لم يعد ممكنا مزيد الصمت على ما يفعله السيد ماهر زيد، طبعا نحن لا نقلل أو نعظم من شأن هذا الشخص الذي يقول المتابعون والمحللون أنه يعيش من فتات ما يقدمه من “مادة إعلامية ” مشبوهة وموجهة وغالبا مفبركة وغير صحيحة، لكن من المهم أن نطرح السؤال حول هذا الخيط الذي يجمعه بحركة النهضة وقناة الجزيرة وبعض حكام التحقيق ورموز تبييض الإرهاب والدفاع عنه في المحاكم و وسائل الإعلام.
بقلم أحمد الحباسي *
تقول بعض المصادر الموثوقة أن الرجل لا يكتفي بهذا الترابط بينه و بين هذه العناصر بل له ارتباطات معينة ببعض الأجهزة في الدولة وفي مساحات معينة يشتغل فيها رجال الأعمال وبعض المهربين، ولعل هناك إشارات معلنة تتهم مجلس النواب بالصمت، كما تتهم النيابة العمومية بعدم فتحهما لملف السيد ماهر زيد خاصة عند مشاركته المشبوهة فى إعداد “وثائقي” يتهم زوجة الشهيد شكري بلعيد بالمشاركة في عملية الإغتيال.
بالطبع هناك سؤال ملح ينتظر الجواب يتعلق بالأسباب المنطقية التي تدفع هذا الشخص للتصويب دائما في نفس الإتجاه وهذا الإصرار العجيب على مواصلة نفس التصرف رغم انكشاف الدور الذي يلعبه لفائدة طرف حزبي حاكم متهم بالمسؤولية على اغتيال الشهداء لطفي نقض وشكري بلعيد والحاج محمد البراهمى.
من أين يستقى ماهر زيد بعض تفاصيل التحقيق مع العناصر الإرهابية ؟
لقد تعودنا على هذا التصرف يتكرر وهذه التبريرات المتعلقة بكونه شخص مهتم بالبحث عن الحقيقة تتلى علينا ليلا نهارا، لكن لسائل أن يتساءل ما علاقة السيد ماهر زيد بملف الإغتيالات ومن أين يستقى بعض تفاصيل التحقيق مع العناصر الإرهابية و من كلف هذا الشخص بإعداد وثائقي قناة الجزيرة حول اغتيال الشهيد شكري بلعيد في تلك الفترة التي تراكمت فيها الأدلة والتحقيقات والتصريحات والإعترافات حول وجود الغرفة السوداء التي بذلت حركة النهضة وكل وزراء الداخلية الذين تعاقبوا بعد الثورة للتعتيم عليها وعلى نفى وجودها أصلا وحول الوجود الفعلي للجهاز العسكري السري المكلف بالاغتيالات و متابعة ورصد تحركات المعارضة وإعداد الخطط للإستيلاء على الحكم إضافة إلى الأصوات المنادية بفتح ملف تسفير الإرهابيين إلى سوريا و بقية بؤر التوتر في العالم إضافة إلى ملفات أخرى لا تقل أهمية مثل ملف التمويل الأجنبي للحركة وملف تسليم البغدادي المحمودى وملف علاقة حركة النهضة مع جهات صهيونية مشبوهة ليست بعيدة عن توجهات الشخصية الفرنسية المعروفة بعلاقتها بالمشروع الصهيوني في المنطقة العربية برنار هنري ليفي والسيناتور الأمريكي المقرب من الصهاينة جون ماك كاين، إلخ.
طبعا كان لا بد من طرح كل هذه الأسئلة الحارقة خاصة بعد الفشل الذريع الذي لاقاه الوثائقي الأعرج الذي جاء حاملا مضمونا تلفيقيا مزورا لم يقنع أحد من المتابعين.
