صور من و
صور من وسط مدينة القصرين هذا الصباح.
منذ حوالي الأسبوعين ومدينة القصرين تغرق في الفضلات بسبب الإضراب المفتوح والإعتصام أمام مقر البلديات الذي دخل فيه كافة عمّال الحضائر وأعوان النظافة علما وأن التنسيقيات الجهوية بكافة ولايات الجمهورية لعمال الحضائر دعت إلى الدخول في سلسلة من التحركات الإحتجاجية ستتوج باعتصام بمقر البلديات أيام 11 و12 و13 أفريل 2019.
بقلم فيروز الشاذلي
منذ حوالي الأسبوعين ومدينة القصرين تغرق في الفضلات وتكدس أكياس القمامة في كل مكان مما ينظر بخطر بيئي محدق حيث أصبحت الساحات و الأماكن العمومية عبارة عن مصب نفايات علاوة على الروائح الكريهة التي خلفتها هذه الأوساخ المتراكمة منذ مدة و مع مرور الوقت أصبح التخوف جديّا من إنتشار أمراض في هذه البيئة كإلتهاب الكبد الفيروسي.
هذا الوضع ناتج عن الإضراب المفتوح والإعتصام أمام مقر البلديات الذي دخل فيه كافة عمّال الحضائر و أعوان النظافة ببلدية حي النور و البلدية المركزية بوسط المدينة وذلك على خلفية تجاهل سلطات الإشراف وفق تعبيرهم لجملة من المطالب المهنية والإجتماعية رغم محاضر الإتفاق الممضاة سابقا وعلى رأسها مطلب ترسيم أعوان الحضائر حيث إعتبر كاتب عام نقابة أعوان وعمال بلدية النور أن هذا الإعتصام المفتوح جاء نتيجة لما اعتبره الوضع المزري وقلة إهتمام سلط الإشراف بالمقترحات الحقيقية لحلحلة إشكاليات العمال وتسوية وضعية الحضائر الذين يقدمون خدمات كبيرة للبلدية.
أمام هذا الوضع قام العديد من المواطنين بمبادرات فردية لجمع القمامة بالأنهج و الساحات العامة ولكن هذه المبادرات قوبلت بالرفض و المنع من قبل عمال الحضائر التابعين للبلدية وأمام هذه التصرفات الهوجاء تقدم عدد من المواطنين إلى رئيسة البلدية للتدخل لحل الإشكال فكانت إجابتها أن مسألة ترسيم عمّال الحضائر هو موضوع وطني ويهم كافة العمال في الجمهورية وهو في طريقه إلى التسوية وأضافت أن المجلس البلدي قد عقد جلسة إستثنائية في هذا الخصوص وتم رصد إعتمادات للتأجير بسبب العجز المالي للبلدية، وأشارت في نفس السياق إلى أن عمال الحضائر رفضوا مقترح الترسيم على دفعات وبالتالي لا يمكنهم التمتع بالمنح التي يطالبون بها طالما أنهم ليسوا مرسّمين.
إضراب وطني لعمال النظافة بداية من 11 أفريل الجاري
هذا الوضع المزري من تكدس الأوساخ و النفايات المنزلية إضافة لعامل تهاطل الأمطار و إنتشار برك الماء حول هذه النفايات لم يقتصر على مدينة القصرين فقط بل شمل العديد من ولايات الجمهورية بعد أن دعت التنسيقيات الجهوية بكافة ولايات الجمهورية لعمال الحضائر الدخول في سلسلة من التحركات الإحتجاجية إنطلاقا من يوم 6 افريل 2019 في كل المعتمديات وكل الإدارات و ستتوج بتحرك وطني أمام مقرات الولايات ومقرات البلديات أيام 11 و12 و13 أفريل الجاري في شكل إعتصام مفتوح وإضرابات جوع، وذلك للتأكيد على أن تسوية ملف عمال الحضائر مطلب لا تراجع عنه وللمطالبة بإمضاء إتفاق جدي ينهي هذه المعاناة حسب تعبيرهم.
