جرت العادة أن حلول رمضان تسبقه تحضيرات كثيرة استبشارا بقدوم هذا الشهر الكريم الذي يحتل مكانة كبيرة لدى التونسيين بحكم مكانته الدينية وأيضا بحكم العادة والتقاليد .
لكن اضافة الى التحضيرات المادية فان هناك احساس روحاني ونفسي يختلج الأنفس قبل أيام من موعد الشهر وهو شعور يصعب تفسيره ماديا وبالملموس .
خلال السنوات الأخيرة فقدت هذه الميزة وهذا العام تكاد تكون انعدمت تماما فما هو السبب؟
يمكن تفسير الأمر بعوامل اجتماعية فالأزمات التي تعيشها البلاد ان كانت اقتصادية أم اجتماعية وأيضا سياسية طغت وصبغت الاحساس العام بالقتامة والتشاؤم ما أدى لغياب الاحساس بالروحانيات والمتعة النفسية لشهر رمضان كما جرت العادة.
بعض كبار السن يفسرون الأمر بكون ” البركة” فقدت وهي مفهوم يصعب تفسيره لكن يمكن الاحساس به وايضا الشعور بانعدامه وغيابه.
لكن في العموم علينا تجاوز هذا التفسير حتى وان كان مقبولا لنركز على العامل الآخر وهو أن الأزمات هي التي صبغت المجتمع بالسوداوية وحالة الاحباط الجماعي فالأمر لم يعد مرتبطا بشهر رمضان فقط بل بأمور أخرى كثيرة منها فقدان دفء الجو العائلي والتقارب المجتمعي وبين الأفراد حيث صارت الفرقة تطغى عوض التآلف والتقارب فمثلا صارت الأسر التونسية تفتقد “لمات” العائلة والسهر والسمر في مقابل الانغلاق على الذات أو بالأصح استبدلت العائلة والأصدقاء والأقارب بالهواتف المحمولة واللوحات الرقمية بل ان العلاقات تحولت من فعل مباشر الى حوارات مع أشخاص افتراضيين جلهم لا يلتقون وحتى هنا تطغى الخلافات والتسابب أي أننا صرنا في زمن العلاقات الافتراضية وأيضا المعارك الافتراضية ان صحت العبارة.
محمد عبد المؤمن
شارك رأيك