الخطاب الرسمي الأول لرئيس الجمهورية التونسية الجديد قيس سعيد أمام مجلس نواب السعب أمس الأربعاء 23 أكتوبر 2019 خطاب تسحرك لغته حتى تكاد تذهل عن مضامينه.
بقلم عبد الرزاق بالرجب
هذا الخطاب يحفز خيالك فتتبع الناس الحفاة العراة المصممين على التغيير لا يثنيهم الحر و لا الأنواء يقصدون مكاتب الاقتراع راجلين أو على ظهور الدواب و تتصور الإرهابي و قد أمطره رصاصا لا يحد و لا يعد.
خطاب يوظف السرد و الشعر و القرآن و يبعث فيك الأمل والنشوة فترى خزائن الدولة و قد فاضت و ترى قيود الديون و قد كسرت، خطاب يغتصب منك التصفيق اغتصابا.
لكن لو كان للرئيس صلاحيات أوسع…
خطاب بعث برسائل عديدة بلاءاته الكثيرة فلا تسامح مع الفاسدين و لا تراجع عن مكاسب المرأة و لا مجال للتراجع عن تعهدات تونس الدولية…
في الحقيقة خطاب الرئيس الجديد مطمئن إلى أبعد الحدود و لكن لو كان للرئيس صلاحيات أوسع.
وهنا مكمن الفرس إذ تحدث الرئيس في كل شيء تقريبا لكنه أهمل نقطة تشغل الرأي العام حاليا و هي تكوين الحكومة الجديدة و التي تبدو حسابيا غير ممكنة التشكل حاليا نظرا لما أفرزه الصندوق من تشتت يستحيل معه تكوين أغلبية في مجلس النواب.
ما يجب الانتباه إليه أيضا حديث الرئيس عن عصر جديد عصر غير مسبوق عن تغيير جدير بالتدريس في الأكادميات و مؤسسات البحث ، تغيير سيزلزل ما ترسخ من مفاهيم سياسية منذ عشرات العقود. ما هي ملامح هذا التغيير إذا و ما هي سبل تحقيقه ؟
أما الهبة الشعبية و التغيير بالصندوق فقد سبقتنا له عدة شعوب كبوليفيا التي استطاعت التخلص من النظام القديم و تصعيد مورالس رئيسا للبلاد.
في انتظار لحظة عجز النهضة عن تكوين حكومة
أعتقد أن الرئيس لن يتدخل في تكوين حكومة النهضة و حلفائها و لن يعينها حتى بإيماءة من رأسه… سينتظر بصبر متناهي عجزها عن تكوين الحكومة سيفرض حكومته و سيتمنى سقوطها إذا لم يدفع نحو إسقاطها دفعا حتى يحل مجلس النواب و سيدعم أحزابا أو قوائم مستثمرا ثقة الشعب فيه و إجماع الناس غير المسبوق حول شخصه و بذلك يصبح الطريق مفتوحا لتشكيل مشهد كامل من إنتاجه و إخراجه و ربما أيضا نقح الدستور و دشن عصر الديمقراطية المباشرة التي يبشر بها. اللحظة سانحة لكنها لن تدوم طويلا…
* كاتب و باحث في الحضارة.
شارك رأيك