لا يصح الحديث عن حملة انتخابية وتكافئ فرص واقتراع وطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية بحق السيد نبيل القروي لأنه سجين فقد أهلية الانتخاب والترشح بحكم القانون. فقد كان على الهيئة عندما نظرت في قبول ترشحه أن تطبق في حقه الفصل المتعلق “بالناخب” فتشطبه باعتباره من الأشخاص الذين فقدوا أهلية الانتخاب لإخفائه عنها في ملفه وضعه المالي والعملي بالقضاء.
بقلم الدكتور المنجي الكعبي
في الانتخابات، القانون صريح في الشطب من سجل الناخبين “الأشخاص الذين فقدوا أهلية الانتخاب” (الفصل السابع).
ولكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عندما نظرت في قبول ترشح السيد نبيل القروي – خفف الله عنه – لم تراع فيما يبدو سوى الفصل 5 من القانون الانتخابي الذي يتعلق “بالترسيم في سجل الناخبين” حيث يقول:”لايرسم بسجل الناخبين الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة تكميلية على معنى الفصل 5 من المجلة الجزائية، تحرمهم من ممارسة حق الانتخاب.”
تعامت الهيئة عن الفصل 157 من القانون الإنتخابي
فالسيد القروي، في نظرنا،لاينطبق عليه الفصل الخامس بل الفصل السابع، لأنه مسجل أصلاً كناخب والمتعين بحقه النظر في شطبه من سجل الناخبين وليس ترسيمه به، لأنه فقد أهلية الانتخاب. وإنما فقد أهلية الانتخاب لأنه مشمول بالجرائم الانتخابية التي ينص عليها القانون نفسه في الفصل 157 منه الذي جاء فيه: “يعاقب بالسجن (…) كل شخص (…) يخفي حالة حرمان نص عليها القانون، وكل من أورد عمداً بيانات كاذبة (…) في مطلب ترشحه”.
والسجن، بقطع النظر عن صفة من هو فيه من غير أعوانه، نزيلُه محروم من حرية الانتخاب. فلا بحث إذن عن كون السيد القروي متهم أو غير محكوم عليه بعدُ، ومن باب أولى وأحرى الخوض في كونه بريء حتى تثبت إدانته. فهو نزيل بالسجن، وهذه الصفة وحدها هي التي تجعله فقد أهلية الانتخاب واقعاً.
وكل حديث عنه، له علاقة بالحملة الانتخابية وتكافئ الفرص والاقتراع والطعن في النتائج، لا يصح بحقه كسجين فقد أهلية الانتخاب بحكم القانون.
أليس هذا من باطل القول في حق غيره، إذا كنا نرغب أن نسحب حالته على سائر الناخبين والمترشحين فنحرمهم من أن يمارسوا حقهم المضمون قانوناً بالضغط أو التلاعب أو التهديد، أو وهو أخطر أن نجازف بسببه بإسقاط الانتخابات؟
فالهيئة كانت أمام حالة طلب ترشح للانتخابات الرئاسية، ولمجرد كون المترشح أصبح بعد أيام بالسجن نظرت في صفة إيقافه القضائية ولم تراع سوى تطبيق الفصل 5 من القانون الذي يعدد صور الحرمان المنصوص عليها فيه. فأقرت صحة ترشحه.
وقد تكون غفلت عن الفصل 157 من القانون نفسه الذي يتحدث عن الجرائم الانتخابية، والتي ينص ذلك الفصل فيه على الأشخاص الذين “فقدوا أهلية الانتخاب”.
الاجراءات القضائية ضد نبيل القروي بدأت قبل تقديم ترشحه
فالسيد نبيل القروي تم إيداعه السجن أياماً بعد تقديم طلب ترشحه للانتخابات الرئاسية كنتيجة منطقية لإجراءات قضائية، متخذة ضده بشكل متواصل منذ وقت طويل سابق لهذه الانتخابات. فقد كان على الهيئة عندما نظرت في قبول ترشحه أن تطبق في حقه الفصل 7 المتعلق “بالناخب” فتشطبه باعتباره من الأشخاص الذين فقدوا أهلية الانتخاب لإخفائه عنها في ملفه اتصال وضعه المالي والعملي بالقضاء.
وبإمكان الهيئة بعد التورط في هذه الخلل الاجرائي أن تبحث عن قرار جرئ بشكل يؤمن لها الخروج من الأزمة برأس مرفوع وحق مضمون لجميع الأطراف المشاركة والمسؤولة عن نجاح هذه الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها. ولعلها علّتها هذه هي لطبيعتها الاستثنائية التي لم تتوقعها قوانيننا.
والعدالة لا تطلب في قصر العدالة أو في محيطه فقط أو في الهيئات الدستورية وإنما تطلب كذلك في ضمير كل إنسان في أية مسؤولية كانت قد تنازعه نفسه في إخفاء العدالة عن غيره.
* باحث جامعي ونائب سابق في البرلمان.
شارك رأيك