الآن وقد صدرت التقارير الدولية المحذرة من الجمعيات الخيرية والحقوقية والتي تعمل في تونس على أجندات خطيرة منها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أنشطتها ألم يحن الوقت لوضع حد لهذا التسيب وتشديد مراقبة تمويل هذه الجمعيات وكشف طبيعة أهدافها الحقيقية، وهي في كل الحالات لا تصب في مصلحة تونس والتونسيين.
بقلم مصطفى عطية *
جاء في تقرير اللجنة الدولية للتحاليل المالية، والذي كان البرلمان الأوروبي قد إعتمد عليه لحشر تونس في القائمة السوداء للدول المعرضة للمخاطر الجسيمة في ما يتعلق بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أن الكثير من الجمعيات التي تنشط في تونس تحت غطاء “خيري” متورطة في شبهات تمويل النشاطات الإرهابية أو تقديم مساعدات لعائلات الإرهابيين الموجودين في بؤر التوتر.
لم يأت هذا التقرير بالجديد بالنسبة للأخصائيين ومتابعي الشأن العام في البلاد، فقد تكرر التنبيه مرارا من الوضعية المسترابة للنسيج الجمعياتي المنتفخ جدا في بلادنا والذي يمثل خطرا محدقا بالإستقرار والأمن القومي بعد أن تم إختراقه من قبل المتطرفين والمتشددين وأصحاب الأجندات المشبوهة، وظهرت شبهات في مصادر تمويل العديد من الجمعيات.
إنتشار الفوضى والإنفلات والمزايدات الشعبوية الرخيصة
ما زلت أتذكر يوم حضرت ندوة نظمتها إحدى هذه الجمعيات التي تدعي الدفاع عن الأقليات حول التمييز العنصري في بلادنا مستندة في ذلك إلى شهادات بعض الطلبة الأفارقة، وإن كنا لا ندعي خلو تونس من هذه الظاهرة المنتشرة في كل مناطق العالم وعلى مر الأزمنة ولو بأشكال متفاوتة، فإن محاولة تضخيمها والإيغال في تأويلها خدمة لأجندات داخلية وخارجية لم تعد خافية على أحد، وتعتبر ضربا من ضروب تشويه سمعة البلاد وتلطيخ صورتها بأوحال مثل هذه القضايا والمسائل والظواهر التي ينظر إليها بمجاهر محدبة.
صحيح إننا لسنا “أمة وسط وٱعتدال وتسامح” كما دأبوا على تلقيننا منذ عشرات السنين، وقد أثبتت السنوات الثماني الماضية هذه الحقيقة بعد إنفجار ما كان مكبوتا وممنوعا ومعتما عليه لغياب الردع وٱنتشار الفوضى والإنفلات والمزايدات الشعبوية الرخيصة، ولكن لا يعني هذا أنه من حق مثل هذه الجمعيات المنفلتة عن كل مراقبة وتقييم ومتابعة لأعمالها وأنشطتها ومصادر تمويلها ومسالك إنفاقها، أن تحرك السكين في الجرح بدعوى مقاومة مثل هذه الظواهر.
تبييض المال الفاسد وتمويل الإرهاب ونشر الفكر الظلامي
صحيح ، أيضا، إنه لوعدنا إلى تاربخنا وتمعنا في الفترات الحالكة منه، وهي عديدة ومرعبة، وكم حاولنا إخفاءها وطمسها والتعتيم عليها، إن المشكل الخطير الذي تعاني منه بلادنا في ظل الفوضى والإنفلات وغياب الردع هو التناسل المريب والمستراب للجمعيات ذات العناوين “الخيرية والحقوقية” وأنشطتها المخالفة لهذه المبادئ والقيم وذلك بإيعاز من البلدان واللوبيات الممولة لها والتي لها أجندات مشبوهة، ومنها بالخصوص تشويه صورة البلاد وعرقلة الإصلاحات وتبييض المال الفاسد وتمويل الإرهاب ونشر الفكر الظلامي والإساءة لعلاقات تونس الخارجية.
لا بد الآن وقد صدرت التقارير الدولية المحذرة من هذه الجمعيات وأنشطتها من وضع حد لهذا التسيب وتشديد مراقبة تمويل هذه الجمعيات وطبيعة أهدافها الحقيقية، فكم من جمعية “خيرية” إتضح أنها تمول الإرهاب وتروج له وكم من جمعية “حقوقية” إفتضح أمر تنفيذها لأجندات تخريبية. لقد آن الأوان لفتح ملفات هذه الجمعيات لصيانة الأمن القومي للبلاد.
تصرفات مسترابة على حساب أمن البلاد ومصالح الشعب
إن مأساة بعض “الحقوقجيين” و”الثورجيين” و”الشعبويين” و”الإنتهازيين” المتعودين على الإنتفاعية الرخيصة والمتدثرين بأردية جمعيات مشبوهة الأهداف والمقاصد، هي أنهم يعتبرون تصرفاتهم المسترابة على حساب أمن البلاد ومصالح الشعب معبرا آمنا للتموقع على الساحتين الإعلامية والسياسية كدعاة “حريات” و”خير” في حين أن الحقيقة خلاف ذلك تماما لأن الشعب تفطن لمثل هذه الممارسات وفضح مصادر تمويلها وأعلن جاهزيته الكاملة للتصدي لها، في انتظار أن تتحرك السلط المعنية وتقوم بالتحريات اللازمة وتطبيق القانون دون مكاييل.
* صحفي و كاتب.
شارك رأيك