نزل قرار الإتحاد الإفريقي لكرة القدم والقاضي بإعادة نهائي رابطة الأبطال بين الترجي الرياضي التونسي والوداد البيضاوي المغربي نزول الصاعقة على جماهير كرة القدم في تونس، ليس فقط لأن القرار قد سلب البطولة من الترجي بعد أن توج بها وإنما لأنه مرغ الكرة التونسية في أوحال الإهانة والإذلال والعار بسبب السياسات الكارثية لوديع الجريء.
بقلم مصطفى عطية *
سياسات رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم الحالي إنبثقت عنها مواقف وسلوكيات كلفته منذ سنوات عقوبة قاسية من الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، كما كلفت المنتخب والجمعيات التونسية التي تشارك في المسابقات القارية الكثير من المشاكل كلما حلوا في بلد إفريقي. لقد غدت سمعة الكرة التونسية سيئة جدا في الأوساط القارية والدولية بسبب المهازل والفضائح والمظالم التي تعيشها الكرة التونسية منذ تولى وديع الجريء رئاسة الجامعة.
تدهور صورة كرة القدم التونسية في العالم في عهد الجريء
يجب الإعتراف بأن وقوف أغلب أعضاء لجنة الطوارئ بالإتحاد الإفريقي لكرة القدم ضد الترجي في صراعها مع الوداد البيضاوي هو نتيجة حتمية لتدهور صورة كرة القدم التونسية في العالم، تنظيما وتحكيما وٱلتزاما بقوانين اللعبة وٱحتراما للمواثيق الرياضية، خاصة وقد تصاعد تظلم الجمعيات التونسية لدى الإتحاد الإفريقي والإتحاد الدولي وهيئة التحكيم الرياضي من الجامعة ورئيسها وديع الجريء، فمنذ إعتلى هذا الأخير سدة رئاسة الجامعة التونسية لكرة القدم والمواسم تتتالى في بلادنا وتتشابه، عنف وشغب وغش وخداع وفضائح تحكيمية ومهازل تنظيمية و”غورة” ومؤامرات خسيسة ومناورات وضيعة.
كل هذه الآفات المتفاقمة شكلت مشهدا مزريا، حمل بين طياته دلالات كارثية تؤكد أن كرتنا تقهقرت بشكل سريع ومخيف على جميع المستويات، ومن شأن هذا التقهقر أن ينعكس على المنتخب الوطني والجمعيات ويقلص كثيرا من حظوظها في تقديم أداء ونتائج جيدة في المسابقات القارية والإقليمية والدولية ويخدش صورة وسمعة الكرة التونسية.
لم يكن الحال المزري لكرة القدم التونسية مفاجئا للرأي العام بالداخل والخارج فكل الأحداث والوقائع والمستجدات كانت تشير، خلال السنوات الأخيرة، إلى الإنحدار المتسارع الذي عصف بهذه اللعبة على جميع المستويات الإدارية والتسييرية والتنظيمية والفنية لأسباب عددها الأخصائيون المحايدون مرارا ونبهوا من مخاطرها وتداعياتها تكرارا، لكن القائمين على شؤون هذه اللعبة إنصرفوا إلى الإهتمام بمصالحهم وتأمينها غير عابئين بما يحصل بل هازئين بكل صرخات الإستغاثة والتحذيرات وكل أشكال التنبيه حتى فقدوا مصداقيتهم تماما وبالتالي تأثيرهم على مجرى الأحداث والوقائع والمستجدات فطال حبل الإنفلات وٱتسعت دائرة الفوضى وتفاقم العبث بكل القيم والمبادئ والقوانين والتشريعات، وظهرت لوبيات جديدة إلى جانب لوبيات الظل القديمة لتكثف من ضغوطاتها في إتجاه تثبيت مواقعها وإحكام قبضتها على القطاع.
عمت الفوضى وضعف المستوى وٱنهارت البنية الأساسية
ما هي المخططات التي وضعتها الجامعة التونسية لكرة القدم للنهوض بهذه اللعبة منذ تولي وديع الجريء رئاستها؟ لا شيء على الإطلاق وحتى تلك المكاسب القديمة ضاعت.
كان التمويل مثلا وسيبقى دوما المعضلة الأساسية لكرة القدم التونسية التي تبنت الإحتراف إرتجاليا ودون دراسة عميقة للواقع وٱستشراف للمستقبل لكن هذه المعضلة تفاقمت أكثر من أي وقت مضى وأصبحت أغلب الجمعيات الموصوفة “محترفة” على أبواب الإفلاس بل هي أفلست دون الإعلان عن ذلك رسميا، ولولا بعض المتطوعين الذين دفعوا من جيوبهم لإنقاذ بعض المواقف والحالات لكانت الكارثة.
أما على المستويات التنظيمية والتشريعية والإدارية والعلاقات مع الهياكل الإقليمية والقارية والدولية فلم تتحرك جامعة وديع الجريء بما تمليه عليها واجباتها وٱلتزاماتها الأساسية بالرغم من المحاولات المتكررة لرؤساء الجمعيات لإثنائها عن تقاعسها والتي وصلت في أكثر من مرة إلى حد التهديد بإيقاف المسابقات، لكن دون جدوى فقد أرهق وديع الجريء الجميع بمناوراته ووعوده وتطميناته التي ساعدته على ربح الوقت وتنفيذ أجندته في تأمين بقائه على رأس الجامعة رغم كل الخيبات التي ضربت هذه اللعبة في الصميم.
وهكذا ونتيجة لهذه السياسات التهديمية المتبعة عمت الفوضى وضعف المستوى وٱنهارت البنية الأساسية، فلم نعد نجد مسؤولين أكفاء على رأس الجمعيات الرياضية إلا النزر القليل الذي أصبح في طريقه إلى الإنقراض، ولا لاعبين جيدين ولا أيضا مدربين من طينة عامر حيزم وعبد المجيد الشتالي ،أما الحكام فقد سقطوا في رداءة لم تعهدها الكرة التونسية طيلة تاريخها.
هكذا هو المشهد المزري لكرة القدم التونسية ولا يمكن أن ينتج إلا المهازل والفضائح المحلية والقارية.
*صحفي و كاتب.
شارك رأيك