جزائريون يطالبون بعود الرئيس السابق اليامين زروال.
كشف مصدر جزائري موثوق لـــ”أنباء تونس” أن جهات نافذة ربطت إتصالات مع الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال، وهو عسكري بإمتياز، وعرضت عليه قيادة مرحلة إنتقالية في البلاد. وأضاف المصدر أن الرجل أبدى موافقته المبدئية لكن بشروط، مؤكدا أن الإتصالات تحولت إلى مفاوضات، وهي جد متقدمة و إن كانت لا تزال مستمرة.
من الجزائر: عمّار قـردود
أفاد ذات المصدر إن الرئيس السابق يكون قد توجه، مساء أمس الجمعة 29 مارس 2019، إلى الجزائر العاصمة بعد الساعة الخامسة وفي سرية تامة. وبحسب نفس المصدر، فإن هذه السفرية تعد الأولى له منذ بداية الحراك الشعبي في الجزائر، حيث لم يسبق للرئيس زروال أن غادر ولاية باتنة – شرق الجزائر – باستثناء خرجاته اليومية لبعض المناطق الجبلية التي تعود على الخروج إليها أسبوعيًا. وهو ما يؤكد بأن الرجل مقبل على تولي مقاليد الحكم مجددًا في الجزائر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد عشرين سنة من مغادرته للرئاسة.
لم تكن دعوات رواد مواقع التواصل الإجتماعي للرئيس الجزائري السابق بالعودة إلى الحكم و إيصال سفينة الجزائر، المهددة بالغرق، إلى بر الأمان من خلال تعيينه قائدًا لتسيير المرحلة الانتقالية، مجرد أمنيات أو اقتراحات، ويبدو أن الأمور تتجه نحو الجدية و الترسيم من خلال مباركة الرجل للمسيرات السلمية للمتظاهرين الجزائريين و قبوله الخروج لتحيتهم وتشجيعهم أمام باب بيته ببوزوران بمدينة باتنة خلال جمعتين على التوالي، وسط حشود غفيرة من الجزائريين الذين لا يزالون يكنون للرجل الكثير من التقدير و الإحترام.
واعتبر كثيرون أن اليامين زروال بإمكانه أن “يحقق إجماعًا لقيادة المرحلة الإنتقالية بعد تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة”، مشيرين إلى أنه “يحظى بثقة غالبية الجزائريين على خلفية إنسحابه من رئاسة البلاد وإشرافه على تنظيم إنتخابات رئاسية مسبقة عام 1999”.
إتصالات متقدمة مع الرئيس السابق واتفاق مبدئي
وكان علي مبروكين، المستشار السابق للرئيس الجزائري اليمين زروال، قد كشف، منذ أيام، أن هذا الأخير مستعد للعودة لقيادة المرحلة الإنتقالية، شريطة أن يكون هناك طلب قوي من المواطنين لعودته، وذلك لفترة قصيرة يتولى فيها تسليم المشعل إلى جيل أصغر سنًا.
وأكد مبروكين في تصريحات إعلامية له، الثلاثاء الماضي، وجود إتصالات مع زروال الذي أمضى فترتين إنتقاليتين (عامي 1994 و 1998) لقيادة الفترة الانتقالية. وأضاف ذات المتحدث بأن اليمين زروال (78 عامًا) يتابع باهتمام الأخبار الراهنة، وذهب الآلاف من الشباب للقائه في باتنة، مؤكدًا بأنه يتمتع بصحة جيدة ولا يعاني من أية أمراض. مشدّدا على القول بأن: “الرجل يتمتّع بمصداقية كبيرة وهو موضع تقدير داخل المؤسسة العسكرية، كما أنه سياسي متقاعد ويمكنه تولي مسؤوليات جديدة”.
