مثله مثل الأحزاب المنبثقة عن تنظيم الإخوان المسلمين حركة النهضة التونسية ليست حزبا مدنيا يؤدى رسالة إجتماعية بل هو بمثابة الطابور الخامس الذي يهدد بنيان الدولة ودوام مؤسساتها المدنية الضامنة لاستقرار الأمن واستمرار النظام الجمهوري.
بقلم أحمد الحباسي *
توة معقول ثمة حزب يحكم في تونس من النهار الأول إلي قال فيه “يا ربى العمال عليك” وحط قواعد مرعبة وغير مسبوقة إلا في المافيا، القاعدة الأساسية الأولى ما تدخل في الحزب إلا بعد ما تؤدى القسم والبيعة للمرشد، بالطبع لا أحد فيكم يعلم أو يعرف أو باستطاعته أن يكتشف طبيعة ونص القسم ولا أسباب البيعة و مقاصدها و كيفية “التنصل” منها لو أراد أحد الإستقالة من هذا الحزب المثير للشبهات.
في كل الأحزاب هناك إنخراط طوعي على أساس برنامج وتوجهات سياسية معلنة لكن في حركة الإخوان المسلمين وحركة النهضة التونسية بالذات لا يمكن الدخول إلا بعد حصول تحريات وتقصى و تثبت مثلما يقع عند الدخول إلى الوظيفة في وزارة الداخلية، ليطرح السؤال المهم : مما يخاف تنظيم الإخوان وبالذات حركة النهضة وما هو الأمر الذي يتطلب مثل هذه الإحتياطات والتحريات المفرطة قبل الموافقة على دخول العضو إلى “المعبد” لأداء نص القسم و الإنحناء لتقبيل يد المرشد ومبايعته ؟
بالطبع لا أحد يجيب و لا أحد يريد أن يجيب و نحن إذن أمام ما يشبه في قانون المافيا بما يسمى إصطلاحا بقانون الصمت (“loi de l’omerta”).
التقية أو قانون الصمت
القاعدة الثانية هي “التقية”، وما أدراك ما التقية، والسؤال كيف يعقل يا أولى الألباب أن يبدأ حزب نشاطه الإجتماعي أو الدعوى أو السياسي بدعوة أفراده لاعتماد التقية، يعنى التخفي عن أنظار أجهزة الدولة المكلفة بالسهر على الأمن العام، يعنى بالعربي أن هناك تخفيا يقصد منه عدم ترك المجال للأجهزة الأمنية لمباشرة مهامها بصورة طبيعية والسعي إلى تمرير خطاب مشبوه أو القيام بعمليات تعكر الأمن، والسؤال الأهم، ماذا سيكون موقف السلطة الحاكمة من نشاط حزب يعتمد مثل هذا الأسلوب وهل من الممكن لسلطة محترمة أن تترك لحزب يقوم بمثل هذه التصرفات المشبوهة فرصة زعزعة الإستقرار تحت أي ظرف ومهما كانت نوعية الخطاب وطبيعة التصرفات الخفية المسترابة؟
بطبيعة الحال لا أحد في حركة النهضة يقبل بتفسير إلتجاء الحركة من البداية إلى مثل هذه “الإحتياطات” والحال أنها قد خرجت إلى المشهد الإجتماعي كما تزعم للقيام بدور توعوي ديني لا يتطلب مثل هذه التدابير الإحترازية المثيرة للريبة.
التقية لا تختلف عن الكذب وحركة النهضة بارعة في استعمال الكذب الدعوي والكذب السياسي والإجتماعي فليس مقبولا مثلا من حركة إسلامية أن تدعى أنها تمول نشاطها من تبرعات المناصرين والحال أن دائرة المحاسبات قد كشفت العكس بل أثبتت وجود تبرعات خيالية ومتكررة من موتى.
عيب أيضا أن ترسل الحركة الآلاف من الإرهابيين لقتل الشعب السوري تحت يافطة نصرته و الحال أن الدولة القطرية التي مولت تحولهم من تونس إلى الشام تتحدث عن تنفيذ مؤامرة لإسقاط نظام عربي.
عيب أيضا أن يدعى الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة أنه ناضل ضد الإستبداد و تجده مصافحا الرئيس عمر البشير المتهم بالإستبداد والقتل والمطلوب للعدالة الدولية.
عار على حركة ” التقية ” أن تتشدق بكونها قد تخلت عن الدعوى لفائدة المدني لكن ألسنتها الرديئة تقطر سموما تكفيرية في بيوت الله.
مشين أن تقف الحركة مقسمة الشعب لأداء الفاتحة ترحما على شخص وصف الرئيس الإسرائيلي السابق ب “العزيز شمعون بيريز “… وأعني الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي.
إستراتيجية التغلغل في مفاصل الدولة والمؤسسة العسكرية والأمنية
القاعدة الثالثة هي “التمكين”، طبعا يكفى أن نعيد مشاهدة الفيديو الشهير لمرشد حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشى والذي يتحدث فيه بصراحة و إسهاب عن سعى حركته المحموم للتغلغل في مفاصل الدولة و المؤسسة العسكرية والأمنية بغاية حشد الأنصار أولا لضرب مؤسسات الدولة وإضعافها من الداخل ثم الحشد للساعة الصفر حين تعلن الحركة النفير لإسقاط الدولة والإستيلاء على مقاليد الحكم…
إذن نحن لسنا أمام حزب يؤدى رسالة إجتماعية مهما كان نوعها بل نحن أمام طابور خامس يهدد بنيان الدولة و دوام مؤسساتها المدنية الضامنة لاستقرار الأمن واستمرار النظام الجمهوري، “استعدوا يا جنود وليأخذ كل منكم أهبته ويعد سلاحه ولا يلتفت منكم أحد، أمضوا إلى حيث تؤمرون. أعكفوا على إعداد الدواء في صيدليتكم، ولتقم على إعطائه فرقة الإنقاذ منكم، فإذا الأمة أبت، فأوثقوا يديها بالقيود وأثقلوا ظهرها بالحديد وجرعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم في جسمها عضواً خبيثاً فاقطعوه أو سرطاناً خطيراً فأزيلوه، استعدوا يا جنود، فكثير من أبناء هذا الشعب في آذانهم وقر وفي عيونهم عمى” (من خطب الإمام حسن البنا زعيم الإخوان المسلمين)…
هكذا بدأت حكاية الإخوان مع الحكم وهكذا كانت نظرتهم منذ أنشأ إخوان حسن البنا إلى الآن ومع ذلك يريدون منا أن نترحم على محمد مرسى أحد الذين ناضلوا لتحقيق حلم حسن البنا بتوثيقنا بالقيود وإثقال ظهرنا بالحديد والنار.
* محلل سياسي.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
شارك رأيك