صاحب مقال الرأي المنشور أسفله ضابط متقاعد من الجيش الوطني وهو يقيم وزير الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي المترشح للإنتخابات الرئاسية ليوم 15 سبتمبر 2019 و يحلل الأسباب التي تدفعه إلى عدم التصويت له.
بقلم الأسعد بوعزي *
الآن وقد إستقال السيّد عبد الكريم من منصب وزير الدفاع الوطني بعد ما قدّم ترشّحه لمنصب رئيس الجمهورية أصبح بإمكاني إبداء الرّأي في شخصه بكلّ صدق ونزاهة (في حدود واجب التحفظ).
أولا من حيث مردوده في وزارة الدفاع الوطني:
لعلّني لا أبالغ حين أقول أن وزارة الدفاع الوطني هي الوزارة الوحيدة التي بإمكانها أن تٌسيّر ذاتيّا دون أن يكون على رأسها وزيرا لإدارتها ولعلّها ما كان لها أن تكون بحاجة إلى هذه السلطة أصلا لو تمّ تفعيل منصب رئيس أركان مختلف الجيوش.
إن هذه الوزارة على غاية من التنظيم والهيكلة ولديها من التشريعات والنصوص القانونية والإدارية ما يجعل منها منظومة تدور بدقّة عالية ويجعل من منصب الوزير منصبا سياسيا ليعبّر عن ترسيخ تبعية السلطة العسكرية للسلطة المدنية (على غرار ما هو قائم في جلّ الدول الديمقراطية ) وقد يقتصر عمل الوزير على تمثيل الوزارة والبتّ في توزيع الميزانية بين الجيوش وأخذ القرار في بعض الأولويات.
لذلك كان زين العابدين بن علي يسمّي على رأس هذه الوزارة كلّ من يريد أن يريحه من الجهد على غرار الدالي الجازي الذي عُيّن على رأس هذه الوزارة لمّا كان يعاني من المرض.
ما أريد قوله هو أن السيد عبد الكريم الزبيدي مثل غالبية ممّن سبقوه على رأس هذه الوزارة لم يقدّم إنجازا ذا قيمة بإستثناء السيد محمد جغام الذي قام بإنجازات كبرى على مستوى البنية التحتية.
أمّا أن تحسب للسيد عبد الكريم الزبيدي الحرب على الإرهاب فهذا حيف وظلم في حقّ مختلف الجيوش والقادة الميدانيين الذين تحسب لهم ولوحدهم كل الإنتصارات التي تمّ تحقيقها بعد أن رفع الفريق أول رشيد عمّار يده عن الوزارة لمّا ثبت فشله في أداء مهامه.
ثانيا من ناحية الشروط الواجب توفرها في رئيس الدولة :
إن رئيس الدولة بحكم مهامه الدستورية لا بد أن يكون رجلا يجمع بين السياسة والديبلوماسية والقدرة على تحليل الأوضاع الجغراسياسية وعلى الإستشراف والمعرفة بالقانون والثقافة. ومن هنا يتّضح أن الشهائد العلمية في مجال الطبّ مهما تعددت ومهما كان مستواها لا تكفي لوحدها لإدارة الدولة وعلينا ألاّ ننسى أن السيد الزبيدي صرّح بعظمة لسانه في مجلس نواب الشعب أنه لا يمكنه أن يكون رجل سياسة لعدم قدرته عن الكذب. وهو فهم غريب فعلا للعمل السياسي فهل قرر السيد الزبيدي الذهاب إلى قصر قرطاج لأنه قرر أخيرا أن يبدأ بالكذب ؟
ثالثا من حيث القدرة على الدفع بالبلاد نحو الأفضل:
من المؤكد أن رئيس تونس المقبل سوف يكون كمن يرقص مع الثعابين. فهو مطالب بأن يوفّق بين الحكمة وقوّة البصيرة ورجاحة العقل كي يحافظ على السلم الأهلى واللحمة الوطنية التي بدونها لا يمكن للدولة أن تتقدم وبين الجرأة اللّأزمة لفتح بعض الملفّات التي بدون تسويتها لا يمكن تحقيق اللحمة بين التونسيين.
لا بدّ على الرئيس المنتخب أن يكون له ما يكفي من الشجاعة لفتح ملفات الإغتيالات والتسفير والجهاز السرّي ووضعها بين أيدي قضاء نزيه ومستقلّ ليتحمل كلّ من أجرم في حق التونسيين مسؤولياته بما يسمح بالمصالحة من أجل البناء على أسس صلبة.
وإن كان السيد الزبيدي على غاية من رجاحة العقل والحكمة ونظافة اليد والنزاهة فإني لا أراه على غاية من الجرأة لفتح هذه الملفات وهو ما يحتّم عليّ ألاّ أصوّت لفائدته.
* ضابط متقاعد من البحرية.
شارك رأيك