أمس، في الجمعة السادسة من الإحتجاجات، إعتصم متظاهرون أمام منزل اليامين زروال بحي المجزرة بباتنة وطالبوه بتسيير المرحلة الإنتقالية المرتقبة، وقد تفاعل زروال لذلك و خرج للمتظاهرين لتحيتهم و دعمه للحراك الشعبي، وقد ظهر زروال في حالة صحية جيدة و كانت تسريبات أفادت بأنه سيتم تعيينه رئيسًا للدولة لمدة 90 يوم قبل 28 أفريل المقبل من أجل تسيير المرحلة الإنتقالية فيما سيكون عبد المجيد تبون وزيرًا أول و نور الدين بدوي وزيرًا للداخلية وتشكيل لجنة مستقلة للإشراف على الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
هذا ويعيش الرئيس الجزائري السابق في مدينة باتنة – جنوب شرق الجزائر العاصمة – حيث ولد قبل 78 سنة، حياة عادية وهادئة قريبة من المواطنين العاديين و إن كان برتبة رئيس، وذلك منذ أن قرر طواعية تقليص عهدته الرئاسية وتسليم السلطة لخلفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الفائز في الإنتخابات الرئاسية سنة 1999 والذي بات غير مرغوب فيه مؤخرًا ومنبوذًا من طرف الشعب الجزائري الذي قاد ضده منذ 22 فيفري الماضي مظاهرات شعبية حاشدة تُطالبه بالرحيل بمعية رموز نظامه الفاسد.
وبالرغم من أن زروال في عهده كان قد تعرض لانتقادات حادة و لاذعة، بسبب أنه جاء إلى الرئاسة معينًا في بداية الأمر، على إعتبار أنه كان عسكريًا ووزيرًا للدفاع، ثم أنتخب رئيسًا للدولة في 1995 في أول إنتخابات رئاسية تعددية في البلاد رغم طعن المعارضة في مصداقيتها، إلا أنه منذ أن إبتعد عن السلطة ارتفعت أسهمه، بسبب إستقالته طواعية، بالرغم كل ما يقال عن الصراعات التي كانت موجودة داخل السلطة، خاصة مع قيادات الجيش، التي يعتقد كثيرون أنها كانت سببًا في استقالته.
قبل الرئاسة مكرها، بعد أن وصل أصحاب القرار إلى طريق مسدود
الرئيس السابق زروال هو عسكري التكوين، تدرج في عدة مسؤوليات في الجيش، حتى وصل إلى رتبة جنرال، ولم تكن إستقالته من الرئاسة هي الأولى، لأنه استقال المرة الأولى من الجيش لما رفض اللواء خالد نزار الذي كان وزيرًا للدفاع مشروع إصلاح وعصرنة المؤسسة العسكرية الذي قدمه زروال، ثم إستقال من منصبه سفيرا للجزائر في رومانيا، بل اعتبر أن وجود سفارة في بوخاريست هدر للمال العام، وأنه لا يوجد ما يبرر وجود سفارة وإنفاق أموال عليها وعلى العاملين بها، واستقالته الثالثة والأخيرة هي من رئاسة البلاد.
يحسب للرئيس زروال العسكري أنه قبل الرئاسة مكرها، بعد أن وصل أصحاب القرار إلى طريق مسدود في وقت كانت فيه الجزائر على وشك الإنهيار، بسبب الإرهاب والأزمة الاقتصادية والمالية التي كانت غارقة فيها، والحصار الدولي غير المعلن المضروب عليها، ويحسب له أنه وضع مادة في دستور 1996 تحدد الولايات الرئاسية بإثنتين فقط، وكانت آنذاك سابقة في منطقة المغرب العربي.
هذا و نشير إلى أن الرئيس السابق و بالرغم من الجماهيرية التي يُحظى بها لدى نسبة كبيرة من الجزائريين، إلا أنه لا يُحقق الإجماع لدى جميع الجزائريين، فهناك من يعتقد أنه تخلى عنهم و عن الوطن في أحلك فترة في تاريخه المعاصر عندما فضّل الإستقالة من منصبه في خطابه للأمة بتاريخ 11 سبتمبر 1998 وتقليص عهدته الرئاسية التي فاز بها في 1995 و الإعلان عن إنتخابات رئاسية مسبقة فاز بها الرئيس بوتفليقة في أفريل 1999.
#باتنة في جمعة الصمود… متظاهرون يعتصمون أمام منزل اليامين زروال بحي المجزرة ويطالبون بتسيير المرحلة الإنتقالية… وزروال يخرج للمتضاهرون لتحيتهم دعما منه للحراك ومثمنا شعارات الشباب تسلم يا التظاهر.
شارك رأيك