وقعت الشركة الجزائرية للمحروقات “سوناطراك”، أمس الخميس 25 أفريل 2019، مع المجمع الطاقوي الايطالي “إيني” على بروتوكول تفاهم حول تجديد عقد تموين ايطاليا بالغاز الجزائري الذي كان سينتهي في نهاية 2019. ومن المنتظر أن تطالب تونس من رفع حصتها من عائدات هذا الأنبوب.
من الجزائر: عمّـار قـردود
حسب بيان “سوناطراك” فقد وقع الرئيس المدير العام للشركة الجزائرية للمحروقات رشيد حشيشي والرئيس المدير العام لــ”إيني” كلاوديو ديسكالزي على بروتوكول تفاهم، يؤكد رغبتهما في تجديد عقد التموين بالغاز قريبًا وأنماط النقل عبر انبوب الغاز العابر للحوض المتوسط خلال السنوات المقبلة، بحسب وكالة الانباء الجزائرية. و يمثل بروتوكول الاتفاق هذا “مرحلة جديدة في تعزيز العلاقات التاريخية بين الشركتين”، حسبما اشار ذات المصدر.
و الجدير بالذكر أن ايطاليا تعتبر إحدى اهم وجهات الغاز الطبيعي الجزائري بفضل “أنبوب الغاز العابر للحوض المتوسط” والذي يُطلق عليه ايضا انبوب الغاز “أونريكو ماتي” وهو ثمرة شراكة أبرمت سنة 1977 بين “سوناطراك” و “إيني”.
وفي سنة 2018 إتفق المجمعان على المبادرة بمفاوضات تجارية بهدف تقييم تمديد التموين بالغاز الى أبعد من الأجل التعاقدي و الذي كان مقررًا سنة 2019 في إطار تعزيز تعاونهما و شراكتهما.
و بعد تسوية نزاعهما سنة 2017، تعززت علاقات “سوناطراك” و “إيني” بالتوقيع على العديد من المشاريع في الجزائر في مجالات البحث والإستغلال والإستكشاف في عرض البحر والطاقات المتجددة والبتروكيمياء.
وواجه عبور الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر التراب التونسي منذ مدة عدة عراقيل بسبب توتر بين الحكومتين الجزائرية والإيطالية حول الملف، حيث أكد وزير التنمية الإقتصادية الإيطالي كارلو كاليندا في أفريل 2017 أن عقد تصدير الغاز من الجزائر نحو إيطاليا الذي سينتهي في 2019 لن يتم تجديده.
كما نقلت وسائل إعلام إيطالية تصريحات للوزير الإيطالي قال فيها إن إمدادات الغاز الجزائري لإيطاليا الذي تضمنه “غازودوك” ستنتهي في 2019 ولن يتم تجديدها، مضيفًا أن إمدادات أكبر الممونين لإيطاليا ستنهار لعدة أسباب. وكشف ذات الوزير الإيطالي بأن بلاده ستوقع عقودًا طويلة الأمد مع هولندا في 2020 والنرويج في 2026.
تجديد إيطاليا لعقد إستيراد الغاز الجزائري يُريح الحكومة التونسية
هو القرار الإيطالي الذي أقلق المسؤولين في الجزائر وتونس على حد سواء، على إعتبار أن عدم تجديد إيطاليا لعقد إستيراد الغاز الجزائري ستكون له تداعيات إقتصادية سلبية على تونس و يُفقدها موارد مالية و عينية معتبرة، حيث أن عبور أنبوب الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر تونس يؤمن لهذه الأخيرة 50 بالمائة من حاجياتها من الغاز، وكاد مشروع “غالسي” الذي كان مبرمجًا بين الجزائر وإيطاليا مرورًا بجزيرة سيردينيا أن يهدد إستفادة تونس من ذلك لولا تعطله بسبب تراجع الطلب على الغاز لدى الإيطاليين وضعف العرض المالي الإيطالي.
وكانت تونس عبر وزارة الطاقة و المناجم و الطاقات المتجددة قد أعلنت في فيفري 2018 عن إنطلاق المفاوضات بين تونس وإيطاليا بخصوص التمديد في إستغلال أنبوب الغاز “أنريكو ماتي” – العابر للبلاد التونسية – والذي إنطلق تشغيله سنة 1983 وتم تباحث الصيغ الكفيلة بمواصلة استغلال منشآت نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر تونس والذي يمتد على حوالي 400 كلم إنطلاقًا من الحدود التونسسية الجزائرية حتى مدينة الهوارية بالوطن القبلي ليتواصل عبر البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى إيطاليا.
وقد عبرت تونس و إيطاليا عن الرغبة في مواصلة هذا التعاون بين البلدين نظرًا للعلاقات الثنائية المتميزة والتاريخية التي إنطلقت منذ الستينيات من القرن الماضي راجين أن يتواصل التعاون في مجال نقل الغز الطبيعي الجزائري بعد إنتهاء الإتفاقيات المبرمة سابقًا بحلول سبتمبر 2019.
وستشهد السنة الجارية إنتهاء حق الإستغلال الممنوح لإحدى الشركات السويسرية وبالتالي سيعود هذا الحق إلى الحكومة التونسية. وتتولى شركة “سار غاز” – و هي شركة مختلطة تونسية إيطالية – إستغلال وصيانة الأنبوب.
