مقترحات التعديل للقانون الإنتخابي المصادق عليها اليوم من طرف مجلس النواب لم يئد أحلام كل من نبيل القروي وألفة التراس فحسب، بل وضع حدا لترشح العديد من الوجوه السياسية منها نواب مباشرين أو وجوه سياسية من أطياف عديدة.
بقلم : وليد البلطي *
صادق مجلس نواب الشعب اليوم الثلاثاء 18 جوان 2019،على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالإنتخابات والإستفتاء بموافقة 128صوت، لتضاف شروط جديدة على الشروط المنصوص عليها بالقانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 مؤرخ في 14 فيفري 2017 يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالإنتخابات والإستفتاء، بالنسبة للمرشحين للإنتخابات الرئاسية والتشريعية وهي التالية:
- أن لا يكون المترشح قد إستفاد من الإشهار السياسي أو قدم إمتيازات مالية أو عينية للمواطنين أو قبل تمويلا مباشرا أو غير مباشر من أية جهة أجنبية أو من جهة مجهولة المصدر أو قدم تبرعات أو هبات أو خدمات مجانية المواطنين،
- أن يكون نقي السوابق العدلية،
- أن يتضمن ملفه ما يفيد تصريحه بالمكاسب بالنسبة للأشخاص الخاضعين للتصريح،
- أن يتضمن ملفه التصريح السنوي للضريبة على الدخل بالنسبة لسنة 2018.
وفي هذا الصدد، وفي غياب محكمة دستورية يمكن اللجوء إليها من قبل كل شخص تخيل له نفسه أنه مستهدف، وقد تقضي بعدم دستورية التعديل المذكور على الصبغة الإقصائية للشروط المضافة وجاءت متصادمة مع مبدأ عدم رجعية القوانين، فستتعالى عديد الأصوات المساندة للتعديل المذكور بتعلة الدفاع على المسار الديمقراطي، لكن الخلفية تستجيب إلى مقولة الْفَرَزْدَقُ في رده على الحسين عليه السلام عندما سأل منه الصدق: ” فأما الْقُلُوبُ فَمَعَكَ، وَ أَمَّا السُّيُوفُ فَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ”.
نهاية حلم نبيل القروي في الظفر بمنصب الرئاسة
وبالمصادقة على التعديل المذكور، إنتهى حلم نبيل القروي في الظفر بمنصب الرئاسة أو بكرسي في البرلمان، باعتباره قد ترأس جمعية خليل تونس و استفاد من الإشهار السياسي من خلال البث التلفزي لأنشطة خليل تونس في تقديمه لإعانات للتونسيين مرتكبا بذلك كل الأفعال التي منعتها الفصول 18 و 19 و 20 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011، علاوة على ما سبق فهو لم يصرح بمكاسبه للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بوصفه خاضعا قانونا لهذا التصريح كرئيس مؤسسة إعلامية وهي قناة نسمة التلفزية.
كما وضع التعديل حدا لميزانية جمعية “عيش تونسي”، و رؤيتها الإستراتيجية في إستثمار الملايين في الومضات الإشهارية التي تحمل في طياتها نوايا سياسية تهدف الى تطويع الراي العام التونسي، مع التسويق الى شخصية ألفة التراس، رئيسة جمعية رومبورغ والأم الروحية لجمعية “عيش تونسي” والمجبرة قانونا بالتصريح بممتلكاتها للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مثلها مثل رئيس جمعية “عيش تونسي” وباقي أعضاء الجمعية، لا سيما أن يبقى مصدر ثروة ألفة التراس وزوجها غيوم رومبورغ مجهول المصدر، ليشمل المنع كل من تربطه علاقة بألفة التراس وجمعية “عيش تونس”.
القانون الجديد لا يستهدف نبيل القروي وألفة التراس وحدهما
وقد تكون مقترحات التعديل المصادق عليها قد وأدت أحلام كل من نبيل القروي وألفة التراس، لكن وضع حدا لترشح العديد من الوجوه السياسية منها نواب مباشرين تحوم حولهم شبهات فساد والمعلق تتبعهم جزائيا لإعتصامهم بالحصانة البرلمانية، أو الوجوه التابعة للنظام السابق، والتي نراها ترافق و تساير برنامج حزب تحيا تونس والتي لم يبت القضاء نهائيا في شأنها فيما يتعلق بسقوط التتبع الجزائي في شأنها على خلفية تطبيق القانون الأساسي عدد 62 لسنة 2017 مؤرخ في 24 أكتوبر 2017 يتعلق بالمصالحة في المجال الإداري والذي يستوجب، في صورة البت النهائي، تقديم مطلب إسترداد حقوق لمحو اﻷحكام الصادرة ضدهم من صحيفة السوابق و بالتالي سيكون تقديم بطاقة عدد 3 دون سوابق للهيئة ضمن ملف الترشح في تاريخ فتح الترشح للإنتخابات التشريعية من باب المستحيل.
وفي النهاية، سيربك التعديل المصادق عليه أعمال الهيئة المستقلة للإنتخابات بانسداد الأفق أمام كل من نبيل القروي وألفة التراس للطعن بعدم دستورية التعديل أمام محكمة دستورية لم تنتصب الى حد الساعة.
يبقى اللجوء الى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الكائن بجنيف في إطار تقديم شكاية من أجل مخالفة التعديل للمادة (2) والفقرة الأولى من المادة 15 والفقرات أ و ب و ج من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وخاصة بعد مصادقة تونس عليه بموجب المرسوم عدد 3 لسنة 2011 المؤرخ في 19 فيفري 2011 المتعلق بالموافقة على إنضمام الجمهورية التونسية إلى البروتوكول الإختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دون أن ننسى، في الأيام القادمة، رأي رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في موضوع التعديل، بموجب صلاحياته الدستورية في رد القوانين التي تمس من الحريات والحقوق.
* خبير قانوني.
شارك رأيك