ظهر التشدد الديني في البلاد الإسلامية في القرن الرابع الهجري والعاشر ميلادي في ظل صراع على السلطة ثم لبس أردية التمذهب الفكري والأيديولوجي إلى أن إنتهى في العصر الحديث إلى أشكال متطورة من الإرهاب والتقتيل و الإيغال في دم الأبرياء.
بقلم صلاح الدين العلاني *
تعود نشأة التشدد الديني في الإسلام إلى الخليفة العباسي القادر بالله أبو العباس أحمد الذي حكم من سنة 381 حتى 422 هجري (947-1031 ميلادي) فقد إنقلب هذا الأخير على حكم المأمون وفرقة المعتزلة وتبنى التشدد الديني ومن مواقفه أن من يقول أن القرآن مخلوق فهو كافر حلال دم.
كان القادر بالله مناهضا للشيعة ومتمسكا بالسنة ومحاربة كافة طوائف الإسلام المخالفة وقد أمر بعدم خروج النساء الى الطرقات ليلا ونهارا – كما تبنى مذهب الأمام ابن حنبل الذي كان من المتشددين دينيا والذي عاش فقيرا مكدودا وكان يؤثر الخصاصة على أن يكون ذا مال ولا يقبل المال من الخلفاء وكان يأخذ بالأحاديث الضعيفة والمرسلة.
ومن رحم مذهب إبن حنبل المتشدد طلع مذهب إبن قيم الجوزية ومن بعده إبن تيمية الأستاذ الأعظم للسلفية وله عبارة شهيرة (“يستتاب أويقتل”) و قد تكررت في كتبه 428 مرة.
ومن هنا إستمر التشدد الديني طوال هذه العصور إلى أن وصل إلى الجزيرة العربية ومنطقة الحجاز على يد الأمام إبن عبد الوهاب الذي أعلن ان المرأة مكانها البيت وأمر بالتداوي ببول البعيروبالجهاد في سبيل الله والتعصب الديني.
بعد ذلك إنتشر هذا الفكر المتزمت مع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر في النصف الأول من القرن العشرين على يد حسن البنا ومن بعده حسن الهضيبي ثم السيد قطب.
ومن هذا الإتجاه المتزمت الذي إرتكب أتباعه عديد الجرائم في مصر ولد حزب حركة الإتجاه الإسلامي الإخواني في تونس الذي أصبح يسمى حركة النهضة وهو ينتمي إلى المنظومة الحاكمة في تونس منذ جانفي 2012.
من نفس هذا الرحم ولدت الحركات التكفيرية الجهادية التي تنادي بالإرهاب مثل القاعدة وأنصار الشريعة وداعش وبوكو حرام وجند الخلافة والموقعون بالدم وغيرها من التنظيمات…
هكذا بدأ المسلم يقاتل أخاه المسلم و يكفرالمتشددون الدينيون بكل طوائفهم كل الديانات الأخرى وكل مخالف لمبادئهم يل عدد منهم يكفرون بعضهم البعض مثل كثير من المجموعات الجهادية في سوريا التي تزايد على بعضها البعض في نشر الحقد والكراهية وإرادة الشر والإيغال في دم الأبرياء غير المنضوين تحت ألويتهم السوداء.
* كاتب وباحث.
شارك رأيك