عبد العزيز بوتفليقة في موكب جنازة بورقيبة عام 2000.
ماذا عسانا، نحن التونسيون، أبناء بورقيبة، قائلون اليوْم في الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو يمُرّ بمِحْنة العُمْر؟ سوى أن نعامله بنفْس آيات إكرامه لنا من خلال ما قاله في الثناء على مناقب بورقيبة بعد حضوره لمَراسم تشْييع جنازة الرّئيس والزّعيم الرّاحل.
بقلم أسعد جمعة *
في إطار مواكبته لمراسم تشْييع جنازة الرّئيس الحبيب بورقيبة أدْلى الرّئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بتصْريح قبيْل مغادرته للتّراب الجزائري التّونسي جاء فيه: “على حين غرّة أخذتنا فاجعة رحيل قائدنا الأكْبَر وزعيمنا القائد الكَبِير المَغْفور له المُجاهد الأكْبر والزّعيم الفذّ الحبيب بورقيبة طيَّبَ الله ثَراه وأغْدَقَ عليْه من ألْطاف جنَّاتِه مع الأنْبياء والصِدِّيقين.
لقد كان – رحمه الله – أمّة بأكْملها نَذر حياته كلّها لخِدْمة تونس وقَضايا المَغْرب العربيّ والأمّة قاطبة، وكابَد في سَبيل ذلك جُلَّ المِحَن وكلّ المَتاعِب، وركِب المَخَاطر، وضَحَّى بما يَمْلِك إلى أن وَفّقَه الله ورُفقائه المُجاهدين والمُناضِلين من الرَّعيل الأوَّل إلى تحْرير تونس وقيادتها على طَريق بِناء الدَّوْلَة الحديثة.
إنّ الجَزائر التي لا تفْتأ تتذَكَّر مواقف الرَّاحِل الجَليل باحْتضان الثَّوْرة ودَعْم شعْبها في لحَظات المِحَن الصَّعْبَة لَهي اليَوْم تَنْحَني بإجْلال وتَأثُّر أمام هذا المُصَاب العَظيم داعية الله أن يتغمَّد فقيدنا بالرَّحْمة والغُفْران، وأن يُلْهِم ذَويه وشعْبه الصَّبْر الجميل، مًتَمَنِّيَة لشَعْب تونس الشّقيق… مزيدًا من التَّقَدُّم والازْدهار”.
وفي يوم 6 أفريل من سنة 2000، قال الرّئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد حضوره لمَراسم تشْييع جنازة المرْحوم الرّئيس الحبيب بورقيبة مؤبّنا الزّعيم الرّاحل: “ها قد شاء القدر أن يجيء الهزء إلى قلبي ليخفي منارة أضاءت درب حياة أمّتنا عقودا طوال. شاء القدر أن يفتدي في إحدى لحظات تجلّيه بروح الزّعيم الوطنيّ الكبير والقائد الفذّ، ذلكم الطّود الذي ألقى بشخصه ضلالاً على قرْن مُتمَيّز.
لقد اتّسمَت حياة فقيدنا الرّئيس الحبيب بورقيبة بخِصال قلَّما اجْتمعت لغيْره من رجاحة عقل وصدق جهاد وبُعْد نظَر. لقد فقَد مغْربنا العرَبيّ وأمّتنا العربيّة والعالم قاطبًا في شخْصه دائرة خصال وفضائل أعمال نادرًا ما حَضي بها غيْره من زعماء القرن العشرين.
إنّنا في الجزائر لَنُدرك أكثر من غيْرنا معْنى أن يرْحَل عنّا الحبيب بورقيبة، وهو مَن تضامَن مع ثوْرتنا، واحْتضَن أبناءَنا، وتقاسم قُوت شعْبه في لحظات المِحَن مع شعْبنا. إنّ الشَّعْب الجزائريّ لَيُقاسم شقيقَه في تونس رُزْأه في هذا الخطف الجَلَل ويتَّجه إلى الله فاطر السّماوات والأرْض بالدّعاء بالرّحمة والغُفْران للرّاحل العظيم ولشَعْب تونس الشَّقيق بالصَّبْر والسُّلْوان.
إنّي – والله – لَمِن العاجزين عن تعْزِيتِك أيتّها الشّقيقة تونس في قائد مُتَمَيّز وشعْب أصيل، وقد أكون أنا الأوْلى بهذا العَزَاء.
ما لي – والله – إلاّ الرّجاء والتّضرُّع بأن يتغَمّد أخينا الأكبر الحبيب بورقيبة برحْمته الواسِعة ويلْهمكم ويلْهمنا الصّبْر والجلَد أمام قضاء الله وقدَره، ولا رَادّ لقضائه -سبحانه وتعالى-“.
هذا ما قاله الرّئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مؤبّنا الزّعيم الرّاحل الحبيب بورقيبة، ومثنيًا على مناقبه ومعبِّرًا عن عظيم تأثّره بفقدانه لأبيه الرّوحيّ، فماذا عساكم، يا أبناء بورقيبة، قائلون اليوْم في الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو يمُرّ بمِحْنة العُمْر؟
فلئن صادر بعضهم كلامنا المُباح، فحسْبنا قول الشّيخ الرّئيس أبي عليّ بن سينا: “إنّ المدبّر الذي كان يدبّر بدني قد عجز عن التّدبير، والآن فلا تنفع المعالجة”… وداعًا عبد القادر… لن ينْصفك سوى التّاريخ، ذاك الذي وسَمه ابن مسْكويْه : “تجارب الأمم”، وكم دروسه قاسية على الشّعوب…
* جامعي وكاتب.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
عندما يصرّ الباجي قائد السّبسي على إنتهاج سياسة اللَّعِب مع المارد الإخوانيّ
طقوس “عيد النّحْر” و”رجْم الشّيْطان” الهَمَجيّة ليست من الشّعائر المُسْتَحَقَّة من المُسْلِمين
…
شارك رأيك