مع إقتراب الإنتخابات في تونس تستعد حركة النهضة لاستقبال الحقائب المالية القطرية، إضافة إلى بعض تحويلات ذوى البر والتقوى من شيوخ الخليج المدرجين على قوام ممولي الإرهاب الأمريكية، إلى جانب “التبرعات” المالية لعدد من الأموات الذين شبعوا موتا.
بقلم أحمد الحباسي
يتساءل بعض المحللين والناشطين في مجال مقاومة الفساد وتتبع المال الحزبي الفاسد عن مصادر تمويل حركة النهضة، فرع الإخوان المسلمين في تونس، خاصة مع انتشار مقراتها في كل الولايات ومظاهر الإنفاق الواضحة في كل المناسبات التي تقيمها أو تحضرها قيادات الحركة خاصة منهم من استولى بعد الثورة على المقاعد الأولى وكان قريبا أو مقربا من مرشدها الشيخ راشد الغنوشى.
تعبئة الفقراء والمحتاجين نتيجة توزيع الإعانات والإغراءات المالية
بحسب كل التحاليل والتسريبات، فإن الحركة تستعد إلى استقبال الحقائب المالية القطرية، إضافة إلى بعض “تبرعات” ذوى البر والتقوى من شيوخ الخليج المدرجين على قوام ممولي الإرهاب الأمريكية، وهذه التحاليل تؤكد بإصرار لافت أن المعركة الإنتخابية القادمة بعد أشهر قليلة ستكون حملة أساسها المال النفطي الملوث، فضلا على أنها ستكشف هذه المرة على طبيعة التحالف بين الإسلام السياسي و الإرهاب والمال القطري الفاسد.
دائما ما تجيب حركة النهضة عن مصادر تمويلها بأنها تعتمد على التمويل الذاتي بمعنى تبرعات و اشتراكات الأعضاء المنتسبين لها.
هذا صحيح في جزء بسيط و لا أحد ينكر أن هناك أموال وتبرعات من عدد كبير من التونسيين العاملين بالخارج وهؤلاء يدفعون نسبة من دخلهم للحركة بعنوان اشتراكات سنوية.
هناك بنوك عالمية في سويسرا و فرنسا و جزر الباهاماس على سبيل المثال يضع فيها تنظيم الإخوان المسلمين العالمي أمواله ومنها تتم التحويلات لفروع الإخوان في كل الدول العربية خاصة بمناسبة الإنتخابات التي يعتبرها التنظيم العالمي فرصة ذهبية لاكتساح المواقع الحكومية و السياسية في تنفيذ حرفي دقيق لما يسمى بسياسة التمكين التي تحدث عنها بإسهاب لافت الشيخ راشد الغنوشى في إحدى الفيدوهات الشهيرة.
يقول القيادي المنسلخ عن جماعة الإخوان في مصر الدكتور ثروت الخرباوى أن ميزانية أي فرع من فروع حركة الإخوان المسلمين في العالم العربي تعادل ميزانية دولة بأكملها، ويؤكد بالمناسبة أن ثقة الإخوان في النجاح في الإنتخابات ليست ثقة متأتية من ثقة الحركة في نفاذ خطابها الديني المحرف للدين بل في قدرتها المالية الضخمة وفي قدرة المنظمات والجمعيات الخيرية والمدارس والحضانات التابعة لها على تعبئة الفقراء والمحتاجين نتيجة توزيع الإعانات والإغراءات المالية لا غير.
لعل ما يربك الساحة السياسية اليوم وما تتخوف منه جلّ الأحزاب المنافسة للحركة هما أمران على غاية من الأهمية، الأول يتعلق بالمال الأجنبي الفاسد (القطري التركي على وجه التحديد) والثاني يتعلق بعدم بت القضاء في مسألة ملفي الإغتيالات التي طالت الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وفي ملف الجهاز العسكري السري لحركة النهضة لأنه لا يعقل كما يرى المحللون أن تقبل هيئة مراقبة الإنتخابات بتنافس حزب توجه إليه مثل هذه الإتهامات المرعبة دون أن يتم البت في الأمر.
