هل أن تفكك الجبهة الشعبية بهذه السرعة كان مفاجئا؟
هذا التساؤل رغم أهميته ليس الاهم في علاقة بما حصل للجبهة الشعبية لأن الأساس يتعلق بالفشل اليساري ككل.
فهذا الائتلاف رغم انه ضم في بدايته أحزابا من تيارات أخرى إضافة إلى شخصيات إلا أنه مع الوقت تحول إلى مكون سياسي يسيطر عليه لون واحد ثم حزبين فقط هما حزب العمال والوطد الموحد وهما يمثلان أقصى اليسار .
الخلافات التي حصلت داخل الجبهة الشعبية ليست جراء مشروع سياسي وبرنامج بل هي بالأساس حول الموقع والسيطرة ورغم ما يصدره الائتلاف من بيانات توضيحية إلا أن الأمر لم يخرج عن صراع اشخاص وراءه تنافس بات محموما بين الوطن وحزب العمال أيهما الاقوى والمسيطر الفعلي.
ضمن هذا تفجر الخلاف بين منجي الرحوي وحمة الهمامي فالأخير تم اختياره منذ أول اجتماع لمجلس الأمناء ناطقا رسميا فإذا المهمة تتحول إلى قيادة للجبهة رغم أن الاتفاق ينص كون مجلس الأمناء هو الهيكل صاحب القرار .
لو عدنا لتتبع الأحداث المرتبطة بالجبهة الشعبية لوجدنا أن الأزمة تفجرت قبل انتخابات 2014 عندما تحالفت الجبهة بداية مع نداء تونس على اساس التقدم بقائمات مشتركة لكن النداء تراجع عن ذلك في آخر وقت ما جعل قيادات في الجبهة وخاصة في الوطن تتهم حمة الهمامي بالفشل في تحديد الاختيارات والتحالفات والأضرار بالجبهة وهو ما حصل فعلا وظهر في نتائج الانتخابات التشريعية.
اليسار من التشتت إلى التفكك
بداية من 2014 تصاعدت التوترات داخل الجبهة الشعبية وهي في حقيقتها توترات داخل اليسار ليصل الأمر إلى التفكك والسبب الرئيسي رغم عدم إبعاد الأسباب الأخرى هو صراع الزعامة وهذا داخل الأحزاب منفردة وداخل الائتلاف فحزب العمال مثلا لم يغير أمينه العام منذ عقود وحتى في الندوة الوطنية الأخيرة وهي في الحقيقة المؤتمر الوطني حصل حمة الهمامي على صفة الزعامة بالتزكية اي أن اليسار يعاني من معضلة عدم تكريس للديمقراطية الداخلية وهو ما افقده المصداقية.
المعضلة الأخرى هي “التحجر” الفكري والأيديولوجي فاليسار وخاصة أقصى اليسار بقي يراوح مكانه بلا نقد ذاتي او مراجعات بل لا نبالغ ان قلنا انه مازال يعمل بالعقلية الطلابية لفترة أواخر السبعينات والثمانينيات بما في ذلك في علاقة بالمصطلحات السياسية المستخدمة دون مراعاة كون الأوضاع تغيرت والبلاد تغيرت بل العالم كله تغير .
محمد عبد المؤمن
شارك رأيك