في هذه الأيام الأخيرة التي تميّزت بإرتفاع قياسي في درجات الحرارة يميل الكثير إلى أخذ عطلة صيفيّة للرّاحة أو الإستمتاع بالسباحة على الشواطئ لكن قوات جيشنا الوطني لا تعترف بالرّاحة في تتبع الإرهابيين و التضييق عليهم في الجبال الغربية خاصة مرتفعات جبل الشعانبي.
بقلم فيروز الشاذلي
خلال الأسبوع الفائت قامت القوات العسكرية بتكثيف تمشيطها وقصفها لمرتفعات جبل الشعانبي للتضييق و تتبع الإرهابيين في البؤر التي يشتبه وجود إرهابيين بها خاصة في الجهة الشمالية أين توجد عيون الماء الطبيعية وذلك بإستعمال طائرات البلاك هوك العمودية للتمشيط وتحديد هذه المناطق ومن ثمّ قصفها عن طريق الطائرات الحربية من نوع F5 و L59 ولقد إستكملت هذه القوات مهمّتها رغم عودة الحرائق بعد أن خفّت حدتها بفعل تساقط الأمطار نهاية إلاّ أن هذه الحرائق رجعت بقوة بحكم إشتداد إرتفاع درجات الحرارة من جديد وهبوب رياح الشهيلي إضافة لانفجار بقايا الألغام التقليدية المزروعة من قبل هذه الجماعات التكفيرية بمفعول إرتفاع درجات الحرارة وقد تركّزت هذه الحرائق التي إشتدّت من جديد بعمق المنطقة الغابية للجبل من الجهة المقابلة لمعتمدية فوسانة وهي منطقة وعرة جدا حيث تقع في منطقة إنحدار شديد تتخلّلها هضاب وأودية مكسوة بصفة كثيفة بالأشجار الغابية وتستغلّها الجماعات الإرهابية كمنطقة عبور في تنقّلها نحو جبل سمّامة المجاور.
القوات العسكريّة المرابطة بمحطة الإرسال الشعانبي
خلال الأسبوع الفائت قامت القوات العسكرية بتكثيف تمشيطها وقصفها لمرتفعات جبل الشعانبي للتضييق و تتبع الإرهابيين في البؤر التي يشتبه وجود إرهابيين بها خاصة في الجهة الشمالية أين توجد عيون الماء الطبيعية وذلك بإستعمال طائرات البلاك هوك العمودية للتمشيط وتحديد هذه المناطق ومن ثمّ قصفها عن طريق الطائرات الحربية من نوع F5 و L59 ولقد إستكملت هذه القوات مهمّتها رغم عودة الحرائق بعد أن خفّت حدتها بفعل تساقط الأمطار نهاية إلاّ أن هذه الحرائق رجعت بقوة بحكم إشتداد إرتفاع درجات الحرارة من جديد وهبوب رياح الشهيلي إضافة لانفجار بقايا الألغام التقليدية المزروعة من قبل هذه الجماعات التكفيرية بمفعول إرتفاع درجات الحرارة وقد تركّزت هذه الحرائق التي إشتدّت من جديد بعمق المنطقة الغابية للجبل من الجهة المقابلة لمعتمدية فوسانة وهي منطقة وعرة جدا حيث تقع في منطقة إنحدار شديد تتخلّلها هضاب وأودية مكسوة بصفة كثيفة بالأشجار الغابية وتستغلّها الجماعات الإرهابية كمنطقة عبور في تنقّلها نحو جبل سمّامة المجاور.
القوات العسكريّة المرابطة بمحطة الإرسال الشعانبي
في أعلى قمّة الشعانبي أين توجد محطة الإرسال التلفزي والإذاعي تقوم قوات عسكرية بتوفير الحماية و الحراسة لهذه المحطة وقد نجحت هذه القوات في القيام بمهامها على أكمل وجه بالرّغم من وجودها كنقطة وحيدة في بيئة معادية تعتبر أكبر بؤرة إرهابية في الجبال ولكن إستطاع الجيش الوطني بالرغم من ذلك من تأمينها فخلال السنوات الماضية وحتى في أحلك الظروف التي عاشتها البلاد نتيجة الضربات الإرهابية سنة 2013 و 2014 مثّلت هذه القوات حارسا وسدّا منيعا أمام الجماعات الإرهابية وقد قامت بتأمين محطة الإرسال التلفزي و الإذاعي على مدار الساعة. وبالرغم من محاولة هذه الجماعات التكفيرية المتكررة نصب كمائن لقوات جيشنا الوطني عند ذهابها إلى أعلى القمة مستغليّن وجود طريق وحيدة يضطر الجيش لسلوكها ولكن فطنة قواتنا العسكرية وخاصة الإستخبارية مكنت في عديد المرّات من تجنب هذه الكمائن بصفة إستباقية وإبطال مفعول عشرات الألغام التي قاموا بزراعتها لإستعمالها في الكمائن.
