تعيش
تونس خلال هذه الأسبوع على وقع محفل عربي وإقليمي هام جدا، وهو إنعقاد الدورة الثلاثين العادية للقمة العربية بمشاركة أغلب الرؤساء والملوك العرب يوم الأحد المقبل 31 مارس 2019.
بقلم سنيا البرينصي
من الثابت أن كل المؤشرات حتى اليوم، الجمعة 29 مارس، تؤكد أن الدورة الثلاثين العادية للقمة العربية بتونس ستكون مختلفة عن سابقاتها بالنظر إلى حجم المشاركة والحضور العربيين في هذه الأشغال بعد أن تم تسجيل أكثر من 5 الاف مشاركة في الوفود الرسمية وغير الرسمية.
كما أنه من المنتظر أن تكون التغطية الإعلامية المحلية و الأجنبية للقمة العربية بتونس مكثفة جدا، حيث سيقوم أكثر من 1000 صحفي من مختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية بتغطية هذا المحفل الإقليمي الهام.
حضور عدة ملوك ورؤساء عرب إلى تونس
أما بالنسبة لضيوف القمة من الرؤساء والملوك العرب، فقد حل أمس الخميس ببلادنا ركب العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وهي زيارة وصفها الإعلام السعودي ب “التاريخية”، كما سيتم خلالها الترفيع من الدعم السعودي الموجه لتونس وتوقيع إتفاقيات لإحداث مشاريع إقتصادية ببلادنا.
كما تأكدت مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح بن جابر أحمد الصباح، وأمير دولة قطر تميم بن حمد ال ثاني، والرئيس العراقي برهم صالح، والملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس اللبناني ميشال عون، و الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، و الرئيس اليمني عبد ربه منصور، و الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر جيلة.
كما ستسجل القمة العربية التي تختضنها بلادنا حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للإتحاد الأوروبي فرديريكا موغيريني، وكذلك المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، ورئيسة شؤون المنتدى العربي الصيني، ورئيس المنظمة العربية للسياحة بندر بن فهد، ورئيس المعهد الدولي للسلام، ورئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي.
الوفد السعودي يضم نحو ألف شخص
مؤشرات نجاح أشغال القمة العربية بتونس تتمظهر كذلك من خلال إنتعاشة إقتصادية كبرى، خاصة في القطاع السياحي، حيث أوقفت أغلب النزل والوحدات السياحية بكل من الضاحية الشمالية والبحيرة وتونس الكبرى مبيعاتها منذ أول يوم من إنطلاق الأشغال لإمتلائها بالوفود المشاركة، وعلى رأسها الوفد السعودي الذي يضم نحو ألف شخص، إلى جانب 22 طائرة وباخرة، وهو ما يعطي دفعا كبيرا هاما للقطاع السياحي، ولاسيما بالنسبة لسياحة المؤتمرات، علما وأن هذه النتائج المحققة هي نتاج عمل كبير ودؤوب إنطلق منذ عام 2015 تحت إدارة الوزيرة السابقة سلمى اللومي الرقيق التي يعترف كل منتسبي القطاع وهياكله بالمجهودات الكبرى التي بذلتها لإنقاذ السياحة التونسية عقب هجومي باردو وسوسة الداميين، ولعل الأرقام الإيجابية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة تثبت ذلك، حيث توافد 8 مليون سائح على بلادنا في 2018، بالإضافة إلى مداخيل بالعملة الصعبة فاقت 4 الاف مليون دينار، وهي أرقام لم يتم تسجيلها منذ عام 2010.
تونس التي استعدت جيدا سياسيا وديبلوماسيا وأمنيا ولوجستيا لإحتضان القمة العربية تتوهج وتتألق خلال هذه الفترة وأرضها “تهتف عربيا”، والمطلوب منا كتونسين التجند لإنجاح هذا الحدث لما له من تداعيات إيجابية على السمعة الخارجية للبلاد وعلى إقتصادنا الوطني.
المطلوب منا كتونسين المساهمة، كل من موقعه، في إنجاح هذا الحدث الذي يعد أبرز حدث تعيشه البلاد خلال السنوات الأخيرة، وكذلك لا ننسى أن نجاحنا في تنظيم أشغال القمة العربية سيكون مقدمة لنجاح اخر منتظر، وهو القمة الفرنكوفونية في 2020، لا يجب أن نتناسى أبدا أن تونس كانت دائما رائدة وسباقة في إنجاح المحافل الكبرى، فقط علينا كتونسين أن نتجند للعمل من أجل الوطن وتقديم صورة مشرفة لبلادنا بأن نكون يدا واحدة، حينها لن ننجح فحسب، بل سنحلق.
تونس قوة اقتراح إزاء الملفات العربية الحارقة الكبرى
من الثابت أيضا أن تونس كانت رائدة طيلة تاريخها بالرغم من الفترة العجفاء التي مرت بها خلال السنوات الأخيرة، تونس كما نريدها وتونس التي نريدها لن تكتفي بإرتداء أبهى حلة لها فقط خلال القمة العربية، بل ستكون قوة إقتراح كبرى خلال الأشغال، وهي لذلك عاقدة العزم، مثلما أكد وزير الخارجية خميس الجهيناوي خلال إجتماع وزراء الخارجية العرب، اليوم الجمعة، على إضفاء نجاعة أكبر على العمل العربي المشترك وتطوير منظومة التعاون بين بلدان المنطقة، خاصة إزاء الملفات الحارقة التي تخص الأوضاع في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها من البلدان التي تعيش حروبا وتوترات.
قمة تونس 2019 لن تكون كسابقاتها وستنتهي بقرارات وتوصيات تخدم الصف العربي واستقرار وأمن دول المنطقة، من ذلك توحيد الخطاب العربي حول ضرورة التسوية الشاملة في ليبيا عبر حوار داخلي ودون تدخل خارجي، ورفض قرار الرئيس دونالد ترامب ب “إهداء” الجولان السوري إلى الكيان الصهيوني، والتأكيد على سورية الجولان ووحدة سوريا وسيادتها واستقرارها، إلى جانب مخرجات أخرى هامة تخص القضية الفلسطينية واليمن والأمن القومي العربي والتصدي للمخاطر الإرهابية وملف اللاجئين وتعزيز التعاون الإقتصادي العربي وغيره.
تونس إذن لن تكتفي بتنظيم القمة العربية بل ستكون قوة اقتراح كبرى إزاء الملفات العربية الحارقة، والبصمة في هذا الحدث ستكون تونسية بإمتياز، فلنتجند جميعا لرسم ونحت هذه البصمة الوطنية من أجل تونس التي نريد.
شارك رأيك