أحيت تونس و الانسانية قاطبة يوم أمس الخميس 10 أكتوبر 2019 اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الاعدام. و يحتفى به هذا العام تحت شعار: ” الأطفال ضحايا غيرر مرئيين لعقوبة الاعدام”.
بقلم فتحي الهمامي *
و ياتي هذا الشعار بصفته إشارة إلى ما يعانيه أطفال الأشخاص المحكوم عليهم بالاعدام من أثار سلبية عميقة تهز توازنهم النفسي و من انتهاك جسيم لحقوقهم الانسانية كأطفال.
فالطفل يتعرض إلى صدمة عنيفة قد تحدث في أي من مراحل عقوبة الإعدام في حق واحد من والديه: الاعتقال، والمحاكمة وإصدار الحكم والانتظار في عنابر الموت وإعلان تاريخ الإعدام وتنفيذ الإعدام والمرحلة التالية للاعدام.
كما تلاحقهم وصمة العار من المجتمع الذي يعيشون فيه إضافة إلى فقدان أحد الأبوين بفعل الدولة، كل ذلك قد يعزز عمق الاضطراب في الحياة اليومية.
و في هذا اليوم أعلن أحرار العالم و حقوقييها أنهم على العهد في النضال ضد هذه العقوبة المشينة و الانتصار للحق في الحياة إذ تؤكد الأرقام أن عقوبة الاعدام في تقهقر مستمر، و هذا ما تظهره الأرقام التالية:
• 106 دولة ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم.
• 8 دول ألغت عقوبة الإعدام للجرائم العادية
• 28 دولة ألغت عقوبة الإعدام في الممارسة
• 56 دولة لا تزال تحتفظ بعقوبة الإعدام
• 20 دولة نفذت إعدامات في عام 2018
أما الدول العشر الأكثر تنفيذا للإعدامات في سنة 2018 فهي: الصين، وإيران، والمملكة العربية السعودية، وفيتنام، والعراق، ومصر، والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وباكستان وسنغافورة.
و قد احرزت تونس في مجال قطع دابر هذه العقوبة النكراء تقدما ملحوظا إذ توقفت على تنفيذها منذ عام 91 و إلتزمت في الأمم المتحدة على عدم الرجوع إلى ممارستها، إضافة إلى ما أقره دستور البلاد من أن “الحق في الحياة مقدس” .
وكانت سجون البلاد قد شهدت بعد الثورة إلغاء حالة العزلة التي كان عليها نزلاء عنبر الموت إذ اصبحوا يتمتعون بالحق في الزيارة من ذويهم و كذلك حولت أحكامهم من الاعدام إلى السجن المؤدب.
و لا شك أن هذا التوجه الانساني الذي دابت عليه بلادنا بحكم تأصل التوجه الاصلاحي و التحرري في وجدان ابناءها مدعو إلى مزيد التعميق و التأصيل و ذلك بالاقلاع نهائيا عن عقوبة وحشية لفظها العالم و اثبتت الاحصائيات كافة و مختلف التجارب عدم جدواها في ردع الجريمة و محاصرتها.
فما علينا إذن إلا الالتحاق بركب البلدان المتحضرة التي الغت نهائيا عقوبة الاعدام و ذلك بشطبها نهائيا من قائمة العقوبات المنصوص عليها في القانون.
* مناضل وباحث في حقوق الانسان.
شارك رأيك