هناك معطيات كثيرة تشير إلى أن “ثورة” جانفي 2011 لإسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي وإعطاء الفرصة للإسلام السياسي كانت مدبرة في الخارج في إطار صفقة قذرة لا تزال خفاياها محل نقاط استفهام كثيرة.
بقلم أحمد الحباسي *
بداية، من مول سفر بعضهم للخارج للتدريب على كيفية صنع الثورة في الشارع، من مول تلك الوجوه المشبوهة التي رأيناها بأم العين تقود المظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة ساعات قبل انهيار نظام الرئيس زين العابدين بن على؟
بعض تلك الوجوه تنتمي كما كشفت وسائل الإعلام العربية والعالمية إلى تيار أو مجموعة “طلعت ريحتكم” وهي مجموعة لبنانية من النشطاء تكونت على مواقع التواصل الإجتماعي تحت يافطة التنديد بسوء التعامل الحكومي مع مشكلة تكدس أكوام القمامة، تعددت الإشاعات لكن المؤكد أن هناك شخوصا لبنانية مشبوهة دربتها المخابرات الأمريكية للإطاحة ببعض الأنظمة بحيث لاحظ المتابعون أن المظاهرات التي حدثت في تونس لها شبه قوى و مثير للإنتباه بالمظاهرات التي سميت ب”الثورات الملونة” التي اجتاحت صربيا سنة 2000 وتصاعدت بعد ذلك في أوكرانيا وجورجيا وقيرقستان ولبنان في عملية استنساخ غريبة.
برامج لتدريب و تأهيل “الثوريين المحترفين”
لقد حان الوقت لمعرفة السر المريب و معرفة “الشبح” الذي مول هذه الجماعات لأنه من المؤكد أن هناك من موّل هذه التحركات بذلك الزخم واللافتات الجاهزة وسرعة التواصل الإعلامي مع قنوات مشبوهة بعينها بحيث يتساءل المتابع كيف استطاعت تلك المجموعات أن تحشد تلك الأعداد المهولة بسرعة وتنظم الساحات وتطبع الشعارات وتأتي بالمشاركين من كل الولايات، لقد كان هناك مخطط إستراتيجي وضع خارج البلاد وأن “الناشطين” لم يلتقوا بالصدفة بل هم وكما تسرب من بعض التقارير الإعلامية جزء من منظمة مشبوهة تدعى”مينابوليس” مقرها في تركيا متخصصة في تدريب الناشطين على التغلغل في المظاهرات الشعبية الرامية لتغيير الأنظمة العربية بحيث لعبوا أدوارا خبيثة و نوعية في الثورة التونسية، من بين هؤلاء العملاء مروان معلوف، عماد بزّى، نزار غانم، كاترين ماهر الذين تم تفويضهم، حسب بعض التسريبات الإعلامية، للانتقال إلى تونس للمساهمة الفاعلة في المظاهرات وتبادل الخبرات والمعلومات، كما أنهم كانوا من أبرز المشجعين لعدة ناشطين تونسيين لتلقى “دروسا” معينة بمكاتب هذه المنظمة والمشاركة في دورات تدريبية ناهزت السنة والنصف مع زملاء من لبنان و مصر و ليبيا و اليمن.
نحن لا نذيع سرا عندما نتحدث عن تمويل أجنبي و عن مشاركة و مساندة و تغطية إعلامية مشبوهة، كما أنه ليس سرا أن وزارة الخارجية الأمريكية قد خصصت اعتمادات مالية ضخمة لتدريب و توفير العدد البشري اللازم و الكفء لوضع تلك الكفاءة على ذمة المتظاهرين حتى تكون هناك تكتيكات و خطط و تصرفات مدروسة بعناية شديدة لإعطاء المظاهرات طابعا سلميا مدلسا، كما أنه كان مطلوبا من هؤلاء “الثوريين المحترفين” أن تكون المظاهرات منظمة بشكل يشتت انتباه و قدرة المؤسسة الأمنية لتسهيل قيام بعض ” المتظاهرين ” بعمليات نوعية تستهدف مقرات أمن الدولة و أرشيف وزارة الداخلية.
مشروع “الفوضى الخلاقة” الأمريكي وراء ما يسمى “الربيع العربي”
يؤكد المتابعون أن هذه التكتيكات المتبعة في تونس هي من تستخدمها منظمات مثل فريدوم هاوس ومينابوليس مرتبطة بالإدارة الأمريكية لإسقاط الأنظمة العربية التي باتت مغضوبا عليها بحكم تآكلها أو بسبب كونها قد أصبحت عقبة أمام سرعة تنفيذ مشروع “الفوضى الخلاقة” خاصة بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين.
منذ أشهر قليلة فقط فاجأ موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” متابعيه بحذف مئات الصفحات إضافة إلى بعض الحسابات المزيفة بعد أن اكتشف أنها تدار من طرف شركة إسرائيلية تستهدف التأثير في سير الإنتخابات التونسية وأن شركة “أرخميدس” الإسرائيلية قد أنفقت ملايين الدولارات لبث إعلانات مغرضة للتلاعب بالرأي العام والتأثير عليه للتصويت لفائدة مرشح معين.
طبعا لا يعتبر هذا الخبر جديدا لأن اهتمام المخابرات الصهيونية بتأزيم الوضع في تونس ليس وليد اليوم أو وليد الصدفة بل يدخل في نطاق تحييد الوجدان التونسي المعادى للوجود الصهيوني الغاصب للأرض الفلسطينية.
في هذا السياق يجمع الملاحظون أن الأطراف التي دفعت الأموال الملوثة سنة 2011 لإسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن على وإعطاء الفرصة للإسلام السياسي في إطار صفقة قذرة لا تزال خفاياها محل نقاط استفهام كثيرة هي نفس الأطراف تقريبا لتي تدعم ما يسمى ب”الربيع العربي” و تسعى اليوم بنفس الأساليب ذاتها لتأبيد الفوضى ونشر ثقافة الإرهاب.
* محلل سياسي.
شارك رأيك