في تاريخ النادي الإفريقي، وهو من الأندية العريقة والشعبية في تونس خارجها، حكايات تروى و عبر تستلهمها الأجيال من الرياضيين وحتى من السياسيين، لأن السياسة في تونس لم تكن أبدا بعيدة عن الرياضة بل كانت دوما في قلبها… ولم تخدمها في الغالب بل ساهمت في إفسادها.
بقلم مصطفى عطية *
إستقبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد رجل الأعمال والرئيس الأسبق لجمعية النادي الإفريقي وأحد أكبر مدعميها حمادي بوصبيع الذي كان مرفوقا برئيس جمعية لاعبي الإفريقي القدامى مراد حمزة وبعض المسيرين، ودار القاء حول الوضعية الإدارية والمالية والفنية للجمعية والسبل الكفيلة بإنقاذها من الأزمة الخانقة الذي تردت فيها لأسباب يعرفها القاصي والداني رغم كل محاولات التعتيم والإلتفاف والتضليل التي مارسها الكثيرون خلال الأشهر الماضية، لكن الإضافة التاريخية الهامة التي قدمها حمادي بوصبيع خلال هذا اللقاء وحملها الكثير من الرموز والإشارات وحتى الرسائل المشفرة هي التي أثارت إهتمام يوسف الشاهد، ومفادها أن النادي الإفريقي مارس في شهر جويلية 1993، ولأول مرة في تاريخه، حقه في تنظيم إنتخابات ديمقراطية شفافة رغم إحتراز قصر قرطاج والحاشية العائلية الجديدة التي بدأت في نسج خيوط نفوذها بين أسواره وفي كواليسه، وعلى رأسها ليلى الطرابلسي الخارجة لتوها من تسوية إرتباطها مدنيا وقانونيا مع أب بنتيها زين العابدين بن علي وشقيقها بلحسن الطرابلسي.
جرت الإنتخابات بشكل ديمقراطي نزيه كما أراد لها حمادي بوصبيع أن تكون وبمساندة محتشمة من نفر قليل من رفاقه، وأسفرت النتائج عن سقوط مرشح القصر والحاشية العائلية الجديدة عفيف الكيلاني وصعود المحامي الشاب المنجي الزغلامي كرئيس للجمعية، وهو المدعوم من حمادي بوصبيع والمرحوم عزوز الأصرم .
وأمام “هول” ماحدث ، ثارت ثائرة بلحسن الطرابلسي وأقسم أمام مريديه داخل أسوار قصر قرطاج على أن يسعى بكل جهد إلى الإطاحة بالرئيس الجديد، فٱتهمه بمعاداة النظام وبالإنتماء إلى العائلة البورقيبية بٱعتبار والده القاضي الفاضل المرحوم عبد العزيز الزغلامي كان دستوريا أصيلا ومن رفاق المرحوم الزعيم الحبيب بورقيبة في النضال وبناء الدولة الحديثة، وكما كان مدبرا وصلت هذه التهم إلى الزوجة الجديدة (قانونيا) ليلى بن علي فوضعتها تحت مجاهر محدبة لتتضخم أكثر ونقلتها إلى الرئيس بن علي الذي أمر بإبطال نتائج تلك الإنتخابات بعد أسبوعين فقط من صعود الأستاذ المنجي الزغلامي إلى سدة رئاسة الجمعية كأصغر رئيس في تاريخها والأول المنتخب ديمقراطيا.
قال حمادي بوصبيع ليوسف الشاهد بعد أن انتهى من سرد هذه القصة : “لو سارت الأحداث بالطريقة التي رغبنا فيها ولم يتعمد القصر الإطاحة بالرئيس المنجي الزغلامي المنتخب ديمقراطيا لما آلت أوضاع الجمعية إلى ماهي عليه الآن من ترد”.
إستمع يوسف الشاهد لما رواه حمادي بوصبيع بٱنتباه مكتفيا بالصمت، والمؤكد أنه أدرك مضامين الرسائل التي حملتها هذه الواقعة…
* صحفي وكاتب.
مقالات لنفس الكاتب [أنباء تونس :
للتأمل فقط : لم يبق أمام الشعب إلا أن يرشق بأحذيته “النواب” الذين أمعنوا في “التحرش” به !
للتأمل فقط : صراع الأجنحة في الجبهة الشعبية، من سيطيح بالآخر، المنجي الرحوي أم حمة الهمامي؟
شارك رأيك