ماهر زيد، الذي نعرفه و نعرف “تاريخه” و نرجسيته وحبه المفرط للظهور والمال المشبوه، لا يمكن أن يتجرأ على استحضار كل هذه الأرواح الشريرة و إطلاق هذه العاصفة من الأراجيف و الإشاعات والإتهامات الباطلة ضد أرملة الشهيد السيدة بسمة الخلفاوى ومحاولة تشويه سمعتها في تصرف يندى له الجبين دون أن تقف وراءه جهة داخلية انكشفت حقيقتها المأسوية للرأي العام خاصة بعد اعترافات أحد أعوان جهازها السري السيد مصطفى خذر وتنقل حاكم التحقيق لوزارة الداخلية لإثبات وجود الغرفة السرية التي أنكرت وجودها من الأساس وجهة خارجية خليجية متآمرة على تونس بات الجميع يتساءل عن نتيجة التحقيقات التي أذنت النيابة العامة بتونس بفتحها ضدها في خصوص فضيحة التجسس التي تحدثت عنها جريدة “الشروق” خلال شهر فيفرى 2018.
ماذا بعد مداهمة الشرطة منزل القيادي في حركة النهضة عبد العزيز الدغسنى ؟
ربما يأتي اتهام السيد ماهر زيد لأرملة الشهيد شكري بلعيد بكونها تعمدت إخفاء هواتف الضحية والتي برأها قلم التحقيق منها في سياق التشويه المتعمد والمدسوس، خاصة وأن حركة النهضة لم تهضم تحول قاضى التحقيق لأول مرة منذ اغتيال الشهيد إلى وزارة الداخلية والقيام بتحرير المحجوز أو ما تبقى منه ولم يختلس وباتت تبحث كالعادة بكل الطرق توجيه الأنظار إلى جهات أخرى، لكن مداهمة الشرطة منذ أسبوعين تقريبا منزل القيادي في الحركة عبد العزيز الدغسنى، أحد المشتبه بهم الرئيسيين في ملف الجهاز السري و في اغتيال الشهيدين بلعيد و البراهمى وممارسة التجسس واختراق أجهزة الدولة و ملاحقة المعارضين السياسيين للحركة، قد زاد في توترها وارتباكها بدليل الصخب المشبوه الذي أثاره رئيس الكتلة النيابية السيد نورالدين البحيرى المعروف بتفخيخه و تجييره للمنظومة القضائية والوقوف في وجه التحقيق الجدي في ملف الاغتيالات.
ربما تكون لهذه المداهمة غير المنتظرة حقيقة دوافع لها علاقة بملف الجهاز السري لحركة النهضة لكن من الواضح أن هناك تطورا معتبرا وملحوظا في التعاطي القضائي والأمني مع تفصيلات قضية الإغتيالات وملف تسفير الجهاديين بل أن التوقيت يؤشر لمرحلة من المتغيرات ذات الدلالة خاصة والبلاد على بعد أمتار من الاستحقاق الرئاسي والتشريعي الذي يجمع الملاحظون على أنه سيشهد تغييرا ملحوظا على كل المستويات.
لذلك من المنتظر أن يخرج علينا السيد ماهر زيد بمفاجأة مرسومة بإتقان شديد يرمى من ورائها مساندة الحركة التي تعانى من حالة تدنى غير مسبوقة في الشعبية و من لغط مرتفع بين أهم قياداتها خاصة بعد “مجزرة” ملف التعيينات الإنتخابية التي أدت إلى سقوط رموز لها وزنها مثل عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم وحاتم بولبيار.
في كل الأحوال لا تزال الإتهامات تلاحق السيد ماهر زيد ولا يزال الرجل يمثل أداة مشبوهة تحركها أطراف من وراء الستار آلت على نفسها خدمة مشروع الإخوان في إنشاء الخلافة السادسة و لعل الحركة ستدفع هذه المرة فاتورة باهظة لتنكرها المهين لرئيس الدولة الراحل المرحوم الباجى قائد السبسى و لمحاولتها إبعاد رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد عن المشهد السياسي باسم اتفاق قرطاج الذي كانت أول من استعجلت نقضه.
* محلل سياسي.
شارك رأيك