يبدو أن حركة النهضة حسمت أمرها على لسان أحد قادتها بأنها لن تدعم يوسف الشاهد في الإنتخابات الرئاسية القادمة. ويبدو كذلك أن الرسالة وصلت إلى صاحبها الذي بات اليوم يبحث عن الحل البديل وهو محاولة تجميع القوى السياسية الوسطيه القريبة في توجهاتها من حزب تحيا تونس لتكون في مواجهة حركة النهضة.
بقلم الدكتور محمود حرشاني *
يبدو أن حركة النهضة الحزب المهيمن اليوم على الساحة السياسية في تونس قد حسمت أمرها في ما يتعلق بدعم ومساندة يوسف الشاهد رئيس الحكومة الحالي إذا ما قرر الترشح للإنتخابات الرئاسية القادمة التي ستشهدها تونس خلال شهر نوفمبر القادم وذلك بعدم مساندته تاركة له حرية الترشح كأي مواطن تونسي متمتعا بكامل حقوقه حيث يضمن له الدستور الترشح لهذه الانتخابات. فقد تسارعت الأحداث مؤخرا بشكل لافت خصوصا بعد إعلان حزب تحيا تونس الجديد المحسوب على رئيس الحكومة إعلانه رسميا إختيار يوسف الشاهد رئيسا لهذا الحزب وكمال مرجان (رئيس حزب المبادرة الذي إنضم الى حزب تحيا تونس) رئيسا للمجلس الوطني لهذا الحزب…
مساندة النهضة ليوسف الشاهد كانت ظرفية ومشروطة
حزب حركة النهضة كان واضحا منذ البداية في شروط مساندته ليوسف الشاهد عندما كان هذا الأخير يقف في وجه العاصفة وهي مساندة بقائه على رأس الحكومة مشروطة بعدم الترشح للإنتخابات الرئاسية والحفاظ على الإستقرار الحكومي. ولكن يوسف الشاهد الطامح الى منصب رئيس الجمهورية وهذا من حقه لم يقنع بهذه المساندة الظرفية وإن كان قبلها ليتجاوز بها الأزمة التي كادت تعصف به وبحكومته لما تخلى عنه رئيس الجمهورية وسعى جاهدا بكل الطرق لازاحجته من منصب رئيس الحكومة.
يومها وقفت النهضة في وجه رئيس الجمهورية وتمسكت ببقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة وهو ما أثر وأحدث فتورا يرتقي الى مرتبة القطيعة في علاقة حركة النهضة بالرئيس الباجي قائد السبسي الذي حاول أن يستعمل عديد الملفات لرد الصاع صاعين لحركة النهضة الذي تخلت عنه في اللحظة الحاسمة باستعمال ملفات قضائية مثل إثارة ملف الجهاز السري لحزب حركة النهضة وملفات إغتيالات شخصيات وطنية مثل شكري بلعيد ومحمد البراهمي وما يمكن أن توفره هذه الملفات من إدانة لحزب حركة النهضة.
هل ينجح يوسف الشاهد في تجميع القوى الوسطية حول تحيا تونس ؟
إعتبر يوسف الشاهد يومها أنه خرج من المعركة منتصرا وأن النهضة ساندته في اللحظة الحاسمة وبفضلها نجا من الإطاحة به وبحكومته حتى ولو كان الطرف المقابل هو رئيس الجمهورية نفسه. وانشغل يوسف الشاهد بعد ذلك بترتيب أمور حزبه عن طريق مجموعة من مساعدية بعد أن أدرك أنه لابد له من حزب قوي يدعمه ويستند إليه. وفي الكلمة التي إرتجلها في إختتام المؤتمر التأسيسي لحزب تحيا تونس كانت رسالته واضحة أنه لا يدين ببقائه لا لليمين ولا لليسار وأنه لن يكون محسوبا لا على الإسلاميين ولا على اليساريين فهو ابن المدرسة الدستورية العريقة وسليل رجالات ساهمت الى جانب الزعيم بورقيبة في بناء الدولة العصرية وفي مقدمتهم خاله حسيب بن عمار الذي شغل مناصب وزارية في عهد الزعيم بورقيبة ثم أسس في ما بعد جريدة “الرأي” المعارضة لنظام بورقيبة مع مجموعة من المناضلين الذي إستقالوا وقتها ومنهم أحمد المستيري وراضية الحداد والباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية الحالي والصادق بن جمعة وعبد العزيز الأصرم ومحمد مواعدة وأحمدالخصخوصي وغيرهم… وهو عندما يفاخر بهذا الإنتماء فهو ينفي أن يكون لأي طرف مهما كان فضله عليه وفي صعوده سلم المسؤوليات السياسية والوزارية وعينه اليوم مفتوحة على منصب الرئاسة.
لكن حزب النهضة لا يعجبه هذا الطموح وهو يعتقد أن يوسف الشاهد قد ينقلب عليه في أي لحظة مثلما إنقلب على ولي نعمته الرئيس الباجي قائد السبسي ولوى العصا في يديه لما رفض الإستقالة ولم يكن طوع يديه مثلما كان سلفه الحبيب الصيد. وهذا السلوك لا تطمئن إليه كثيرا.
لذلك فإن النهضة حسمت أمرها على لسان أحد قادتها بأنها لن تدعم يوسف الشاهد في الإنتخابات الرئاسية القادمة. ويبدو كذلك أن الرسالة وصلت إلى صاحبها الذي بات اليوم يبحث عن الحل البديل وهو محاولة تجميع القوى السياسية الوسطيه القريبة في توجهاتها من حزب تحيا تونس لتكون في مواجهة حركة النهضة وأن يكون لها مرشحا توافقيا واحدا يغنيه إجماع هذه الأحزاب على مساندة حزب حركة النهضة التي تنشغل هذه الأيام بالبحث عن العصفور النادر ليكون مرشحها للانتخابات الرئاسية القادمة.
* كاتب ومحلل سياسي تونسي مدير ورئيس تحرير موقع “مرآة الوسط” الإخباري.
للتواصل مع الكاتب : hormahmoud@gmail.com
شارك رأيك