عجائب التمويل السري لحركة النهضة وما خفي كان أعظم
لقد بقي موضوع تمويل حركة النهضة سرا كبيرا تم التعتيم عليه من كل الأطراف بما فيه الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وهيئات المراقبة والمحاسبة التابعة لأجهزة الدولة إضافة إلى هيئة مكافحة الفساد برئاسة العميد شوقي الطبيب و بقي الأمر يثير الكثير من الجدل والأسئلة و التكهنات.
إن ثروات كبار قيادات حركة النهضة والتي تعد بالمليارات تكونت من خلال إقامة أغلبهم بالخارج وعمل البعض في دول الخليج التي احتضنتهم بعد هروبهم من الملاحقات الأمنية في عهد الرئيسين بورقيبة وبن علي، كما أن هناك شبهات تتعلق بأن هناك منهم من هم أدوات تجارة العملة وبيع السلاح و تجارة المخدرات وغيرها من المعاملات المحضورة.
ما جاء بتقرير دائرة المحاسبات منذ فترة قليلة حول التمويل المشبوه للأحزاب في الإنتخابات البلدية للعام 2018 مثير ويطرح أكثر من سؤال، لقد تبين بعد شيء قليل جدا من البحث والتدقيق وبالنبش في بعض الوثائق واعتماد كثير من الصبر أن في حركة النهضة مثلا أموات يتبرعون ويتبرعون بسخاء.
طبعا هذه ليست نكتة أفريل المعهودة ولا محاولة تشهير فاسدة وضربا من ضروب إطلاق الإشاعات بغرض تلويث سمعة حركة ملوثة أصلا باتهام ارتكاب الجريمة السياسية والتخابر مع مخابرات أجنبية وتسفير الإرهابيين إلى سوريا وامتلاك جهاز عسكري موازى إلى آخر الإتهامات إياها.
قلت ما ثبت و ما نردده ليس نكتة أفريل بل هي إحدى عجائب الإسلام السياسي و عجائب حركة النهضة بسلامة قدرها: في هذه الحركة حتى الأموات يتبرعون !!! لذلك لا نملك إلا الدعاء بحسن الخاتمة وأن يمن الله على بلدنا الحبيب بالستر المبين.
لو كان لدائرة المحاسبات إمكانيات محترمة كما هو حاصل في البلدان الأجنبية وتوفر لها الوقت لكشفت العجائب وجاءت بفواجع مرعبة حول تسرب المال الفاسد إلى الحياة السياسية في تونس.
هذا مؤكد ولذلك نقول أن التقرير الأخير ليس إلا عينة صغيرة جدا على حجم التمويل ونوعية الفساد، ولعل المواطن البسيط قد ذهل كيف يتم التحويل المالي من الأموات إلى الأحياء وكيف لحركة تدعى تمثيل الإسلام والفضيلة أن ترتكب مثل هذه الخطيئة وكل ذلك من أجل منصب سياسي لا يسمن من جوع عملا بالمقولة الشهيرة “لو دامت لغيرك ما آلت إليك”.
المشكلة مع هؤلاء السياسيين أنهم فقدوا الضمائر للأسف الشديد لذلك لا فرق بينهم وبين الأموات ولعل تمويل الأموات هو من سيهز عروش هذه الأحزاب الفاسدة بمجرد أن ينتفض الشعب من سباته العميق وأن يقوم الإعلام الوطني بدوره المهني لكشف هذا “الخنار” وهنا نشد على ضمائر دائرة المحاسبات لقيامها بواجبها في وقت هزلت فيه بعض الأنفس و باعت ما لديها من بقايا ضمير.
* محلل سياسي.
شارك رأيك