لذلك شهدت عديد الولايات ظاهرة تكدس الأوساخ على غرار سليانة، القيروان وجندوبة وهذه المشكلة من المنتظر أن تصبح مشكلة وطنية بحكم الإضراب المزمع القيام به لثلاثة أيام بداية من 11 أفريل الجاري على المستوى الوطني لعمال الحضائر مما سيتسبب في إنتشار الأوساخ والنفايات في كافة الولايات وهو ماله من إنعكاس سلبي على المواطن والبيئة زيادة على بداية موسم إرتفاع درجات الحرارة في هذا الوقت و إنتشار الناموس وهو أسوأ سيناريو لبداية موسم سياحي واعد .
موضوع شائك والحلول غير متوفرة
أول سبب يجعل من هذا الموضوع جد شائك ويصعب حله بالكامل هو العدد الكبير من عمال الحضائر فحسب وزارة الشؤون الإجتماعية يتجاوز عددهم الجملي 80 ألف عامل أغلبهم تم تشغيله وفق صيغة الحضائر بعد أحداث الثورة مباشرة كصيغة لإمتصاص الإحتجاجات الإجتماعية المطالبة بالتشغيل.
صحيح أن هذه الصيغة ساهمت في التخفيض بصفة كبيرة من التوترات الإجتماعية في تلك الفترة لكن ثمنها كان كبيرا جدا على التوازنات المالية للدولة وخاصة أن الوظيفة العمومية هي في أصلها تعاني من تضخم عددي غير مسبوق مقارنة بعدد السكان والميزانية العامة للدولة مما أدى إلى ضرب عنصر الإنتاجية بالكامل ففي بعض البلديات هناك 10 أعوان في مكتب واحد وغالبيتهم دون تأهيل.
الدولة الآن أمام وضع صعب ولا تحسد عليه فهي غير قادرة على إستيعاب هذا العدد الهائل ومن ناحية أخرى عندها تحدي آخر وهو التخفيض في العدد المتضخم لأعوان الوظيفة العمومية.
يذكر أن جلسة تفاوضية إنعقدت في ديسمبر 2018 بين الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل حول ملف عمال الحضائر المندرج في إطار تجسيم اتفاق 27 نوفمبر 2017، حيث قدمت الحكومة عديد المقترحات حول هذا الملف منها صرف منحة تقدر بــ371 دينار لمن يعمل من عمال الحضائر عن سن الـ 55 سنة الى حدود 60 سنة ثم يحال على التقاعد ليتمتع بمنحة العائلات المعوزة المقدرة بـــ 180 دينار لمن له أقل من طفلين و210 دينار لمن له ثلاثة أبناء فما فوق إلى جانب التمتع ببطاقة العلاج المجاني.
وبالنسبة إلى من لديه رغبة في الخروج التطوعي إقترحت الحكومة منحه مبلغا ماليا يقدر بــ 13 ألف و500 دينار مع إمكانية إدراج من له الرغبة في بعث مشروع ولديه شهادة كفاءة مهنية في نوعية المشروع ضمن برنامج التنمية المندمجة .أما بخصوص باقي عمال الحضائر ممن يتمتعون بعمل قار فقد إقترحت تسوية وضعياتهم على مراحل نظرا لعددهم الكبير.
وكان من المنتظر أن يكون هناك إجتماع في مستهل هذا الشهر بين مجموعة 5+5 بين الحكومة والإتحاد ولكن بحكم تأخر بعض الوزارات في ضبط قائماتها النهائية لعمال الحضائر تم تأجيل هذا الإجتماع و أمام هذه الإحتجاجات فالمطلوب الإسراع في إعداد هذه القائمات النهائية وضبط إتفاق نهائي بين الحكومة والإتحاد يراعي ظروف هذه الطبقة التي تعاني من التشغيل الهش وبين التوازنات المالية للدولة خاصة أننا قادمون على موسم صيفي وسياحي واعد وحل مشكلة النظافة في المدن بصفة نهائية نظرا لبعده البيئي المهم ففي السنوات السابقة عان المواطن بشكل كبير من هذه الظاهرة التي تحدد مدى تحضر المجتمع و درجة المواطنة عند هذا الشعب .
شارك رأيك