كتب الأستاذ محمد سعيد أستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس تدوينة في صفحته فى الفايسبوك أوضح فيها الجدل القائم منذ أيام حول بطاقة الإيداع بالسجن لصاحب قناة نسمة السيد نبيل القروي المترشح للإنتخابات الرئاسية التي أصدرتها دائرة الإتهام بالقطب القضائي المالي.
بقلم محمد سعيد *
تطرح هذه القضية مشكلا قانونيا على غاية من الدقة والاهمية يتمثل في معرفة ما اذا كان من صلاحيات دائرة الاتهام اصدار بطاقة ايداع بالسجن في حق متهم رفع لها مطلب استئناف طعنا في قرار صادر عن حاكم التحقيق يقضي بتحجير السفر عليه وتجميد امواله ؟
هناك رايان :
1) راي اول يجيب بالنفي وذلك اعتمادا على حجتين قانونيتين :
الحجة الاول : لا يجوز لدائرة الاتهام اصدار بطاقة ايداع ضد المتهم الا عند النظر في الاصل اي عند صدور قرار في ختم البحث عن حاكم التحقيق.
الحجة الثانية : لا يجوز لدائرة الاتهام اصدار بطاقة ايداع ضد المتهم لما في ذلك من خرق للمبدا العام الناص على انه ” لا يضار الطاعن بطعنه “.
2) الراي الثاني يعتبر انه من حق دائرة الاتهام اصدار بطاقة ايداع ضد المتهم بناء على ثلاث حجج وهي :
الحجة الاولى : تجد الامكانية المخولة لدائرة الاتهام باصدار بطاقة ايداع ضد المتهم اساسها القانوني في الفصل 117 م ا ج الذي ينص صراحة على ما يلي :
“يجوز دائما لدائرة الاتهام ان تصدر بطاقة ايداع ضد اىمظنون فيه كما يجوز لها ان تاذن بالافراج عن المظنون فيه الموقوف بعد سماع ممثل النؤابة العمومية”.
ويفهم من عبارة “يجوز دائما” الواردة بهذا الفصل ان مجال نظر دائرة الإتهام في اصدار بطاقة ايداع بالسجن او الاذن بالافراج واسع جدا اي انه يمتد على جميع الحالات التي تتعهد فيها داىرة الاتهام بموجب استئناف او بموجب احالة من محكمة اخرى ولا ينحصر هذا المجال في الحالة التي تتعهد فيها دائرة الاتهام بالأصل أي عند صدور قرار في ختم البحث عن حاكم التحقيق.
الحجة الثانية : تمارس دائرة الاتهام وظيفتين مختلفتين ومستقلتين وهما الوظيفة التحقيقية والوظيفة القضائية فعندما تصدر دائرة الاتهام بطاقة ايداع بالسجن تطبيقا للفصل 117 م ا ج فانها تمارس وظيفتها التحقيقية دون وظيفتها القضائية وبالتالي لا ىزوم لانتظار صدور قرار في ختم البحث عن حاكم التحقيق.
الحجة الثالثة : لا مجال للحديث عن المبدا القائل بان الطاعن لا يضار بطعنه في باب التحقيق لسببين اثنين :
السبب الاول : لم يكرس المشرع صراحة هذا المبدا الا بالنسبة للطعن بالاستئناف في الاحكام الصادرة ابتدائيا عن محاكم الحكم وذلك ضمن الفقرة الثانية من الفصل 216 م ا ج دون الطعن بالاستئناف في القرارات الصادرة عن حاكم التحقيق بوصفه محكمة تحقيق من الدرجة الابتدائية.
السبب الثاني : لا ينطبق المبدا القاىل بان الطاعن لا يضار بطعنه منطقيا الا على الطعن بالاستىناف ضد الاحكام الصادرة عن محاكم الحكم دون الطعن بالاستئناف ضد محاكم التحقيق (اي حاكم التحقيق) لان الضرر لا يمكن ان يقاس الا بمقارنة العقوبة المسلطة ابتدائيا والعقوبة المسلطة استئنافيا من طرف محاكم الحق العام وهذه المقارنة تصبح لا معنى لها عندما تجرى بين قرار صادر عن حاكم التحقيق وقرار صادر عن دائرة الاتهام فما هو معيار الضرر بين هذين القرارين يا ترى.
الحجة الرابعة : لا يقوم مبدا التاويل الضيق للنص الجزائي عائقا امام الصياغة الواسع للفصل 117 م ا ج والتاويل الواسع له لان هذا الفصل هو نص اجرائي ومن المعلوم ان مبدا شرعية الجرائم والعقوبات لا ينسحب الا على النصوص الجزائية الاصلية اي النصوص التجريمية والعقابية دون النصوص الجزائية الاجرائية.”
* أستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس.
شارك رأيك