تجاهل الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في رسالة جديدة وجّهها إلى الشعب الجزائري، مطالب هذا الأخير وجدد تمسكه فيها بتمديد عهدته إلى حين تنازله عن منصبه لرئيس الجمهورية الجديد الذي سيتم إنتخابه خلال إنتخابات رئاسية في آفاق 2020.
من الجزائر: عمّار قردود
هذا التجاهل الذي أغضب الجزائريين الذين خرجوا اليوم بالآلاف في مسيرات سلمية جديدة مطالبين الرئيس بوتفليقة بالرحيل بمعية أركان نظامه الذين عاثوا فسادًا في الجزائر خلال العقدين الماضيين.
وقال الرئيس بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري بمناسبة عيد النصر الموافق لــ 19 مارس – توقيع اتفاقية الإستقلال عن فرنسا سنة 1962 -، إن “الجزائر مقبلة على تغيير نظام حكمها ومنهجها السياسي ضمن ندوة وطنية تعقد في القريب العاجل بمشاركة كل أطياف الشعب”، مشيرا إلى أن “مهمة الندوة الوطنية ستعمل على إجراء تعديل دستوري يكون منطلقا لمسار إنتخابي جديد”.
وأكد الرئيس بوتفليقة، الذي بدا في رسالته الجديدة متجاوزا للمطالب الشعبية الرافضة لمقترحاته، ومتمسكا بتمديد عهدته إلى غاية تسليمه العهدة الرئاسية لرئيس جديد للجمهورية، أن “المسار الإنتخابي سيبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية، في أعقاب تعديل الدستور الشامل سيبت فيه الشعب عن طريق الإستفتاء العام”.
ويعتقد مراقبون للشأن الجزائري بأن إعلان بوتفليقة التمسك الشديد ببقائه في الحكم، وتمديد عهدته الرئاسية خارج الفترة الدستورية، وإصراره على خياراته، يؤكد أن السلطة تراهن على عامل الوقت لكسر الحراك الشعبي و التخفيف من غليانه من خلال تحويله إلى شيء روتيني ممل.
وحذّروا من أن الموقف الأخير لبوتفليقة سيُسهم في تصعيد الإحتقان الشعبي في البلاد، ودفع الجزائر نحو المجهول، لاسيما في ظل التدخل الأجنبي في الشأن الجزائري اللافت.
الإحتجاجات على عهدة خامسة للرئيس يوتفليقة متواصلة.
بوتفليقة يتمنى الموت و هو رئيسًا للجزائر
و تقول بعض المصادر نقلاً عن مقربين من الرئيس بوتفليقة أنه يتمنى ويرغب بشدة في الموت وهو رئيسًا للجزائر و أن تُقام له جنازة رئاسية في مستوى شخصيته و نضاله، يحضرها كبار زعماء دول العالم إقتداءًا بما حدث للرئيس الراحل هواري بومدين الذي توفى في 27 ديسمبر 1978 بعد مرض عضال. ولهذا السبب هو متشبث بكرسي الحكم لعل و عسى يتحقق له ذلك.
روسيا ترفض أي تدخل خارجي في شؤون الجزائر
هذا، وأعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء 19 مارس 2019، عن رفض بلاده لأي تدخل خارجي في شؤون الجزائر، مشيرًا إلى أن موسكو تراقب عن كثب تطورات الأوضاع في الجزائر.
وقال لافروف، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة، في موسكو: “نتابع تطورات الأوضاع في الجزائر باهتمام ونحن ضد أي تدخل خارجي في الجزائر، والشعب الجزائري هو من يقرر مصيره بناء على الدستور”.
وقال لافروف إن روسيا تشعر بالقلق إزاء الإحتجاجات في الجزائر وترى محاولات لزعزعة إستقرار الوضع في البلاد. وأضاف لافروف بأن بلاده تدعم مبادرة الحكومة الجزائرية لإجراء محادثات مع المعارضة بعد أسابيع من الإحتجاجات.
هل سيتكرر السيناريو المصري في الجزائر؟
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية الشهيرة، قد حذّرت في مقال لها بتاريخ 14 مارس 2019، من تكرار سيناريو مصر في الجزائر، حيث ربط بين الأحداث التي وقعت سنة 2011 وبين ما يحدث في الجزائر الآن.
وتقول واشنطن بوست إنه “في مصر والجزائر، الجيش هو قوة مؤثرة وراء الكواليس، ومركزي في النظام من أجل فهم قدرة هذه الأنظمة على التكيف والتغلب على الأزمات السياسية”.
وتضيف الصحيفة أنه كما كان الحال في الفترة التي سبقت مغادرة حسني مبارك في مصر، تبحث الدولة العميقة الجزائرية عن سبل للخروج من وضعها غير المستقر حاليًا، عن طريق محاولة إعطاء تنازلات والإنتقال الذي يسمح للذين هم جزء في السلطة من الحفاظ على النظام ومكانهم فيه.
وترى الصحيفة الأمريكية الشهيرة أن الدور المهيمن للجيش والنخب السياسية والإقتصادية المرتبطة يعني أن الدولة الجزائرية لن تختفي بين عشية وضحاها، وأنه يمكن “للمتظاهرين تجنب خطأين رئيسيين أرتكبا في مصر”، يتمثل الأول في الإصرار على إصلاحات حقيقية ورفض التهدئة حتى تتم تنحية الشخصيات من النظام، والثاني يتمثل في عدم ترك الشوارع قبل تلبية مطالبهم.
وتقول إنه في مصر سنة 2011، كان رد فعل المتظاهرين غاضبًا عندما لم يستقل مبارك خلال خطاب 10 فبراير، وفي نهاية المطاف، سحب الجيش دعمه منه، واستقال الرئيس المصري في اليوم الموالي، ومباشرة بعدها غادر المتظاهرون ميدان التحرير وعادوا إلى منازلهم، أملاً أن ينشئ الجيش سلطة مدنية، وكانوا حينها مخطئين.
وفي 2019، أصبح النظام المصري أقوى من أي وقت مضى، لقد أوضح نظام عبد الفتاح السيسي أنه قادر على التكيّف إلى حد كبير، وغالبًا ما يوصف الآن بأنه “أسوأ من مبارك”، مشيرة إلى أن السيسي “يسعى لإطالة عمره عن طريق تعديل الدستور”.وقالت واشنطن بوست إن “إعلان بوتفليقة هذا الأسبوع بأنه لن يخوض الإنتخابات لعهدة أخرى يستنسخ جزءا من كتاب اللعبة المصري.”
وتشهد الجزائر منذ 22 فيفري الماضي، مظاهرات ومسيرات سلمية حاشدة تطالب الرئيس بوتفليقة بعدم الترشح لولاية جديدة وتغيير النظام ورحيل كل الوجوه السياسية الحالية. وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد أعلن، قبل أيام، عدم ترشحه لولاية رئاسية جديدة خامسة، وأمر بتأجيل تنظيم الإنتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 أفريل 2019.
شارك رأيك