و تؤمن الجزائر ثلث ما تستورده إيطاليا من الغاز عبر أنبوب “أنريكو ماتي” للغاز العابر لتونس والذي ينقل مباشرة إلى إيطاليا عبر جزيرة سردينيا حوالي 8 مليارات متر مكعب من الغاز الجزائري سنويًا.
وكشف تقرير سابق للبنك الدولي أن تونس تواجه بعض الخيارات الإستراتيجية الصعبة لتلبية إحتياجاتها المستقبلية من الطاقة مع توقعات ببدء تراجع إنتاج الغاز اعتبارا من عام 2020. وبيّن التقرير أن توقعات الطلب على الطاقة ومصادر إمداداتها الحالية تشير إلى إحتمال حدوث نقص في إنتاج الطاقة الرئيسية بحلول عام 2020 تقريبًا.
مطلب تحويل ملكية أنبوب الغاز إلى تونس
و بحسب مصادر تونسية كان يفترض أن تحال ملكية أنبوب الغاز الناقل للغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر الأراضي التونسية إلى الدولة التونسية منذ سنة 2008 غير أن السلطات أرجأت حينها هذا الاتفاق إلى سنة 2018 لكن السلطات رغم حلول المواعيد المتفق عليها لم تطالب بهذا الحق.
و معلوم إن حصة تونس من الغاز الجزائري العابر لأراضيها لا تتجاوز 5.7% في الوقت الذي تحصل فيه المغرب على حصة لا تقل عن 7%، لهذا يُطالب خبراء الطاقة التونسيون بضرورة عمل السلطات التونسية على مراجعة الإتفاقيات من أجل رفع الحصة وتحسين عائدات البلاد من الموارد الطاقية. وبحسب إحصاءات حكومية، تتلقى تونس رسومًا مقابل نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر أراضيها تراوح نسبتها بين 5.25% و6.75% من حجم الغاز المنقول.
وحصلت الحكومة التونسية في 2018 على عائدات بقيمة 473 مليون دينارتونسي، أي نحو 197 مليون دولار كرسوم لعبور الغاز الجزائري إلى إيطاليا، مقابل 440 مليون دينار تونسي تعادل 183 مليون دولار في 2017.
ما هو خط الأنابيب “ترانس ميد” أو “إنريكو ماتي” ؟
خط الأنابيب عبر المتوسط” TransMed” أو خط أنابيب غاز “إنريكو ماتي”، هو خط أنابيب غاز طبيعي من الجزائر عبر تونس إلى صقلية ثم إلى الأراضي الايطالية. يوجد امتداد لخط أنابيب عبر المتوسط يقوم بتوصل الغاز من الجزائر إلى سلوفينيا.
قترح إنشاء خط أنابيب لتوصيل الغاز من الجزائر إلى ايطاليا في الستينات. وتم عمل دراسة جدوى مبدئية عام 1969 وتمت عملية مسح لمسار خط الأنابيب في عام 1970. في الفترة من 1974-1975، أجريت إختبارات تقنية لوضع أنابيب في البحر المتوسط. عام 1977، تم توقيع اتفاقية عرض المشروع وعملية نقل الغاز.
أنشئت أول مرحلة من خط الأنابيب فيما بين 1978-1983 والمرحلة الثانية في 1991-1994 وتم مضاعفة القدرة في عام 1994. عام 2000، تم تسمية خط أنابيب الغاز باسم “إنريكو ماتيي”. ويبدأ مسار خط الأنابيب من حقل حاسي الرمل في الجزائر لمسافة 550 كلم حتى الحدود التونسية. في تونس، يمتد خط الأنابيب لمسافة 370 كيلومتر حتى الهوارية، في منطقة الرأس الطيب، وبعدها يمتد لمسافة 155 كلم حيث يصل إلى قناة صقلية. نقطة الإنزال الأرضية في مزارا ديل ڤالو في صقلية. ومن هناك يستمر خط الأنابيب لمسافة 340 كلم في صقلية، 15 كلم عبر مضيق ميسينا و1,055 كلم في الأراضي الايطالية إلى شمال ايطاليا ويمتد إلى سلوڤينيا.
القسم الجزائري يتكون من محطة ضغط وخطين بقطر 48 إنش والقسم التونسي يتكون من محطتين ضغط وثلاثة أنابيب بقطر 48 إنش في عام 2007. منحت شركة الانشاءات الايطالية سايپم عقد لإنشاء محطتين ضغط جديدتين وتجديد محطات الضغط القديمة مما يسمح بزيادة القدرة في القسم الجزائري بمقدار 6.5 بليون متر مكعب سنويا. وتتلقى تونس رسوم نقل بنسبة 5.25 — 6.75 من حجم الغاز المنقول. ويتكون القسم البحري عبر خليج صقلية من ثلاث خطوط بقطر20 إنش وخطين بقطر 26 إنش في إيطاليا، يتراوح قطر الأنبوبين بين 42إنش و48 إنش. القدرة الحالية لخط الأنابيب هي 30.2 بليون متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي.
تقوم بتشغيل القسم الجزائري شركة “سوناطراك” الحكومية. وفي تونس يملكه الشركة التونسيية لأنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية “سوتوغات” ويشغله سيرغاز. القسم عبر قناة صقلية تشغله “تي أم بي سي”، وهي مشروع مشترك بين “إيني” و”سوناطراك”. القسم الايطالي يشغله فرع “إيني سنام ريت غاز”.
شارك رأيك