع حسّاسة في الإئتلاف الحاكم له إرتباط بما كشفت عنه هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي من معطيات خطيرة تتعلق باكتشاف جهاز سرّي مورّط في الإغتيالات السياسية.
وفي هذا الصدد، ونحن على أبواب الإستحقاقات الإنتخابية، فلا بد من تحييد المركز الوطني للإعلامية الماسك بالسجل الإنتخابي وبالمعطيات الحساسة والموضوع حاليا تحت إشراف “وزير نهضاوي”.
وإزاء هذه الأوضاع المتردية، واستعدادا للإنتخابات القادمة، فإن حزب المسار الديمقراطي الإجتماعي الذي يتابع عن قرب وعن كثب مختلف المبادرات المواطنية السياسية والمدنية التي تسعى منفصلة عن بعضها إلى تحقيق نفس الهدف المتمثل في توحيد أوسع القوى التقدمية والديمقراطية من أجل خوض الإنتخابات القادمة وتشكيل قوة بديلة لمنظومة الحكم الحالية:
– يعتبر أن هذه المبادرات المتقاربة من حيث توجهاتها الأساسية ومرجعياتها الديمقراطية والتقدمية والحداثية والمتوجهة إلى نفس القواعد الإنتخابية، والمتقاطعة إلى حدّ كبير مع الثوابت التي انبنى عليها حزب المسار بقطعها الواضح مع النظام الإستبدادي ومع الإسلام السياسي وبحملها لهموم الشعب وطموحات شبابه لا يمكن أن تحقق أهدافها المشتركة إذا لم تتوجّه إلى توحيد صفوفها في إطار جبهة ديمقراطية وطنية قادرة على تغيير موازين القوى والتأثير في مجرى الأمور وقادرة على تقديم البديل المقنع لأوسع فئات الشعب.
– يعتقد أن للأحزاب التقدمية دور خصوصي وفعال وإضافة متميزة ضمن هذا التحالف الواسع في إعطائه الدّفع النضالي والبعد الإستراتيجي الذي يضمن المتابعة والمراقبة والإستمرار بعيدا عن منطق المحاصصة وانطلاقا أوّلا وآخرًا من مشاغل المواطنين والمواطنات ومن إرادتهم المعبّر عنها بصفة حرّة ديمقراطية وشفافة في مختلف المناطق والجهات.
وعلى هذا الأساس فإن حزب المسار الديمقراطي الإجتماعي يتوجّه إلى كل المبادرات الرامية إلى تحقيق نفس الهدف، وإلى كافة الأحزاب المؤمنة بنفس المبادئ، لاستخلاص الدروس من التجارب السابقة وعدم التفريط في هذه الفرصة التاريخية الجديدة لتوحيد صفوفها في جبهة إنتخابية وطنية ديمقراطية لخوض الإنتخابات القادمة بروح إنتصارية تضع المصلحة الوطنية ومصلحة الفئات المفقّرة فوق كل إعتبار.
بيان.
شارك رأيك