وافانا الشاعر الكبير سُوف عبيد بنص قصيده الأخير “أولاد الحلال” الذي ننشره أسفله مع تشكراتنا.
عندما كُنَّا صِغارًا
كمْ لعبنا في المَزابلِ
نلاحقُ القطط والدّجاجَ
أو باحثينَ عنْ عُلبِ السَّردينِ والطّماطِمِ
نَجعلُهَا خُيولاً وسيّاراتٍ
نُصادفُ إرَبَ الرّسائِلِ
والصُّوَر
نَتهجّاهَا ونَتَملّاهَا سَاخرينَ
إذا كان اليومُ باردًا
نَجتمعُ حَلْقةً نتدفّأ عليهَا
مَكتُوبٌ عليها النّارُ
قلوبُ العاشقين
*
ليلةَ العيدِ
أيدينا تنامُ ماسكةً بالأحذيةِ الجديدةِ
تحتَ رؤوسِنا
أرجلُنا لا يَحقُّ لها أن تَكبُرَ
كيْ تُناسبَ دائمًا حذاءَ العيدِ المُقبل
لذلك كثيرا مَا نُصابُ بحُمَّى
كرةِ القَدمِ
تَرانا نتسلّلُ زاحفينَ
في القَيلُولةِ
تحتَ نافذةِ سيّدِي المُؤدِّبِ
نَستلّ منها خيطَ النّعناع الدّقيق المتينِ
ثمّ نمضي تحتَ الشّمس
ننبُشُ القُمامةَ
حتّى نظفَرَ بالخِرق
نَلُفّها في جَوِربٍ مُهتَرئ
بِحَبل المَسَدِ
ولا يأتي المساءُ حتّى تطيرَ الأظافرُ والأصابعُ
والكرةُ
ريشًا في السّماءِ
*
اِشتعلتْ عينُ سيّدِنَا مرّةً
وَيْحَنا
زَجَرَنا بالعصَا
ـ يا أولادَ الكلابْ
دُسُّوها في التّرابْ
حَفَرنَا في الأرضِ إلى الرُّكبتيْنِ
ووقفنا في الجنازةِ واجمينَ
نَدْفُنُ حيًّا يُرزَقُ
ذلكَ الشّيطانَ الجميلَ
عُدنا
غَسَلنا سَبْعا كلَّ الأصَابع
مِنْ تلكَ المَزابلِ
*
أنهَضُونَا باكِرًا مِنْ غَدٍ
إلى المدرسةِ
فَرَشَّنَا الحِبْرُ حتّى أمسيْنا نَرى الدّنيا
سَرابًا أسودَ
بعدمَا كنا نَرْتَشِفُهَا بالألوانِ
تحتَ الشّمس
*
سنواتٌ في سنواتٍ…
صارتِ المزابلُ عماراتٍ وساحاتٍ
ذاتَ مَزابلَ أكبرَ
تَمرَحُ فيها مَلائكةٌ أخرَى
… وإلى الأبدْ
شارك رأيك