من جهة أخرى يعتبر تأمين المحطّة في حد ذاته عمل بطولي لقساوة العوامل الطبيعية والمناخية بأعلى قمة موجودة بالجمهورية التونسية حيث يتجاوز إرتفاعها 1400م عن سطح البحر ففي الشتاء تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات دنيا قياسية تضاهي التجمّد ويصعب التأقلم مع هذه الحالة من الطقس المتجمّد ولكن رغم ذلك القوات العسكرية لا تتأخر عن القيام بواجبها في حراسة منشأة حسّاسة مهما كانت قساوة المناخ وتقلّباته.
كذلك هذه الفترة إضافة لتحمل أفراد الحراسة العسكرية لمحطة الإرسال لدرجات حرارة قاسية تجاوزت 40 درجة مائوية فإن هذه الحرارة إرتفعت بالمكان لتتعدّى 50 درجة بحكم إندلاع الحرائق الكثيفة بغابات الجبل المحيطة بمحطة الإرسال، فحرائق قرابة 70 هكتار من الغابات جعلت من الجبل مكانا لا يطاق خاصة أن الحرائق استمرت أياما معدودة بليلها ونهارها.
هذه الحرائق لم ترفع درجة الحرارة إلى مستويات غير مطاقة فقط بل إمتدّت في بعض الأحيان حتّى حاصرت ألسنة اللهب محطة الإرسال ولكن من ألطاف الله أن القوات المرابطة نجحت بكل إقتدار في التحكم في ألسنة اللهب وإطفاء الحريق بجانب المحطة الذي كان سيمتدّ إلى داخلها.
لماذا تركيز الإرهاب على الشعانبي بالذات ؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب في البداية التمعن في تاريخ وجغرافيا المكان ففي نفس هذا المكان وبالضبط قبالة الجبل أين يوجد طريق بولعابة شهدت المنطقة أهم معارك الحرب العالمية الثانية بين القوات الألمانية ضمن قوات المحور والقوات الأمريكية ضمن قوات الحلفاء حيث شهدت معارك شرسة للسيطرة على هذا المعبر لأهميته الإستراتيحية فالذي يسيطر عليه يستطيع أن يبسط نفوذه على الحانيين في إتجاه الغرب نحو العمق الجزائري وشرقا نحو عمق البلاد التونسية شمالا وجنوبا، ومن هنا تأتي الأهمية الإستراتيجية لمحاولة الإرهابيين التمركز في منطقة جبلية تؤمن لهم الإمتداد نحو العمق الجزائري بإعتبار جبل الشعانبي هو إمتداد طبيعي للجبال الحزائرية فيسهل التواصل بين القيادات الإرهابية المتمركزة في تونس فأغلب قيادات كتيبة عقبة بن نافع من الصف الأول هم من أصول جزائرية يتبعون تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي لذلك جعلوا من جبل الشعانبي ممرّا حيويا لا غنى عنه للتنقل بين البلدين وعبور الحدود فتستغلّه العناصر التي تم تدريبها على يد الجماعات الإرهابية المتمركزة بالجبال الجزائرية لعبور الجبل خاصة أن جبل الشعانبي يتميز بكثرة الأودية والهضاب الوعرة والمنحدرات الساحقة التي يصعب إقتفاء الأثر فيها زيادة على غزارة الغطاء النباتي خاصة من الجانب المقابل لمعتمدية فوسانة وعمادة بولعابة فيسلكون الأودية بين الجبال المتفرعة عن الشعانبي ثم يتم الإنتقال من هذه الأودية نحو الجبال الأخرى كجبل سمّامة المقابل.
وهنا نلاحظ أن الخصائص الطبيعية والجغرافية لهذا الجبل وموقعه الإستراتيجي في الربط بين مختلف الجبال الأخرى سواءا الموجودة في التراب التونسي أو الجزائري فجبل الشعانبي يسهّل الربط مع الجبال الجزائرية المتاخمة للحدود التونسية المتواجدة بولاية تبسّة كجبال بئر العاتر إلى حدود ولاية الوادي جنوبا وهو ما يفسّر إنتماء أهم الزعماء الإرهابيين من أصل جزائري كلقمان أبو صخر الذي تم القضاء عليه سابقا في تونس إلى منطقة بئر العاتر الجزائرية والتي يمكن الوصول إليها من تونس عبر إقتفاء ترابط الجبال.
لهذا نجد أن قواتنا العسكرية تركز دائما على هذه المنطقة التي تتخذها الجماعات الإرهابية منطقة عبور وذلك لتضييق الخناق عليها وبالفعل نجحت القوات العسكرية في كسر حلقة التواصل بينها مما ساهم في تحجيم فاعليتها وقتل العديد من أفرادها من خلال عمليات التمشيط البري والجوي والقصف المركّز وهو ما بيّنته التحقيقات مع بعض الإرهابيين الذين تم القبض عليهم أحياءا من قبل القوات الأمنية حيث اعترفوا بمقتل العديد منهم في عمليات التمشيط والقصف ولكنهم كانوا يقومون بإخفاء جثث قتلاهم للمحافظة على تماسكهم.
شارك رأيك