تُراهن الحكومة التونسية بقيادة يوسف الشاهد بشكل أساسي على قطاع المعاملات الخارجية أو ترحيل الخدمات (الأوفشورينغ offshoring) بغية استقطاب كبريات المجموعات الإقتصادية الأوربية، في مجالي الصناعات المعملية والخدمات، و ذلك لمساهمة هذا القطاع في تسريع ودعم وتيرة نمو الإقتصادي التونسي التي لا تزال بطيئة.
بقلم عمّـار قـردود
تعوّل تونس على هذا القطاع لإعتقادها الراسخ بأنه من القطاعات الأولى التي تساهم في خلق مواطن الشغل في البلاد و إمتصاص البطالة التي يعاني منها أكثر من 650 ألف من المواطنين (15 في المائة من اليد العاملة) منهم قرابة 250 ألفا من أصحاب الشهائد العليا، علما وأن هذا القطاع ساهم في توفير عشرات الآلاف من مواطن الشغل للتونسيين خاصة في فترة ما قبل ثورة جانفي 2011.
لهذا تبذل السلطات التونسية مجهودات جبارة لاستقطاب الشركات العاملة في هذا القطاع، عبر منحها تسهيلات كبيرة وتوفير يد عاملة متعلمة ومختصة بكلفة أقل. في ظل منافسة شرسة تفرضها دول مجاورة كالمغرب والكاميرون والسنغال ونيجيريا.
التركيز على إستقطاب الشركات الفرانكفونية
وتعمل تونس على استقطاب الشركات الفرانكفونية على وجه الخصوص، وإغراء حتى تلك التي تشتغل مع شركات “الأوفشورينغ” بالدول المجاورة كالمغرب.
و يواجه قطاع ترحيل الخدمات بتونس جملة من التحديات، لا سيما التكوين وقابلية التوظيف، وهو ما يستدعي الإسراع في وضع الآليات الكافية لمواكبة التطورات الجديدة التي تفرضها المستجدات المرتبطة بالذكاء الصناعي والتكنولوجيات المرتبطة بمعالجة البيانات الضخمة.
و تتخوف الحكومة المغربية بشكل جدي من منافسة قوية وشديدة من تونس في هذا القطاع، على الرغم من أن المغرب يعتبر البلد العربي الأكثر نجاحًا في هذا المجال، حيث يتوفر الآن على عدد مهم جدًا من مراكز التكنوبوليس و هي مدن تكنولوجية مخصصة للأوفشورينغ، و كل تكنوبوليس منها يوفر أكثر من 10 آلاف موطن شغل على أقل تقدير.
و كانت تونس قد حلت في المرتبة 17 عالميًا من بين الدول المستقطبة لقطاع الأوفشورينغ حسب مكتب الدراسات AT Kearney لسنة 2009. وجاءت الهند في مقدمة الدول المستقطبة متبوعة بالصين وماليزيا.
أما بالنسبة للدول العربية، فتقدمت مصر لتحتل المرتبة السادسة عالميًا، والأردن المرتبة التاسعة.
تبسيط إجراءات إنشاء المشروعات والتزام المؤسسات العامة باعتماد الشفافية
هذا وقد صادق البرلمان التونسي، في أفريل الماضي، على قانون جديد لتحسين مناخ الاستثمار، صوَّت لصالحه 86 نائباً برلمانياً بينما رفضه أربعة نواب، في ظل خلافات حادة حول آفاق هذا القانون ومدى تأثيره على عدة قطاعات وأنشطة إقتصادية متعددة.
ومن أبرز النقاط المثيرة للجدل في القانون الجديد، فتحه أبواب الإستثمار الأجنبي في مجال التعليم العالي، وتأثير ذلك على جودة منظومة التعليم العالي الحكومي، وإتاحة ملكية الأجانب للأراضي الفلاحية، وإمكانية سيطرة رأس المال الأجنبي على القطاع الفلاحي. وهي في معظمها مخاوف غير مبررة لأن هناك قوانين كثيرة تمنع سيطرة المستثمرين الأجانب.
ويهدف هذا القانون إلى تحسين الإستثمار ودفع مناخ الأعمال، من خلال تبسيط إجراءات إنشاء المشروعات، والتزام المؤسسات العامة باعتماد الشفافية في معاملاتها مع الشركات الإستثمارية، وكف الإدارات الحكومية عن المطالبة بوثائق غير ضرورية عند تشكيل المؤسسات، غالباً ما يكون المستثمر قد تقدم بها إلى إدارات عمومية على صلة بالملف.
مصطلح ترحيل الخدمات أو الأوفشورنغ (Offshoring) في اللغة الانجليزية يعني باختصار شديد إعادة توطين الشركات الكبرى الأجنبية في البلدان ذات الأجور والتكاليف المنخفضة حيث يمكنها أن تجد المهارات والكوادر اللازمة. وذالك سعيًا من هذه الشركات إلى التقليل من تكاليف الإنتاج.
ويشمل قطاع “الأوفشورينغ” المجالات الإقتصادية، مراكز النداء، والخدمات المالية المرحلة، ونشاطات الدعم ذات القيمة المضافة العالية، مثل البحث، ونشاطات أخرى، مثل المحاسبة وتدبير الرواتب، وكذا الخدمات المالية المنقولة (العمليات البنكية والتأمينات)، رغبة في تحسين الأداء العام، والتقليص من التكلفة المالية.
شارك رأيك