تفاجأ الكثير من المواطنين خلال هذا الشهر من تضخم فاتورة إستهلاك الماء ويرجع سبب ذلك إلى إحتساب تكلفة إستهلاك الماء للثلاثية السابقة مع الثلاثية الحالية على أساس أنها متخلدات بالرغم من خلاص الشركة التونسية لإستغلال وتوزيع المياه (الصوناد) لمستحقاتها بعنوان الثلاثية السابقة.
بقلم فيروز الشاذلي
هذا الأمر أثار حفيظة العديد من المواطنين الذين تقدموا إلى مقار أقاليم الشركة مطالبين بتفسير هذه العملية فكان تبرير المسؤولين أن إضطراب وخلل في الفوترة ناتج عن مرحلة إنتقالية نتيجة تركيز نظام إلكتروني جديد للفوترة.
عدم التنسيق بين مصلحة إستخلاص الديون ومصلحة الحرفاء
مع العلم أن هذه التشكيات من قبل المواطنين تكررت كامل سنة 2018 بسبب عدم التنسيق بين مصالح الصوناد نفسها ففي الكثير من الأحيان تم إبلاغ مستهلكين بتنابيه لدفع متخلداتهم المالية لفائدة الشركة، بينما هم قاموا بخلاص فاتوراتهم وعندما قاموا بالإستفسار عند المصالح المعنية للشركة، تم الإعتذار على هذا الخطأ في إصدار تنابيه للدفع لمستهلكين قاموا بسداد معاليم الإستهلاك وتم تبرير ذلك بعدم التنسيق بين المصالح المعنية بمتابعة إستخلاص الديون ومصلحة الحرفاء مما نتج عنه عدم تحيين قائمة المستهلكين المتخلدين عن خلاص ديونهم تجاه الشركة.
من جانب آخر أصبحت ظاهرة أخرى مقلقة للمواطن التونسي منذ أكثر من سنة وهي عدم رفع العداد في الوقت المحدد له فمن المفروض أن يقع رفع عداد الإستهلاك بعد كل ثلاثة أشهر حسب النظام المعمول به، ولكن أصبح أعوان الصوناد يرفعون العداد بعد فترة أطول من المعمول به، وفي مرات تصل إلى ستة أشهر، مما أثقل كاهلهم حيث أن تراكم الكميات المستهلكة ضاعف من الثمن المحتسب في الفاتورة بإعتبار أن كل كمية إستهلاك تتجاوز 20 متر مكعب يقع إحتسابها 325 مليم عوض 200 مليم وكل كمية متراكمة تتجاوز 40 متر معكب يقع إحتسابها بـــ450 مليم، وهذا يزيد كذلك من إحتساب المصاريف القارة في الفاتورة والمصاريف الخاصة بالديوان الوطني للتطهير.
بالرغم من أن العديد من المواطنين قاموا برفع العداد الخاص بهم بنفسهم و التوجه إلى مصالح الإستقبال إلا أن الأعوان رفضوا مدهم بفاتورات في الغرض متعللين بضرورة إنتظار أعوان الشركة للقيام بهذه المهمة.
هذا الإضطراب في خدمات الفوترة يضاف له إضطراب توزيع المياه خاصة في الصيف يدفع ثمنه المواطن البسيط الذي لا مفر له من خدمات شركة وطنية لها اليد الطولى في خدمات توفير الماء الصالح للشراب بإعتبار القطاع في هذا المجال حكر على هذه الشركة مما يجعل المستهلك في حالة إرتهان أمام تدني الخدمات المسداة.
إلى متى ستبقى سياسة الجودة مجرد شعار
فما ذنب المواطن أن يكون ضحية أخطاء ناتجة عن تركيز نظام جديد للفوترة و الإستخلاص وهل يصبح المستهلك التونسي موضوع تجارب لبرامج إعلامية خاصة بالشركة كان من المفروض أن تقوم الشركة بتجربتها مع المكاتب الخاصة بالدراسات والبرمجيات الإعلامية قبل أن تمس المواطن الذي من المفروض هو الهدف الأساسي والأخير لسياسة الجودة المتبعة والمعلن عنها من قبل الشركة في حد ذاتها حيث أكدت أن تمشّي الجودة يهدف إلى تحسين رضاء حرفائها والأطراف المعنية، ومن أجل ضمان نجاعة ومردودية أنشطتها، وفي سبيل المزيد من التحكّم في العمليات وفي مناهج العمل.
هذا التمشّي يرتكز على المعايير الدولية مثل إيزو 9001 (شروط أنظمة إدارة الجودة) وإيزو 14001 (شروط ومبادئ أنظمة إدارة البيئة). وهو يأخذ بعين الإعتبار جميع النصوص القانونية وكل الإجراءات التنظيمية قيد التطبيق. وهو يراعي كذلك أفضل الممارسات في مجال عمل الشركة، والمتعلقة بالمناهج الوطنية التي تهدف إلى تحسين نوعية الخدمات.
وفي إطار هذا التمشّي، هيأت الشركة هيكلا خاصا يعنى بإدارة الجودة وهو وحدة مشروع الجودة التي تتمثّل مهمّتها الأصلية في إنجاز جميع أنشطة التشخيص، ووضع السياسات، والبرامج والوثائق، وجميع الأنشطة الأخرى التي تهدف إلى تحسين جودة خدمات ومنتجات الشركة.
ضرورة الإسراع بتفعيل آليات نظام سياسة الجودة وقواعده
ورغم ذلك مازالت عديد النقائص التي يتم تسجيلها في علاقة الشركة بالحريف بداية من فترات التأخير غير المبررة في إنجاز الدراسات اللازمة لملفات مطالب الحرفاء في القيام بالربط بالشبكة كذلك التشكيات في التأخير في الحصول على الصندوق الخاص بالعداد وتركيز العداد من قبل مقاول المناولة، حيث يشتكي الكثيرون من عديد التجاوزات خاصة عدم إحترام الأدوار حسب ورود المطالب بينما يتم تبجيل كل من وجد سبيلا للتدخل لتجاوز دوره على حساب بقية الحرفاء.
لذلك وجب تفعيل آليات نظام سياسة الجودة وقواعده فهذه القواعد مجعولة لتحسين الخدمات عبر تفعيلها على الأرض، بينما في تونس يتم تونسة هذه القواعد المنظمة لسياسة جودة الخدمات المحددة من قبل المنظمة العالمية للتقييس (ISO) وذلك بمجرد الحصول على شهادة المطابقة لإجراءات و القواعد المكتوبة للمؤسسة أو الشركة التونسية المعنية مع القواعد و المعايير المطلوبة من قبل هذه المنطمة، يقع التغاضي عن التطبيق الفعلي لهذه القواعد لصالح المواطن الذي جعلت هذه القواعد خدمة له وهذا الأمر لا ينطبق على الصوناد فقط بل العديد من المؤسسات الأخرى خاصة العمومية منها فتصبح مجرد شعارات جوفاء للجودة يتم تعليقها في بهو إستقبال الشركة ولاترى منها شيئا يطبق على أرض الواقع .
شارك رأيك