ننشر هذه التدوينة لسفير تونس الحالي بالعراق والقنصل العام التونسي السابق في ليبيا في فترة اندلاع الأزمة في هذا البلد وهي تساعد على فهم العلاقة بين تونس وليبيا وتثمن موقف الرئيس الحالي قيس سعيد ومحاولته لحلحلة الأوضاع وتقريب الأطراف الليبية من بعضها البعض.
بقلم ابراهيم الرزقي *
على اثر زيارة الرئيس التركي إلى بلادنا تعالت عديد الأصوات وكثر المحللون المختصون في الشأن الليبي كالعادة وانا متأكد أن قلة قليلة منهم تعرف ليبيا سواء طرابلس أوالمنطقة الشرقية والصراع الدائر فيها وأسبابه الحقيقية ومن يقف وراءه…
لا علينا من هذا كله… عندما تقرا كل التحاليل تجدها تصب في أن تونس “ما يلزمهاش تنحاز ويلزمها تبقى على الحياد” واحد يقول “إيجابي” والآخر يقول “سلبي” والاخر “حياد وبرا” و الاخر “أخطانا بربي وهذا شأن داخلي”…
لا يا سيدي تونس ما يلزمهاش تبقى على الحياد يلزم يكون عندها موقف سياسي ودبلوماسي على غرار مصر أو النيجر أو التشاد أو فرنسا أو روسيا …
اذا تحب تونس تواصل تحافظ على مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع دولة ليبيا يلزمنا نكونوا فاعلين ويكون عدنا دور في إيجاد حلول على أرض الواقع ونفرضو وجودنا على جميع الفرقاء الليبيين…
يلزم الناس تعرف اللي الطيارة من طرابلس الى تونس العاصمة ساعة الا ربع طيران … ومن زوارة على الحدود الى جربة عشرة دقايق… الطيارة دوب ما تطلع تدخل للمجال الجوي التونسي… تونس وقت تأزمت الأوضاع في ليبيا كانت هي بر الأمان للاخوة الليبيين من مختلف المدن شرق وغرب وجنوب وجبل نفوسة… الاخوة المصريين لولا مساعدات تونس وتسهيلاتها لما وصلوا لديارهم وانا نعرف في أوقات معينة في الشرق الليبي توانسة وحلوا ومانجمنا اندخلوهم لمصر كان بشق الانفس.
لذا نحن مدعوون كلنا حسب اختصاصه إلى مساندة القرار السياسي التونسي وعدم تميعه واضعافه بإعطاء صورة سلبية على التعاطي مع الملف الليبي…
في الختام ما قامت به الرئاسة التونسية من خطوات جريئة لحلحلة الازمة في ليبيا وإعادة تموقعنا في هذا الملف شخصيا اعتبره عين الصواب وقد سبق وأن ناديت بذلك منذ سنة 2015 ونصحت بأن نواصل دعمنا لجارتنا ليبيا كلفنا ذلك ما كلفنا وخاصة المدن الحدودية وصولا إلى مصراتة…
وبالفعل الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي كان أكثر شخصية تفاوضت مع طرفي النزاع في الغرب والشرق الليبي… لكن للأسف الأخوة في الشرق الليبي يقولوها صراحة نحن أقرب لمصر من تونس ومن حقهم قول ذلك باعتبار المحافظة على مصالحهم وقرب حدودهم مع مصر الشقيقة.
في الختام وبحكم تجربتي الدبلوماسية المتواضعة في هذا البلد الشقيق الذي عشت وعملت فيه غربا وشرقا منذ 2010 أنصح بمزيد التحرك والمبادرة والتموقع الحقيقي الفاعل في هذا النزاع بما يحفظ امن واستقرار ليبيا وتونس بالأساس.
وكما قال الراحل الحبيب بورقيبة “تقف مصالح تونس مع اخر مدينة ليبية تاكل الكسكسي”… والفاهم يفهم…
* سفير تونس بالعراق.
شارك رأيك