الرئيسية » الجدل يتواصل في تونس بعد إدخال تنقيحات على القانون الإنتخابي : هل يحسم رئيس الجمهورية الأمر؟

الجدل يتواصل في تونس بعد إدخال تنقيحات على القانون الإنتخابي : هل يحسم رئيس الجمهورية الأمر؟

مصير الإنتخابات التشريعية والرئاسية لأكتوبر و نوفمبر القادمين لا يزال رهينا بمصير التنقيحات على القانون الإنتخابي التي وقع إقرارها أمس الثلاثاء 18 جوان 2019 وما تزال تثير جدلا قد يتسبب في ردود فعل و قرارات تأخر المواعيد الإنتخابية المقررة. وهو مايخشاه معظم الفاعلين السياسيين والمحللين.

بقلم الدكتور محمود حرشاني*

نجح مجلس نواب الشعب في تونس خلال جلسة عامة في تمرير والمصادقة على إدخال تنقيحات وفصول جديدة على القانون الإنتخابي بأغلبية 128 صوتا من جملة 172 نائبا حضروا الجلسة وهو رقم قياسي في عدد الحضور للنواب لم يسبق للمجلس أن سجله سابقا في مناسبات كهذه.

مما يدل على أنه كان هناك إستعداد وتحضير لهذه الجلسة من قبل الكتل البرلمانية المستفيدة من تمرير التنقيحات وفي مقدمتها حزب حركة النهضة الذي عادت كتلته أمس إلى ما يسمى بالتصويت الجماعي والإنضباط الكلي وكذلك كتلة تحيا تونس المتبنية لمشروع التنقيحات.

وقد بذل أعضاء هذه الكتلة وفي مقدمتهم النائب مصطفى بن أحمد من خلال الصور المباشرة للتلفزيون مجهودا فوق طاقته لإقناع النواب بالتصويت على إدخال التنقيحات والفصول الجديدة.

إقصاء لمنافسين أم ضمان لشفافية ونظافة العملية الديمقراطية ؟

كان واضحا منذ البداية أن هذه التنقيحات ستمر وستتم المصادقة عليها بقطع النظر عن الظروف والأسباب. خصوصا بعد أن تجند حزب حركة النهضة بكل قواه لتمرير القانون والمصادقة عليه تحت يافطة حماية الديمقراطية.

وتقصي الفصول والتنقيحات الجديدة من الترشح عددا ممن أعلنوا نيتهم الترشح للإنتخابات الرئاسية وفي مقدمتهم طبعا نبيل القروي مدير قناة نسمة التلفزية ورئيسة جمعية عيش تونسي ألفة التراس و بدرة أقل عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر.

واذا كان الأمر بالنسبة لنبيل القروي – الذي وضعته إستطلاعات الرأي الأخيرة في المرنبة الأولى بالنسبة لنوايا التصويت – يتعلق بتوظيف العمل الجمعياتي في العمل السياسي وكسب تعاطف المواطنين خصوصا في المناطق المهمشة والبعيدة من خلال ما توزعه جمعيته “خليل تونس” من مساعدات زادت في شعبيته فإن الأمر بالنسبة لعبير موسي يخص حسب من وضع الفصل الجديدعدم الإعتراف بالثورة والدستور والتحول الديمقراطي والتعايش السلمي. وهي تهمة عائمة لا أحد بإمكانه أن يثبتها بدقة. ولا احد بإمكانه ان يتحمل مسؤولية ذلك فقد يدخل الأمر تحت ظائلة حرية التعبير ولا علاقة له بالسياسة.

أما بقية التنقيحات فهي مقبوله وعليها إجماع مثل تحديد العتبة الانتخابية ب3 في المائة والإستظهار ببطاقة عدد 3 خالية من السوابق عند تقديم الترشح والإستظهار بما يفيد التصريح بالمكاسب بالنسبة للأشخاص المشمولين بقانون التصريح بالمكاسب. وذلك ضمانا للشفافية ونظافة العملية الديمقراطية.

إلا أن هذه التنقيحات مهددة كلها بالسقوط أم أن يرفضها رئيس الجمهورية والدستور يمكنه من ذلك أو بالطعن فيها من خلال الكتل النيابية الأخرى وهو ما قالته النائية أنس حطاب عن كتلة نداء تونس شق الحمامات عنما أكدت أن كتلتها ستطعن في هذه التنقيحات لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين والمحكمة الإدارية. كما ان عديد الكتل البرلمانية والنواب أعربوا عن رفضهم لهذه التنقيحات ومساندة الطعن فيها الذي يشترط توفر 30 نائيا وهو ما تم تجاوزه.

هل تقع المجازفة بالتسبب في تأخير الإنتخابات

وقد أكد عدد من أساتذة القانون الدستوري والمحامين أن هذه التنقيحات إلى جانب ما إعتراها من تسرع يمس بأخلاقيات العمل السياسي فإنها غير دستورية ويمكن أن تسقط بسهولة.

لكن الخوف الان هو أن يؤدي هذا الى تأجيل الإنتخابات لأنه حسابياعمليات الطعون والنظر فيها تتطلب شهرا من تاريخ تقديمها. وموعد تقديم الترشحات هو 22 جويلية القادم أي بعد شهر من الان وهذا غير ممكن تماما.

والرأي أنه كان يمكن تأجيل هذه التنقيحات وترحيلها إلى المجلس القادم ليقرها ويعمل بها في المواعيد الإنتخابية القادمة. وهو ما عبر عنه بوضوح رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات من أن هذه التنقيحات الجديدة ستربك مسار العملية الإنتخابية ورزنامة إجراء الإنتخابات في مواعيدها المقررة سابقا.

* كاتب ومحلل سياسي تونسي.

مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :

شارك رأيك

Your email address will not be published.