ألقى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كلمة في اجتماع القمة العربية الطارئة بمكة المكرمة هذا نصها:
بسم الله الرّحمان الرّحيم
– حضــــــرة خــــــــــــادم الحرميـــــــــــن الشريفيــــــن، الملـــــــــــك سلمان بن عبد العزيز آل سعود،
– أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
– أصحاب المعالي والسعادة،
يسعدني بداية أن أعرب لأخي حضرة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، عن خالص عبارات الشكر والتقدير على مبادرته بالدعوة لعقد هذه القمّة العربية الطارئة واستضافتها، وعلى ما حَظِينَا به من حُسن استقبال وَكَرَم وِفَادَة منذ حُلولنا بأرض المملكة العربية السعودية الطيبة.
وهي مبادرة طبيعية تعكس الاهتمام الخاص للمملكة العربية السعودية بالقضايا العربية ودورها الرائد في خدمتها. كما تجسّد عمق روابط الأخوة والتضامن التي تجمع دولنا العربية، وتُقيمُ الدليل على ما يحدونا من حرص مشترك على التشاور فيما بيننا حول كلّ ما من شأنه تعزيز مناعة بلداننا وخدمة مصالحها والحفاظ على أمنها واستقرارها.
فالأوضاع الدقيقة التي تمر بها المنطقة، وما تشهده من تطورات خطيرة ومتلاحقة تتطلب في تقديرنا، تقييما مشتركا ومعمّقا للتحديات ولمصادر وأشكال التهديد التي تستهدف مقومات الأمن القومي العربي، بما يساعد على تحديد أنجع السبل لمواجهتها وتطويق آثارها واحتوائها، حفاظا على أمن واستقرار بلداننا.
وفي ظلّ ما تُعانيه منطقتنا العربية من أزمات وقضايا مزمنة، وما تتحمّله بلداننا من كلفة عالية جدّا على المستويات الأمنية والتنموية والاجتماعية والإنسانية وغيرها، فإنّه من غير المقبول اليوم أن تنجرّ نحو فصول جديدة من التوتّر وعدم الاستقرار، على حساب حقّ شعوبها في العيش الكريم في كنف السلم والطمأنينة.
فأولوياتنا تظلّ مواصلة جهودنا لتخليص المنطقة من أسباب ومظاهر عدم الاستقرار، وتسوية قضايانا الرئيسية وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية العادلة من خلال التوصّل إلى حلّ عادل وشامل لها وفق المرجعيات الأممية المتّفق عليها ومبادرة السلام العربية، وكذلك بالنسبة إلى بقية الأزمات والقضايا الأخرى في المنطقة.
وبقدر إدراكنا لاختلاف التوجّهات وتقاطعات المصالح، فإنّ ذلك لا يمكن أن يبرّر بأيّ شكل من الأشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو أيّ سلوكيات من شأنها تقويض استقرار المنطقة وزيادة منسوب الاحتقان والتوتر فيها وتعريض السلم والأمن الدوليين للخطر.
وفي هذا الإطار، تجدّد تونس إدانتها ورفضها لاستهداف المدن الآمنة في المملكة العربية السعودية بالصواريخ الباليستية، وعمليات استهداف السفن التجارية قبالة سواحل دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحطات ضخ النفط في المملكة، والتي تمثّل تصعيدا يعرّض الأمن الإقليمي للخطر وتهديدا صريحا لأمن وسلامة الملاحة الدولية وحركة التجارة العالمية.
كما تشدّد تونس على أنّ الأمن القومي الجماعي كلٌّ لا يتجزأ، وتؤكّد، انطلاقا من ذلك، حرصها على أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة وكلّ بلدان الخليج العربي، الذي يمثل أحد أهمّ مقومات الأمن والاستقرار في عموم المنطقة العربية والعالم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ،
إنّ تمسّكنا بقيم التآزر والتعاون بيننا وبتعزيز أمن ومناعة بلداننا، يستوجب منّا مواصلة جهودنا من أجل مزيد تفعيل تضامننا ورفع قدرتنا على مواجهة مختلف التحدّيات والمخاطر وفي مقدمتها الإرهاب بكلّ أشكاله، والذي يستهدف أمن بلداننا ومقدراتها ومسارات تنميتها، كما يمثّل أحد عوامل تغذية الفتن وتعميق الأزمات والمآسي التي تعاني منها بعض بلدان المنطقة.
وفي هذا الإطار، نجدّد دعوتنا إلى تضافر جهود جميع الأطراف الدولية والإقليمية للتصدّي لهذه الآفة والحيلولة دون توفير بيئة ملائمة لنشاطاتها، من خلال المساهمة في إزالة أسباب التوتر في المنطقة، والانخراط الفاعل في كلّ جهد يرمي لخدمة السلم والأمن الدوليين، ورفض كلّ أشكال التطرف والعنف واستعمال القوة أو التهديد بها، والالتزام بمبادئ حسن الجوار والتعايش السلمي، واحترام السيادة الوطنية للدول.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ ،
سيظل توطيد مقومات أمننا القومي بكلّ أبعاده، أولوية مطلقة في عملنا العربي المشترك، وستواصل تونس من خلال رئاستها للقمة العربية جهودها من أجل الإسهام في تحقيق ذلك.
واعتبارا لانعقاد قمّتنا في مكة المكرّمة، قبلة المسلمين، وتقديرا لأخي حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وللمملكة العربية السعودية الشقيقة، فإنّني أدعوه ليتفضل بتولّي رئاسة قمّتنا.
والله أسأل أن يسدّد خطانا ويُوفّق جهودنا جميعا لما فيه خير ومصلحة شعوبنا.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شارك رأيك